تفرج الموريتانيون خلال عطلة الأسبوع على رئيس التكتل أحمد ولد محمدن ولد داداه في لحظة حل من المروءة والحياء الراسخ في قيم مجتمعنا وقواعد وأساسيات الاختلاف المضمنة قوانين وأعراف العمل السياسي بصفة عامة والحملات الانتخابية بصفة خاصة. تابع الرأي العام باستهجان صدور هذا النوع من الألفاظ من شخص مسن، يواصل عرض نفسه وما تبقى من حزبه على الموريتانيين في المواسم الانتخابية؛
بعد بضع سنين من التهرب من المسؤولية المزري بالمروءة تحت شعار "مقاطعة" استثنت تمويل الخزينة العمومية وجوازات السفر الدبلوماسية، يعود رئيس حزب التكتل ليخاطب الموريتانيين بنفس منطق أواخر العشرية الماضية في حالة نادرة من توقف الساعة البيولوجية للرجل الذي أفقده الاحساس بحركية الزمن المتوقف عند خسارته لأول انتخابات رئاسية سنة 2009، كانت الأنظف حسب المراقبين الدوليين، حيث أشرفت عليها حكومة أوكلت وزارتها السيادية لحزبه إضافة إلى رئاسة اللجنة المستقلة للإنتخابات وثلثي أعضائها.
إن مغازلة بارونات دعاة رحيل الأمن والاستقرار التي أطلقها الرجل الطاعن في السن والمروءة تشكل تعبيرا عن إفلاس في الطرح وضحالة في القدرة على الابداع والابتكار لبرامج قادرة على تقديم البدائل و جذب الناخب، ليلجأ إلى إعادة مشينة ومقرفة لرجيع شعارات فارغة لفظها الشعب واعترف رفاقه بافتقارها للطرح الناضج والمسؤول.
إن اعتماد الرجل على شائعات وتحريفات، مصدرها الأول عراب وممول حملة حزبه، استهدفت خطاب الرئيس المؤسس فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، يؤكد أنه مازال يحلق بعيدا عن نبض الشارع الموريتاني الذي شغلته عنه رئاسة الأممية الاشتراكية بعضوية إسرائيل، والإحتماء برواد الحنين إلى عهود الفساد والنهب والمصادرة والتكميم والتطبيع مع العدو الصهيوني.
إن الاستياء البين من تعلق الشعب الموريتاني وتمسكه بالرئيس المؤسس، يقلق فعلا أعداء الوطن من سماسرة ومفسدين والذين أصبح حزب التكتل أكبر مأوى لهم، يحتضنهم ويدمجهم في هيئاته القيادية ويرشحهم على لوائحه الانتخابية، في محاولة جديدة للتسلل إلى مشهد لفظهم أكثر من مرة.
من الواضح أن أحمد ولد داداه وحاشيته من مفسدي الأنظمة السابقة يبحثون في هزال خطاب الضحية للتغطية على فشلهم في الحملة والانتخابات، بمحاولة التشبث بأزمات متوهمة تضمن لهم خروجا يحفظ ماتبقى من ماء الوجه بعد هزيمة انتخابية جديدة تفصلنا عنها أيام.
بعد أن هجرت النخب الوطنية حزب التكتل ملتحقة بركب التغيير البناء، انحسر دور الحزب وتراجعت مكانته في المشهد، واليوم يطلق زعيمه على ما تبقى من هيكله رصاصة الرحمة، ليصبح مجرد "مبيض" للترشيحات المشبوهة ومنبرا فعليا ومروجا حقيقيا لخطاب بارونات الفساد العابر للحدود.