الفضيلة الأخلاقية عند الفلاسفة وسط بين رذيلتين / عال ولد يعقوب

"الفضيلة الأخلاقية عند الفلاسفة وسط بين رذيلتين، والفضيلة السياسية، على القياس نفسه، وسط بين تطرفين، تطرف في القبول يبلغ درجة القبول التام، وتطرف في الرفض يبلغ درجة الرفض التام. ومن ثم فإن الفضيلة السياسية هي الاعتدال"، أي الوسطية. و لكن هل هناك علاقة بين السمات الأخلاقية 

للشخصية السياسية و نجاح تأثيرها؟ بعبارة أخرى هل تؤدي الفضيلة إلى سلطة سياسية أكبر؟
حذر "ميكافيللي" قديما من أن التعاطف يؤدي إلى الضعف، و هو ما ذهبت إليه بعض البحوث الحديثة من أن الأشخاص ذوي الميول النرجسية هم الأكثر قدرة على الوصول إلى المناصب العليا في المنظمات، ولكن هل يعني ذلك أنهم قادة أكفاء ؟
دراسة أمريكية حديثة حاولت الإجابة على هذا السؤال من خلال دراسة العلاقة بين السمات الأخلاقية لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وتأثيرهم السياسي، باستخدام مقاطع تسجيلية متاحة للجمهور من شبكة سي سبان التليفزيونية، وخلصت الدراسة إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ الأفاضل الذين يظهرون من خلال تعابير وجوههم سمات التواضع و الامتنان و اللطف، و يعطون تصريحات بحلول توافقية ، بمظاهر أقل فخامة هم الأكثر قدرة على كسب رعاية و إشراف زملائهم حول المشاريع التي يقدمونها، و هو ما يشير إلى وجود علاقة قوية بين الفضيلة و التأثير السياسي ، "كما أظهرت  الأبحاث أن الفضلاء الذين لديهم شعور قوي بالمسؤولية أقل عرضة لنشاط الأدوار القيادية.،ومع ذلك عندما يتولون مناصب السلطة ينتهي الأمر بهم لأن يكونوا قادة بارعين، ويُعجب بهم الآخرون. وتشير البحوث أيضا الى أن القادة الذين يظهِرون استقامة أكثر قد يكافَئون مع الموظفين الأكثر ولاء والعاملين بجدية."
و مع أن المتابع للسجال السياسي المستعر بين الأغلبية و المعارضة في موريتانيا اليوم، يدرك أن مستوى الانحطاط و التهور الذي وصل إليه هذا الخطاب السياسي غير مسبوق ، بسبب النرجسية التي تطبع تعامل الأطراف المتحكمة في خيوط اللعبة الديمقراطية مع بعضها البعض، من السخرية إلى التخوين و التهديد مرورا بالقذف والاتهام بالعمالة أو الطعن في الوطنية،  هو ما يؤكد هيمنة النظرة "الميكافيللية" على أذهان النخب السياسية " الغاية تبرر الوسيلة".
نحن بحاجة اليوم و - أكثر من أي وقت مضى- إلى استحضار قيم التسامح، و النبل و الصفح، و غيرها من الفضائل السياسية من أجل تلطيف الأجواء بدل سياسة الشد و الجذب، التي تقود البلد نحو مزيد من التصعيد و التأزم.
كما أننا مطالبون بتشجيع الفضلاء و العقلاء المعتدلين للإشراف على كل خطوة تخطوها موريتانيا نحو الأمام، لكي يعم الأمن و الاستقرار، و تسود العدالة الاجتما