كوفيد كشف عوراتنا

كوفيد كشف عوراتنا

الأحد 24 أيار (مايو) 2020 إضافة: (محمد المهدي صالحي)

كان من المتوقع ان يمر كوفيد سريعا علي بلادنا حسب جميع التوقعات الظاهرة إلا أن ما نخفيه من طباع سيئة كان كافيا لإيجاد أجواء ملائمة ليعيش فيها هذا الفيروس كاشف الأسرار.
من طبع كوفيد 19انه عاجز عن القيام بنفسه و بالمقابل فإنه بارع في الالتحام بالخلايا الحية و من ثم الفتك بضحاياه و بأبشع الوسائل حين يتجه مباشرة لمنع الأوكسجين عن الدم . ويتفق اهل الإختصاص علي خطره الماحق علي كبار السن و ذوي الأمراض المزمنة ومن علي شاكلتهم. .
ان التساؤلات المطروحة تتمحور حول دواعي وفود هذا الضيف الثقيل أولا إلينا و لماذا يرفض الخروج من أرضنا ؟.
بالعودة الي طباع كوفيد نستخلص بسهولة أننا مجتمع مسكون بالعديد من الأمراض المزمنة و ما في معناها مما سهل عليه الخوض بيننا بكل جرأة لم يتحاش طبيبا ولا قويا و لا غنيا و لا عسكريا ...بل استخدم اعداءه المفترضين كأطعم التقط بها ضحاياه فامن نفسه من ألد خصومه بعد أن تم الحجر علي الكثيرين منهم فخلت أمامه الطرق يتصرف كيف يشاء فقد بدأ برقا خاطفا خدع اكبر سلطة في البلد حين أعلنت خلو البلاد من أي أثر للمرض الشيء الذي ساعده علي انتهاز الفرصة و البدء بتسديد الضربات للجسم الموريتاني الكاسي العاري .
أيها الشعب المسكين يداك اوكتا و فوك نفخ.
لقد تلقف الشعب الذئب كوفيد بسرعة البرق و لم يكتشف حيله فكان أداته الأساس في التغلغل بين ثنايا المجتمع حين عامل الوضع بلغة التمرد علي السلطة التي ما زال يري فيها صورة الأجنبي المستعمر الذي تنصب كافة توجيهاته في ما يعود عليه بنفع وليذهب الشعب الي الجحيم .
تباري المواطنون في التسلل من مناطق الوباء و شمل الأمر سلطا ادارية و أمنية من المفترض أن تكون السد المنيع دون التسلل تسللت و تسترت علي متسللين و تمت ترقيتها الي مناصب اهم من التي استغلتها للتستر علي المتسللين .
و تقاعست هيئات عن القيام بمسؤولياتها حين حان وقت الإختبار فتنحت سلطة النقل جانبا و تركت للناقلين الابواب مفتوحة علي مصاريعها لتتمكن من نشر المصابين و المخالطين يمينا و شمالا شرقا و مغربا في حركة دائبة دامت ازيد من شهر اكتملت بحركات الرفع التي اوصلت من عجز النقل عن تبرير حركاتهم و شكلت المحطات الطرقية اوج العبث بحركة الفيروس .
ثم لعبت الأسواق و حتي محلات اللعب شكلا من التمرد الغبي علي الحكومة التي لم تبذل أي جهد في منع الناس من العبث بمصالحهم
كان الاستهتار بالكوفيد السمة الغالبة علي البلاد مما مكنه من الانتشار أكثر .
استقالة الحكومة
اكتملت فرحة كوفيد حين تأكد من استقالة الحكومة و خلو الطريق أمامه يعبث بأمة جاهلة بخبث حيله مستهترة بمخاطره . لقد اشتبه علي حكومتنا كوفيد و الكمون فحسبت ان الأمر يتعلق بالكمون الذي يكتفي عادة بمجرد علمه بنية توفير السقاية ليخضر و ينمو .
كل البرامج التي تحدثت عنها حكومتنا لم تخرج من إدراج المكاتب حتي الآن رغم الصور و المقابلات الكثيرة مما يدل قطعا ان تلك السياسات لم تجد طريقها الي التنفيذ فلا يعقل أن يتواترتقاعس كافة السلط عن توصيل ما وصلهم او علي الأقل بعضه الي مستحقيه ..
فما الذي يمنعهم من رقابة تطبيق الأسعار اذا كانت قد خفضت بالفعل ؟ لقد ارتفعت أسعار المواد التي أعلنت الحكومة أعفاءها ارتفاعا جنونيا غير مسبوق و كذلك الاعلاف فلو صح انه اتخذت اجراءات فعلية في هذا المضمار لكان الامر علي خلاف ما هو واقع .
وكل التقسيمات العشوائية التي حصلت في عموم البلاد كانت نتيجة تدخلات لأفراد محدودين استجابة لاستجداءات محلية ليس إلا .
حتي الآن ما زالت برامج الحكومة حبرا علي ورق يستغل جهل الشعب لما يخفي عليه و يغالطه في ما هو واضح للعيان .ان الفواتير التي تحملتها الحكومة لم يستفد أي مواطن من مزاياها أين المياه الكهرباء تتقطع و أين الحفر لصالح التنمية ؟. ان شبكات المياه القروية لم تكن مدفوعة الأجور لأنها كانت في الأغلب نتيجة لاستغلال محلى لم تشارك فيه الحكومة الا بترك الناس يستغلون حفرا في أرضهم غالبا ما يستخدمونه دون علم السلطات أصلا لأنهم هم من يجهزونه بوسائلهم الذاتية .
لقد اتضح للجميع أن الحكومة تخلت عن دورها الريادي المتمثل في النيابة عن المواطن في تسيير شؤونه حين وكلته الي جهله و استهتارته و اختارت وضع المتفرج تكتفي بحملات غسل الأيدي ان لم نقل غسل الأدمغة و وضع الكمامات ان لم نقل تكميم الأفواه و الجامها و حزم البطون علي الحجارة بعد ان أمسكت ما بايديها و انشغلت بسياسة الجمع و المنع جمع المال بكل الطرق و منعه من مستحقيه بكافة الوسائل .اللهم بصر حكومتنا بطرق تمكنها من القيام بمهامها .

محمد المهدي صاليحي