السيدا من منظور إسلامي ورؤية الإسلام لمواجهته

 

 

نظرا لخطورة داء السيدا أو الأيدز وما ينبغي أو يواجه به من توعية وتحسيس إشعار المواطن بخطورة وواجب التصدي له وقاية وعلاجا 

نواصل في أكجوجت أنفو حملة التوعية حول الأيدز التي أطلقنا منذو أيام حيث يتطرق اليوم إلى السيدا ومنظور الإسلام له إضافة إلى الرؤية الإسلامية لمواجهته.

1:  السيدا من منظور إسلامي 

يلاحظ العقلاء من بني البشر أن أسلوب الإسلام واضح في التعامل مع الأمراض، فهو قبل أن يبحث لهذه الأمراض عن أدوية لمعالجتها دعا إلى الوقاية منها أولا، وأزال كل السبل المؤدية لها، فلم يكن فرضه للحدود عن اقتراف الكبائر إزهاقا للأرواح وفناء للبشرية، وإنما هو حياة لأولي الألباب (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب). 
فهو، إذن منهج مخالف لثقافة الغرب من حيث الرؤية والوسيلة. فإذا كان الغرب يشرع الأبواب للأهواء لتتوالد عنها أمراض لا قبل للإنسان بها، ثم يرصد لها مختبرات ومراكز أبحاث لإنتاج أدوية مضادة لها، ويضع سياسات اقتصادية لتطويقها، فإن الرؤية الإسلامية فضلت أسلوب الوقاية الإيمانية قبل العلاج المادي، فحذرت من الاقتراب من كل ما يؤدي إلى هذه الأمراض، وجعلت الالتزام بذلك عملا مأجورا عليه.
ومما ابتليت به الإنسانية في راهنها داء عضال جاء إفرازا لشيوع الفاحشة والشذوذ بأنواعه بين ظهرانيها، اشتهر بداء فقدان المناعة المكتسبة أو السيدا، عافى الله مجتمع المسلمين منه، فكيف عالج الإسلام الموضوع؟
إنه كان فاحشة وساء سبيلا
جعل الإسلام من خلال نصوصه الشرعية سبيل الزنى أسوأ السبل، فقال تعالى في سورة الإسراء: (و لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلا)، فجاء التحذير من الاقتراب من أسبابه ودواعيه، قبل النهي عن فعله، لأن تعاطي الأسباب مؤد إليه، باعتباره طريقا تهتك فيه الأعراض وتختلط الأنساب وتهدم به الأسر، وتنشر به الأمراض الفتاكة في المجتمع.
قال المفسر الرازي رحمه الله تعالى في سياق تفسيره للآية السابقة: >وصف الله الزنى بصفات ثلاث: كونه فاحشة، ومقتاً في آية أخرى، وساء سبيلا، أما كونه فاحشة فلاشتماله على فساد الأنساب الموجبة لخراب العالم، ولاشتماله على التقاتل والتواثب على الفروج، وهو أيضاً يوجب الخراب. وأما المقت، فلأن الزانية تصبح ممقوتة مكروهة، وذلك يوجب عدم السكن والازدواج، وأما أنه ساء سبيلا، فلأنه لا يُبقي فرقاً بين الإنسان وبين البهائم في عدم اختصاص الذكور بالإناث<.
وهو التحذير نفسه الذي أكدته الأحاديث النبوية الشريفة بالتنبيه إلى زنى الجوارح من نظرة العين للمحرمات إلى سماع الأذن، روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >العينان تزنيان وزناهما النظر<. والإسلام عندما سد السبل المؤدية إلى الزنى والفواحش: من خلوة واختلاط ونظر إلى المحرمات، شرع منافذ طبيعية لتصريف هذه الفطرة البشرية عبر مسالك صحيحة تجلت في الزواج الشرعي، ورتب عن الخروج عن هذا السبيل القويم عقوبات ترتدع بها الأهواء المريضة والنفوس الضعيفة.
التجربة الأوغندية وأسلوب التعفف
اهتدى العقل البشري في مراحله الأخيرة إلى ما قرره الإسلام بضرورة العفة والتعفف كما نقلت ذلك وسائل الإعلام، إذ استطاعت أوغندا كنموذج لبلد إفريقي يئن تحت وطأة هذا الداء الفتاك أن تحد من هجماته على أفراد المجتمع بقرار سياسي أطلقه الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، الذي اعتبر >محاربة الإيدز واجبا وطنيا<.
ومن هذه الإشارة السياسية الراشدة تم قصر محاربة الإيدز على العفة، ونجحت هذه الطريقة في خفض نسبة الإصابة بالمرض بأوغندا من 15 في المائة إلى 5 في المائة منذ عام .1991
تقول صوفيا موكاسا مونيكو، المديرة السابقة لجماعة المساعدات الأولية لمرضى الإيدز في أوغندا، إن العفة لم تكن تمثل سوى جزء بسيط من الوسائل التي استخدمتها الحملة، وهو الجزء المؤلف من ثلاث نقاط حددتها منظمة الصحة العالمية تدعو أولا إلى العفة.
وإذا كان التعفف قد قلل من نسبة الإصابة، فإن تعميم الأسلوب على واجهات الإعلام والتربية لا محالة أنه سيجنب البشرية تبعات هذا المرض الفتاك.
مجمع الفقه الإسلامي: رؤية متقدمة
اعتبر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره الثامن المنعقد ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من21 27 يونيو 1993م، >ارتكاب فاحشتي الزنى واللواط أهم سبب للأمراض الجنسية التي أخطرها الإيدز، وأن محاربة الرذيلة وتوجيه الإعلام والسياحة وجهة صالحة تعتبر عوامل هامة في الوقاية منها<.
وبناء على بحوث ودراسات علمية قدمت له، أوصى بثلاث توصيات للوقاية من هذا المرض ومنها:
أولاً: دعوة الجهات المختصة في الدول الإسلامية لاتخاذ كافة التدابير للوقاية من الإيدز، ومعاقبة من يقوم بنقله إلى غيره متعمداً.
ثانياً: توفير الرعاية للمصابين بهذا المرض، إذ يجب على المصاب أو حامل الفيروس أن يتجنب كل وسيلة يعدي بها غيره، كما ينبغي توفير التعليم للأطفال الذين يحملون فيروس الإيدز بالطرق المناسبة.
ثالثاً: أن تقوم الأمانة العامة للمجلس باستكتاب الأطباء والفقهاء في الموضوعات التالية، لاستكمال البحث فيها وعرضها في دورات قادمة: عزل حامل فيروس الإيدز ومريضه، موقف جهات العمل من المصابين بالإيدز، أثر إصابة الأم بالإيدز على حقها في الحضانة، الحكم الشرعي في من تعمد نقل مرض الإيدز إلى غيره، تعويض المصابين بفيروس الإيدز عن طريق نقل الدم أو محتوياته أو نقل الأعضاء، إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج لتجنب مخاطر الأمراض المعدية وأهمها الإيدز.
ومما سبق يظهر أن مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قد وفق في طرق هذا الطابو مزاوجا في علاجه بين الدراسة العلمية والطبية من أجل المساهمة في جهود الخيرين في العالم لتطويقه.
خلاصة
تظهر الإحصائيات الرسمية أن مرض نقص المناعة المكتسب (إيدز) يحصد ضحية في العالم كل 11 ثانية، كما أن هذا المرض يصيب شخصا كل 6 ثوان، هذا بغض النظر عن ذكر الأرقام، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات عملية عاجلة من قبيل ما انتهجته أوغندا وما نبه إليه الإسلام قبلها، فإن كل دعاية لوسائل أخرى هي من قبيل أسلوب النعامة في دفن الرأس في الرمال، وخاصة، وأن الله تعالى أنعم الله على المسلمين بأسلوب أكثر تقدما وضمانا للنجاة من فتك هذا المرض وغيره، فماذا ينتظر المجتمع الإسلامي. 

2 :  رؤية إسلامية لمواجهة السيدا :

ستتمثل الرؤية الإسلامية لمواجهة السيدا في جانب من المشاركين في الحلقة النقاشية للرؤية بمقر اللجنة وفي مقابلة رؤية الأمم المتحدة جاءت الرؤية الإسلامية التي ينبغي أن تتبناها الدول الإسلامية في مواجهة هذا المرض، وذكر فيها تحديد الإسلام بابًا وحيدًا ومهذبًا يفرغ الإنسان من خلاله طاقاته ويشبع حاجاته الجنسية وهو الزواج الذي يرتبط فيه الرجل والمرأة بميثاق غليظ محاط بالحب والود والرحمة.

جانب من هيئة كبار العلماء بالجمعية الشرعية والأستاذ توفيق الشريف مدير المجلس في المؤتمر الصحفي لإطلاق "الرؤية الإسلامية لمواجهة مرض الإيدز" بناء على طلب الهيئة التأسيسية والأمانة العامة للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، قام كل من هيئة علماء الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية العضو بالمجلس، واللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بإعداد رؤية إسلامية موثقة، توضح منهج الإسلام في مواجهة وباء الإيدز والكشف عن الأهداف الحقيقية الكامنة وراء االبرنامج الغربى، والذي يتم الترويج له في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية تحت دعوى محاربة الإيدز، وقد عقدت جلسات عمل شارك فيها عدد من منظمات المجلس والعلماء المهتمين والمتخصصين، وفي مؤتمر صحفي عقد في مركز الشيخ صالح كامل بجامعة الأزهر تم الإعلان عن صدور الرؤية تحت عنوان "الرؤية الإسلامية في مواجهة مرض الإيدز".

وسائل الأمم المتحدة في مواجهة مرض الإيدز

وقد بدأت الرؤية بعرض الوسائل التي تدعو الأمم المتحدة إلى تبنيها في مواجهة مرض الإيدز، وهي:

1 فرض مناهج التثقيف الجنسي في المدارس؛ حتى يستطيع الطلبة ممارسة ما يسمونه "بالجنس الآمن".

2 إزالة الوصمة عن مريض الإيدز، خاصة في الدول التي تقوم منظوماتها الفكرية والدينية على تحريم الشذوذ وممارسة الجنس خارج نطاق الزواج.

3 كسر حاجز الصمت، أي أن يتحدث المريض عن مرضه، مع إرجاع سبب الصمت إلى (الوصمة) المرتبطة بالمرض، وسبب هذه الوصمة يرجع إلى التقاليد والقيم والثقافات.

4 توظيف الخطاب الديني (القادة الدينيين)؛ لصك خطاب جديد للتعامل مع مرضى الإيدز يكون خطاب (قبول واحترام ورحمة)، وليس خطابًا (عقابيًا) أو مستندًا إلى (الوصم بالعار).

5 فرض الالتزام السياسي على دول العالم لتلتزم برؤية وخطط الأمم المتحدة في مواجهة الإيدز.

6 استخدام المساعدات المالية في فرض رؤيتها في التعامل مع هذا المرض.

أما عن طرق الوقاية من المرض في برنامج الأمم المتحدة، فتتلخص في:

أولاً: الامتناع، والذي لا يشترط فيه العفة.

ثانيًا: الإخلاص للشريك)، وتعني كلمة الشريك في مواثيق الأمم المتحدة، أي نـوع من المساكنة بين اثنين، رجل وامرأة (ولو بدون رباط شرعي)، أو معاشرة بين رجلين، أو امرأتين.

ثالثًا: استعمال العازل الطبي، وتوزيعه على طلبة المدارس والجامعات والجنود في الجيش والسجون.

منهج الإسلام في مواجهة الإيدز

جانب من المشاركين في الحلقة النقاشية للرؤية بمقر اللجنة وفي مقابلة رؤية الأمم المتحدة جاءت الرؤية الإسلامية التي ينبغي أن تتبناها الدول الإسلامية في مواجهة هذا المرض، وذكر فيها تحديد الإسلام بابًا وحيدًا ومهذبًا يفرغ الإنسان من خلاله طاقاته ويشبع حاجاته الجنسية وهو الزواج الذي يرتبط فيه الرجل والمرأة بميثاق غليظ محاط بالحب والود والرحمة.

ومن ناحية أخرى منع الإسلام كل الممارسات الجنسية التي قد تؤدي إلى حدوث مرض الإيدز وشيوعه مثل:

1 تحريم الزواج المثلي.

2 تحريم إتيان الرجل لزوجته من دبرها.

3 تحريمه السحاق بين النساء.

4 تحريمه البغاء (تجارة الجنس).

5 تحريم إشاعة الفاحشة، وحرصه على شيوع خلق الطهارة والعفة.

كذلك وضع الإسلام عدد من الإجراءات التي تمنع المقدمات التي قد تؤدي إلى الوقوع في الفاحشة، ومن هذه الإجراءات:

1 أمر النساء بعدم الخضوع بالقول كي لا يطمع فيهن الفساق.

2 تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه.

3 فرض على المرأة ستر جسدها بلباس لا يشف ولا يصف ما عدا الوجه والكفين.

4 نهي المرأة عن التبرج والتكسر ومشية السوء والسير في الطرقات متعطرة.

5 أمر بغض البصر لكل من الرجل والمرأة عن الآخر.

6 أمر بالاستئناس والاستئذان عند دخول بيوت الآخرين.

7 أمر الأطفال الذين لم يبلغوا سن التكليف بالاستئذان على أبويهم في أوقات النوم والراحة.

التربية الجنسية برؤية إسلامية

وتناولت الرؤية موقف الإسلام في التربية الجنسية بوضعه مراحل للتربية الجنسية، وهي:

المرحلة الأولى: يتعلم فيها الأبناء آداب الاستئذان والنظـر، حتى يغرس فيهم أن هنالك حرمات ينبغي أن تقدس، وهذه تكون ما بين سن (7-10).

المرحلة الثانية: شرح ما يطرأ على المراهق والمراهقة من تغيرات فسيولوجية، وهذه غالبًا تكون ما بين سن (10-14).

المرحلة الثالثة: شرح معنى الزواج بصفة عامة وحاجة الكون إليه للحفاظ على النوع، وهذه تكون غالبًا عندما يبلغ (17) سنة وما بعدها.

وأثناء تقديم الثقافة الجنسية خلال هذه المراحل لا بد من مراعاة الأمور التالية:

1 أن يكون الحديث في مثل هذه الأمور مع من يحتاجها، فقبل وصول الابن ذكرًا كان أو أنثى لسن التمييز لا قيمة للكلام معه في مثل هذه الأمور.

2 عرض هذه المسائل لكل إنسان بحسب حالته واحتياجه، فليس من يبدأ سن المراهقة - مثلاً - كمن هو مقبل على الزواج بعد أيام.

3 تقديم جرعات مناسبة للأبناء تتناسب مع أعمارهم واحتياجاتهم، ومن خلال مؤسسة التنشئة الاجتماعية اللصيقة بالطفل كالأسرة، حتى لا يلجأ إلى مصادر غير آمنه أو من خلال طرق غير مشروعة.

4 التمسك بأدب القرآن الكريم والسنة المطهرة في الكلام في هذه الأمور، وهو الوصول للغاية المطلوبة بأكثر الطرق أدبًا وتهذيبًا.

دور الدولة في مواجهة الإيدز

وعن دور الدولة في القضاء على هذا المرض، فقد وضعت الرؤية عددًا من الإجراءات العملية، منها:

1 وضع تشريعات نافذة لتجريم الزنا والشـذوذ وإتيان المرأة في دبرها والسحاق، وجميع أنـواع الإباحية الجنسية.

2 محاصرة أسباب الوقوع في الفاحشة مثل: الخلوة والاختلاط الحر والعلاقات المشبوهة، ومراقبة وسائل الإعلام مراقبة صارمـة.

3 إلزام كل من يدخـل البلاد للإقامة من الأجـانب، بإثبات خـلوه من هذا الفيروس.

4 إصلاح المؤسسات التعليمية بما يتفق مع قيمنا الإسلامية، وأن يكون تدريس الدين مادة أصيلة، وأن يمّكن للعلماء من أداء دورهم في جميع المجالات والنوادي والمراكز الشبابية.

5 إغلاق الحانات ومصانع الخمور، والتشديد على تجار المخدرات.
توعية الناس بمخاطر الإيدز وسبل الوقاية منه، والحض على العفة، والبعد إثارة الغرائز.

أدوار الدعاة في مواجهة المرض

كما وضعت الرؤية عددًا من الأدوار يقوم بها الدعاة في مواجهة هذا المرض، منها:

1 التوعية الدائمة بما شرعه الإسلام من قيم وأخلاق، وما نبه عليه من خطورة اتباع الشهوات التي قد تعجل عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة بالإصابة بالأمراض الخطيرة.

2 شرح الآثار الخطيرة لمرض الإيدز.

3 حث المصابين بهذا المرض عن طريق العدوى على الصبر والاحتساب والدعاء بالشفاء.

4 تحذير المصابين عمومًا من الإضرار بغيرهم، فالإسـلام لا ضرر فيه ولا ضرار.

5 حث الآباء على متابعة سلوك الأبناء داخل البيت وخارجه حماية لهم من الممارسات الخاطئة.

6 إعداد فريق مدرب ومزود بالمعلومات والمهارات الكافية لتثقيف الشباب بالأمراض المنقولة جنسيًا، وخطورتها، وطرق انتشارها، وسبل الوقاية منها، مع تدعيم هذه المحاضرات بالصور والأرقام في جو من الالتزام الشرعي في المضمون والطرح، وذلك بالتنسيق والتكامل مع االجهات الرسمية والطوعية .