شخصيات وطنية تدون في سجل التعازي بمقر حزب الصواب في فقيد الوطن محمد يحظيه ولد بريد الليل

نواكشوط - ميادين:

تداعت الشخصيات الوطنية من مختلف المشارب الفكرية إلى مقر حزب "الصواب"، للتعبير عن مواساتها في وفاة فقيد الوطن الأستاذ محمد يحظيه ولد بريد الليل.

وهكذا زارت مقر حزب "الصواب" عدة شخصيات وطنية، أبت إلا أن تسجل تعزيتها في وفاة هذه الشخصية الوطنية الكبرى، التي كانت لها مواقف وطنية نبيلة، وقارعت أنظمة الإستبداد عبر مختلف مراحل تاريخ البلاد. وكانت حاضرة في تاريخ النضال الوطني، وعبرت بشجاعة عن مواقفها من قضايا الوطن والأمة وعلى يدها تربت أجيال تلو الأخرى من أبناء الوطن، تغمدها الله بواسع رحمته وألهم الشعب الموريتاني كله الصبر والسلوان و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

تجدر الإشارة إلى أن سجل التعازي تم فتحه ابتداء من اليوم الأحد الموافق 17 يناير إلى يوم 23 من هذا الشهر، وذلك في مقر حزب "الصواب".

وقد قال حزب "الصواب" بهذه المناسبة: "

أيها الإخوة الكرام

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مرحبا بكم في اختلاف عناوينكم،ومرحبا بكم عندما تجتمعون معا لهذا الغرض النبيل الذي تؤدون به واجبا دينيا وأخلاقيا هو واجب العزاء،وتحافظون به على قيمة وطنية نبيلة هي الاعتراف بالجميل لأولئك الرجال الذين وهبوا حياتهم لخدمة الصالح العام امتثالا لقيم عليا،أولئك الرجال الكبار الذين نودع اليوم واحدا منهم هو المغفور له بإذن الله الأستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل.

أيها الإخوة الكرام

في ظرف استثنائي كهذا،وفي لقاءات لاستقبال واجب العزاء في مفكر وسياسي كبير ،لا يكون من باب الفضول،ولا التعلق برفاه التأمل إذا تساءلنا لماذا نصر دائما على اعتبار الموت نقيضا للحياة؟ أليس من الأنسب أن نتوقف عند الوجه الآخر لعلاقتهما،الوجه الذي تكون فيه الموت حياة،إنه وجه التلازم في علاقة يكون لجهد الإنسان وحضوره الإيجابي أكبر الأثر في تحديد اتجاهها.

لقد اكتشف كل العظماء هذا المعنى وترجموه في حياتهم الخاصة،ولذلك فقد قيل"الموت لا يفاجئ العظماء" بل قد يحرصون عليه لما سيعطي لحياتهم من معاني الخلود حين يستكمل تحقق انتصار إرادتهم على كل ما هو وقتي وزائف وخادع في الحياة الأولى،فالمجد الذي يتطلعون إليه لا يحقق أمانه إلا بالخلود إلى راحة أبدية يصبح بموجبها مجدا في الأذهان،وقد عبر الأستاذ الراحل محمد يحظيه في إحدى مقالاته عن هذا المعنى بقوله"ليس هناك في البقاء والخلود ما يضاهي المجد لأنه لا يشيد باللبنات والحجارة والحديد،مقر المجد هو في قلوب وأذهان الرجال،إنه لا يتحطم،نسيان الذات وحده قبل النسيان العادي هو الذي يدمره"،ذلك دائما هو حال من يعيشون وقد وضعوا المجد على رأس أولوياتهم،فيكون رحيلهم استكمالا لمعنى الحياة لا تناقضا معها،وقد كان الأستاذ الراحل واحدا من هؤلاء بشهادة جميع من عرفه،ودون أبسط استثناء،تماما كما عاش دائما كل مفكر عظيم.

أما الأستاذ السياسي فلنسمع منه الآن من هو السياسي،كما كان يراه،وماهي السياسة التي عاش لها؟

يقول الأستاذ الراحل:" لا أحد يشبه رجل السياسة عندما يتفاني في العمل بقلبه وقالبه،كالذي يحاول استرجاع بيته الشخصي المغتصب من طرف الغير،لا يدخر وقتا،ولاتعوقه أي منفعة شخصية،مضحيا بحياته الخاصة وأحيانا بحريته فقط من أجل مصير أفضل لملايين البؤساء".

هذا السياسي الذي يضحي بكل شيء من أجل هدف نبيل،هو تماما محمد يحظيه وبشهادة الجميع أيضا.

أما السياسة فهي في نظره تتطلب"كما هائلا من المؤهلات كرجاحة العقل وعمق التفكير ونعومة التصرفات،وكثيرا أيضا من القيم القلبية كالثقة في الفطرة الطيبة للإنسان وقدرته على التطور نحو الأحسن،إضافة إلى احترام الغير والزهد والتواضع".

كل هذه الفضائل العقلية والقلبية والخلقية باعتبارها شروط السياسة ترجمها الأستاذ الراحل بكل تجرد ونزاهة كما يشهد على ذلك الجميع.

أيها الإخوة الكرام

الرجل الذي ودعناه منذ أيام إنما جمع خصائص المفكر إلى صفات السياسي في ثوب الوطني الأمين الذي اكتشف ضمن سياق تاريخي معقد ماميز هذا الكيان من هشاشة،وما انتظم ضمن فضائه من علاقات متشابكة فكان همه الأول أن لا يترتب على أي فعل تقدم عليه الجماعة التي ينتظم ضمنها ما يمكن أن يكون سببا في تفكك هذا الكيان ،لذلك كان دائما على استعداد لتحمل الأذى،وتلقي الإهانات من أجل هذه الربوع...

يقول الأستاذ الراحل"أدرك البعثيون هشاشة موريتانيا،وأنها مقدسة فقط عند أهلها،وهذا ما يفسر (...) رفضهم العنيد المتواصل لأي مغامرة، مع أن الفرص المغرية لم تنقصهم".

أيها الإخوة الكرام

إن غياب قادة ورموز كبار عاشوا لأجل وطنهم ومبادئهم،وهو ما يحدث تباعا منذ شهور،ينبغي أن يدفع الشباب إلى العناية بتراث هؤلاء،وإلى دراسته وتمثل قيمه بغض النظر عن مستوى ودرجة الاختلاف أو الاتفاق معه،فهو كنز وتراث للجميع.

رحم الله الأستاذ المناضل محمد يحظيه وتقبله بين الشهداء والصديقين.

والسلام عليكم"