الخطف..تجارة رابحة في الساحل..وعشرات المخطوفين في انتظار المجهول (تقرير)

تتعدد الجماعات الممارسة لتجارة الخطف في منطقة الساحل، وخصوصا في مالي والنيجر، ونيجريا، يزكز الخاطفون في مالي، على التجار والأثرياء والأجانب والسياسيين، أما في النيجر ونيجيريا فإن التركيز على الجميع، إضافة إلى الأطفال وطلاب المدارس، وذلك من أجل الحصول على ما أمكن من الفدى والمقايضات في بيئة لا سقف للعنف فيها، ولا صوت يعلو فيها على أزيز الرصاص.
ومن آخر المعلن عن اختطافهم الصحفي المالي عبد العزيز مانغان، وزميله الفنان دور كيب الذين فقد الاتصال بهما اليوم الجمعة 30 يوليو 2021 بعد توجههما إلى مدينة راوس التابعة لتمبكتو، سينضاف هذان إلى مئات المفقودين في مالي منذ استشراء العنف، وتحول الخطف إلى تجارة مربحة.

قبل ثلاثة أيام عاد موريتانيان إلى بلدها بعد رحلة خطف استمرت ثلاثة أسابيع، احتفت بهما السلطات الموريتانية، واستقبلهما عند سلم الطائرة التي أقلتهما من النعمة إلى نواكشوط، وزيرا الدفاع والداخلية، وقادة المؤسسة العسكرية، والأمنية، وشكرت أسر المحررين الرئيس الموريتاني على الدور الذي قام به من أجل إنقاذ ابنيهما من براثين الخاطفين.

كان الرئيس الموريتاني قد أولى اهتماما للقضية، وتواصل مع الرئيس المالي، واستنفرت نواكشوط، كل وسائلها، وفي النهاية استعادت مواطنيها.
ويأتي هذا الخطف الأول من نوعه بعد آخر عملية خطف منذ عشر سنوات، تعرض لها دركي موريتاني، وأفرج عنه تنظيم القاعدة بعد عدة أشهر من الاختطاف.
تنتهج نواكشوط منذ عقد مقاربة أمنية وسياسية، مكنتها من إبعاد شبح الحرب والإرهاب عن حدودها، والتفرغ لتعزيز قوة جيشها، الذي يصنف الآن ضمن أقوى جيوش منطقة الساحل، وكما جاءت حادثة الخطف مفاجئة للنظام الموريتاني، فقد كان الإفراج السريع عن المخطوفين، ليؤكد أن نواكشوط ربما استخدمت أكثر من ورقة ضغط للإفراج عن مواطنيها.

ورغم أن المفرج عنهما 

لا يعرفان كيف تم الإفراج عنهما، وهل جرت مفاوضات مباشرة أو عبر وسيط لتمكينهما من حريتهما، إلا أنهما واثقان بأن كونهما موريتانيين، كان سببا في الإفراج السريع عنهما.
لم يصب المواطنان المذكوران، إصابات بالغة باستثناء رضوض وجراح بسيطة، نتيجة سقوط أحدهما من الدراجة التي كانت تقله وهو معصوب العينين، خلف مسلح يقود دراجته بسرعة مجنونة.
تم نقل المخطوفين المذكورين إلى منطقة بعيدة جدا، من مكان اختطافهما، وفي إحدى الغابات، أضيفا إلى عدد كبير من الأسرى الآخرين، من جنسيات مختلفة، يحرسهم مسلحون ماليون، من الجماعات الجهادية المسلحة، الناشطة في المنطقة.

لا يتمتع الأسرى المخطوفون هنالك "بخدمة فندقية" ووجبات الطعام القليلة، غالبا ما تكون حبات من الفستق، كما أن بعض الأسرى فقد عقله، بسبب طول المكث وسوء الظروف، والفزع من الغد المجهول.
وفي كل الحالات فإن جميع الأسرى هم دروع بشرية دائمة، عندما تحلق أي طائرة فوق منطقة الغابات التي تقيم فيها الجماعات المسلحة معسكرات الاعتقال.

يرفض المسلحون فكرة تعبيد الطريق في منطقة نفوذهم، ولذلك يهاجمون بين الحين والآخر الشركات العاملة في المنطقة.

 

تجارة الخطف مصدر تمويل الإرهابيين

بدأت عمليات الخطف منذ العام 2003، وخلال السنوات الخمس ما بين 2008-2013 دفعت دول أوربية فدى بقيمة 165 مليون دولار للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، فيما خطف عشرات آخرون، في مناطق مختفلة.
وتختلف سياسات دول المنطقة تجاه الخطف، حيث تعارض الجزائر بقوة دفع فدى للجماعات المسلحة، وترى في ذلك تمويلا للإرهاب، أما الدول الأوربية، فلا تجد مندوحة من دفع ملايين الأورو لتحرير مخطوفيها.
أما في مالي فإن المخطوفين في المئات، وخصوصا في منطقة أزواد، ويتعرض التجار بشكل خاص، للخطف سعيا للحصول على الفدية، إضافة إلى زعماء القرى وعمد البلديات المحلية، وزيادة على ذلك فإن خطف الخصوم السياسيين والاجتماعيين، وتصفيتهم جسديا أسلوب شائع في مالي