هل قبلت المعارضة نتائج الحوار دون أن تعي ذلك؟ / باب ولد سيد أحمد لعلي

عبأت المعارضة وأعلنت عن تاريخ مسيرتها التي سترد فيها على النظام وحواره وتعلن رفضها التام لمخرجات الحوار الذي نُظم مؤخرا من طرف الأغلبية وبعض من أحزاب المعارضة المعتدلة كما تصفها الأغلبية بذلك، واستطاعت أن تجلب وتستقطب جمعا لا بأس به في مشهد سياسي هو الأول من نوعه

في تاريخ البلد السياسي .
فلأول مرة يدعو زعيم حركة "إيرا" غير المرخصة أنصاره للانضمام إلى المسيرة والمشاركة فيها بفاعلية .
بيرام الذي كان يحقد على المعارضة أيما حقد ويصفها بأبشع الأوصاف ينزل إلى الشارع مستنصرا لها...!
بيرام الذي كان لعبة في يد النظام يوجهه إلى ما يريد وينفذ به ما يريد في مقابل تصدر المشهد السياسي وتزعم شرحية "لحراطين" العريضة والمؤثرة في المجتمع يخرج في مسيرة المعارضة بعد حملة عشواء يشنها عليه النظام بإحدى وسائله ... وبعد أن نفدت كل قواه الداعمة في الداخل وأصبح يناطح النجوم في السماء ، إلى حيث الخارج للترويج لفكر كذبه الواقع واصطدم بجبروت الاستخبارات وحنكتها.
ولأول مرة منذ شهور من إعلان تكتل توقف أنشطته في المنتدى ينضم للمنتدى في مسيرة توحديه ، تحاول أن توحد المعارضة أو كلمتها في سياق يظهر الرفض القاطع للأجندة الأحادية للنظام ولتهميشه للطيف السياسي وللامبالاته بها.
إنه مشهد فريد عندما تلتقي المعارضة التي تنخر جسمها الآراء والمواقف المتباينة  والخلافات الحادة حول المسائل الوطنية وحول طبيعة التعاطي مع النظام ومع مخططاته وسياساته بشكل عام بهذا الشكل ، ولا مجال للدخول في تفاصيل ذلك الخلاف الواقع بين المعارضة ونفسها الآن لكثرة ما فيه مما يجب ان يحكى ويُتكلم عنه.
فلو كانت المعارضة على قلب رجل واحد لما حدث جميع ما حدث ، لما استهزأ بها "عزيز" وهمشها إلى هذا الحد وتجاهلها ولعب بها كيف ما شاء.
قاطعت انتخابات 2013 لأن عزيز يريد ذلك يريد إقصائها وقاطعت الحوار الذي نظم مؤخرا لأنه هو يرغب في ذلك ، واتمنى ألا يجعلها تقاطع الوطن وتقاطع موريتانيا رغبة له ، لأنها ببساطة لا تفرق بين مصلحة عزيز ومصلحتها هي ولا تفرق بين مصلحة الوطن ومصلحة المواطن وما يصب في مصلحة النظام ويقيويه على حسابها إلا من خلال ما يأتيها من مواقف من قبل الأغلبية ورئيسها لتبني هي مواقفها وسياساتها على الشائعات الكاذبة والمواقف المغالطة التي يكمن هدفها الأساسي في جرها هي إلا موقف معين ، وأظن أن التحضيرات للحوار الذي قاطعه تكتل وتجاوبت بقية الأحزاب الأخرى معه دليل كافي على ذلك ، ثم أن حرمان الأحزاب التي تجاوبت مع تحضيرات تلك المحاولة الأولية دليل  آخر على صدق تلاعب النظام بالمعارضة .
يقول الرئيس مثلا أنه سيحل مجلس الشيوخ ، يثور الجميع ويمتعض تجاوبا مع ذلك ، ويقول وزير ـ أي وزير ـ مستفز أنه أن يطالب بمأمورية ثالثة للرئيس فتقرر المعارضة القطيعة مع كل شيء دون اعتذار أؤولائك الوزراء ، وفي النهاية تتقدم خطوة إلى الأمام في صمت أوحيّ به على من تكلم من وزراء عزيز ، ولم يعتذروا للمعارضة .
يا أيها الرؤساء أو الزعماء المعارضون ، نحن نعرف أنكم ذو شعبية كبيرة في المجتمع ونعرف أنكم مقبولون في المجتمع الموريتاني لكن انتم لا تعارضون من اجل عزيز وحكومته أنتم تعارضون لمصلحة موريتانيا ومصلحة شعبها المقهور ، فعليكم أن تعوا ذلك جيدا قبل كل شيء .
ونصل بعد ذلك إلى معظم الملاحظات التي يمكن أن تلاحظ على مسيرة المعارضة وعلى مهرجانها التي عقدت أمس 29/10/2016 .
1- كان حديث المعارضة الأساسي يرتكز على رفض الحوار ومخرجاته ورفض تغير العلم والنشيد ، ومع ذلك فلم يكن في الساحة أو في يد المعارضين من المناصرين سوى أعلام الأحزاب المشاركة وشعاراتهم ، وهذا أكبر خطأ يمكن أن يُرتكب في مسيرة أو في مهرجان هذا هدفه وذي أساسياته ، فكان عليهم أن يملأوا الساحات من علم الجمهورية الإسلامية الموريتانية ، وكان عليهم أن لا يهتفوا بغير النشيد الذي لا يريدون تغيره وهذا ما لم نلاحظ وما لم نشاهد...!
2- حديث معظم زعماء المعارضة كان يرتكز على رفض الأجندة الأحادية والوقوف في وجه الفساد ورفض تغير أي نقطة من الدستور دون إجماع وطني ، وهذا إنما يدل على أن المعارضة لا ترفض أو ربما لا ترفض معظم النقاط التي أُقرّ تغيرها في الحوار الأحادي ال×ير وإنما تريد الإجماع وهو صائبة في ذلك ومعها حق فتغير أي نقطة من الدستور دور إجماع وطني شامل يعتبر جرما لن يغفره لمن ساهم فيه أبداااا.
3- حديث الرئيس الدوري للمعارضة عن رفض تغير العلم والنشيد كان حديث خالي من أي دعامات تاريخية تبرر رفضه عن تغير أؤولائك الرموز لذا وجب الصمت عن كل ما قال وترك الزمن يحكم على موقفه ذلك .
4- مشاركة حركة "إيرا" في المسيرة بعد الخطاب المتناقض الذي وجهه زعيمها لها من خارج الوطن أمر مزعج وغير واضح ، ويدل على أن معارضة عزيز هي من جمع هؤولاء لا المعارضة من أجل الوطن ، وإلا كيف بالمعارضة أن تحتفي بمشاركة رجل كـ"بيرام" في المسيرة؟...! ويمكن أن نلاحظ تناقض الخطاب الذي وجهه "بيرام" لأنصاره في نقطة ، فهو قال في مستهل كلمته أن النظام حول مجتمع موريتانيا إلى مجتمع استعبادي بالدرجة الأولى إفريقيا ، وفي نفس الوقت يدعوا إلى المسامحة ، فكيف نمزج تلك بهذه ؟ ، لم أفهم كثيرا ...!
أيها الناس نحن نريد موريتانيا ونعلم أن المعارضة على حق في كل ما تقوله عن نظام ولد عبد العزيز ، لكن انجراف المعارضة وهزيمتها في كل شيء تعاطيا مع نظام ولد عبد العزيز أمر غير مقبول ويحتاج إلى التنويه ، كما يجدر بنا التساؤل عن مستقبل العلاقة السياسية بين المعارضة والنظام؟ ونحن نسمع من حين لآخر حديثا عن إمكانية تشيكل حكومة جديدة تسير المرحلة الانتقالية المقبلة في البلد والتي أقرها ولد عبد العزيز دون أن يستشير المعارضة منذ فترة .