خواطرُ حول ما يروج في وسائل التواصل الاجتماعيّ.

إنّ المتتبِّعَ لِما يُنشَر بواسطة هذه الوسائل (فيسبوك بصفة خاصة)، لا بد أن يخرج بالملاحظات الآتية:

وجود مادة غزيرة تتضمن الغَثَّ والسّمينَ، الأمر الذي يتطلب من القارئ المستنير أن يختار بعناية الموضوعاتِ التي تفيده في دُنياه أو أخراه-أو هما مَعًا-وهي موجودة لله الحمد، لكن صَدَى المنشورات ذات المضامين السلبية يطغى في بعض الأحيان على الجوانب الإيجابية...

وجود سيول جارفة من الكتابات المقزِّزة، شَكْلًا ومَضْمُونًا...أخطاء فادحة من كل نوع وصنف، لغوية نحوية صرفية إملائية...لا تخطر على بالٍ...أساليبُ ركيكة...ألفاظ منفِّرة...عبارات تعبِّر عن ذوق سقيم وفكر منحرِف، تعجّ بالشتم والسّبّ والنيل من أعراض الناس...كأنك في ساحة وغًى للمعارك الكلامية تُستخدَم فيها "أسلحة فتّاكة" يتراشَق بها أصحاب الأسماء المستعارة، حيث تجد شخصا واحدا يكتب بعشرات الأسماء المستعارة (تعرف ذلك من خلال أسلوبه عندما تطلع على ما يكتبه باسمه الحقيقي). يكتب هذا الشخص ما يعنّ له من خصال حميدة ينسبها إلى نفسه (يذكر هنا اسمَه الحقيقي ليوهم الناس أنّ شخصًا آخرَ يتحدث عنه). وهو في الواقع يكتب بنفسه عن نفسه ويعلِّق ويعلِّق على التعليق (يعطس ويشمّت لنفسه)... ! ويكتب-في المقابل-عن آخرين مُغدِقًا عليهم-دون استحياء أو خجل أو وجل-وابلًا من العبارات التي يخجل أصحاب الذوق السليم من التفوّه بها، متستِّرًا خلْفَ اسم مستعار...كأنه يقول: إِذَا لَمْ تُعْرَفْ فَاكْتُبْ مَا شِئْتَ، على غرار: "إذا لمْ تَسْتَحْيِ/ تَسْتَحِ فَا فْعَلْ مَا شِئْتَ"...

أودّ، من خلال هذه الخواطر، أن أقترح على القراء الكرام أن يتعاملوا بحذر مع ما يُنشَر تحت الأسماء المستعارة. كما أقول لمن يكتب باسم مستعار: اتقِ الله الذي يعلم كل السرائر...مع ملاحظة أنّ هذا الكلامَ غيرُ موجَّهٍ إلى جميع مَن يكتبون تحت أسماء مستعارة، فهم- كغيرهم من الناس- فيهم الصالح والطالح...إنّ العبرة بمضمون ما يُكتَب وبالأسباب التي جعلت الكاتبَ/ أو المدوِّنَ يخفي اسمه الحقيقيّ (قد تكون هذه الأسباب مفهومة وموضوعية). ومِن المعلوم أنّ الكاتب الملتزم قد يكتب تحت اسم مستعار لمدة معينة-تقصر أو تطول-ثم يفصح عن اسمه الحقيقيّ في الوقت الذي يراه مناسبا.

لابد من الإشارة أيضًا إلى أنّ طائفةً كبيرة ممّن يكتبون بأسمائهم الحقيقية، بحاجة إلى تهذيب ألفاظهم...يلاحَظ ذلك في الخطاب السياسي (بصفة خاصة)...الكبير لا يحترم الصغير والصغير لا يوقر الكبير(لقد اختلط الحابل بالنابل)، مع أنّ المفروض المحافظة على حد مقبول من الأخلاق الحميدة، في أثناء التجاذبات السياسية...حَذارِ من أن تُفسِدَ السياسة أخلاقنا... وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت...

أرجو من القراء الكرام أن يتقبلوا-بصدْر رحْب-ما تضمنته هذه الخواطر من نقد، يؤمَّل أن يكون بَنَّاءً...فرسالة الكاتب رسالة خطيرة، لعلاقتها بحياة الناس وتربية النَّشْءِ على الذوق السليم وتنوير الرأي العام وتوجيه صاحب القرار السياسي...

والله الموفِّق.