بوتين في عطلته يَصطاد السّمك بسيبيريا “رسائل للزعماء العرب”

بثّت قناة “روسيا اليوم” قبل بضعة أيام شريط فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يَصطاد السّمك أثناء إجازته السنويّة الصيفيّة في منطقة نائية تضم غابات وبحيرات في سيبيريا أقصى شمال روسيا.

هُناك عدّة مُلاحظات لافتة للنّظر في هذا الفيديو يَصعب تجاهلها، بالنّسبة لأي مراقب من الوطن العربي على وجه التحديد:

  • الأولى: أن الرئيس الروسي بدأ في صحّةٍ جيّدة، وغير مُتكرّش على الإطلاق، رغم اقترابه من مُنتصف الستينات من عمره.
  • الثانية: أن الرّجل لم يَكن يُمارس هوايته في الصيد من على ظَهر يختٍ فاخر، ومُحاطًا بجيشٍ من الخَدم، والحَشم، والحُرّاس، والعارضات الجميلات في ملابس البحر.
  • الثالثة: حِرص الزّعيم الروسي على قضاء إجازته داخل بلاده، ولم يَختر الذهاب إلى جنوب فرنسا، أو شمال إيطاليا أو البحر الكاريبي، مثلما يَفعل مُعظم القادة والزّعماء والمُلوك والأُمراء العَرب.

 نحن في المُقدّمة لا نُكيل المديح إلى الرئيس الروسي، وإنّما نوجّه الانتقاد إلى الكثير من الزّعماء والمَسؤولين العرب الذين يتسابقون في التنافس في البَذخ كل عام في إجازاتهم الصيفيّة، سواء من حيث الاستعراض بيخوتهم الفاخرة جدًّا، طُولاً وتأثيثًا على شواطئ المُتوسّط، أو الإهدار المُبالغ فيه للأموال على الحاشية، في وقتٍ يُعاني فيه مُعظم مُواطنيهم من الفقر والحِرمان من جرّاء الغلاء الفاحش، وانعدام فُرص العمل.

لا نُجادل مُطلقًا بأنّ بث الفيديو عن الإجازة الصيفيّة للرئيس الروسي جاء في إطار الدعاية السياسيّة الذكيّة، لتعزيز صورته أمام مُواطنيه، خاصّةً أن الانتخابات الرئاسيّة في روسيا باتت على الأبواب، ولم لا تفعل الآلة الإعلاميّة الروسيّة فِعلها في هذا الصّدد، طالما أنها تستند على إنجازات، وليس على أكاذيب وفَبركات.

الرئيس الروسي بوتين استطاع في سنواتٍ قليلةٍ إعادة الهيبة إلى بلاده، واستعادة مكانتها كدولةٍ عُظمى، بعد أن وصلت إلى حالة من الانهيار غير مَسبوقة في الأيام الأخيرة للاتحاد السوفييتي، ونتيجةً لسيطرة “مافيات” الفساد على مفاصل الدولةِ فيها.

عندما كان الزّعماء العَرب مِثل جمال عبد الناصر، وهواري بوميدن، وصدام حسين، وعبد الكريم قاسم، وحافظ الأسد، يَقضون إجازاتهم في بُلدانهم، ويَموتون دون أن يتركوا قُصورًا فارهة، ويُخوتًا باذخة، كانت الأمّة العربيّة بخير، وأفضل حالاً.

قد يَرد علينا البَعض بالقول، ولكنّهم كانوا طُغاةً وديكتاتوريين أيضًا، وهذا صحيح، ولكنّهم خَلقوا هَيبةً، وأقاموا دُولاً حديثةً، وطردوا الاستعمار وقواعِده العَسكرية، ولم يُغرقوا بلادهم في الدّيون الخارجيّة، ويُنصّبون صندوق النقد الدولي آمرًا ناهيًا، وحاكمًا فِعليًا.

حُكّامنا اليوم جَمعوا السيئين، أي الديكتاتورية والفساد معًا، وهُنا الفارق الكبير، في رأينا.