ولد الدرويش.. لقد انتهى عهد خذ خيرها، لا تجعلها وطنا

أقدمت السلطات الأمنية عند الكلم 55 على الحدود الموريتانية الشمالية، على رفض منح تأشيرة الدخول للمواطن المغربي حمادة ولد الدرويش الذي تنكر لأفضال هذا الوطن واختار بيعه مقابل منزل ومعاش وتبني وجهة نظر لا تحظى باجماع مجموعته المنتشرة داخل أربع بلدان بشمال إفريقيا.

ولد الدرويش الذي تقلد مناصب سامية في الدولة الموريتانية، والمولود شرق بالبلاد، اختار في لحظة نكران للجميل أن ينسى كل ذلك ويعلن “أنا مواطن مغربي أصيل بالضبط مثل يوسف ولد تاشفين”، لكن نسي ولد الدرويش أن ابن تاشفين جاء إلى المغرب فاتحا وليس بطامع، وشتان ما بين قائد معركة “زلاقة” ومهندس مسرحية “اكجيجيمات”.

أشبهت حالك حالي

موريتانيا مع الأسف الذي يتعامل معها البعض بمنطق خذ خيرها ولا تجعلها وطنا، هي البلد الوحيد الذي يقف ضده مواطنوه مع الآخر، يعلنون الولاء للأجنبي ويروجون لأفكاره ومواقفه علنا في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك قبائل ومجموعات تدين بالولاء لزعامات وبلدان يرون الارتباط بهم واجبا دينيا ودنيويا.

أثناء الخلافات التي تحدث مع جيران هذا البلد بسبب اكراهات السياسة أحيانا، ومحاولة البعض فرض واقع تم تجاوزه على الموريتانيين أحايين أخرى، لا يكتفي الطابور الخامس الذي يعيش بين ظهرانينا، بإعلان العداء الصراح لبلده، بل ويعمل جاهدا على تقزيمه وتسفيه أنظمته السياسية والاجتماعية، في تصرف لو حصل في بلدان أخرى لتعاملت معه بمنطق التخوين الذي يفقد المواطنة، لأن هذه المواقف لا تنتقد نظام حكم بعينه بقدر ما تنظر إلى موريتانيا كبلد لا تاريخ ولا حاضر له، ويكفي أن هؤلاء ينكرون وجود مقاومة قدمت الغالي والنفيس للدفاع عن شنقيط الطاهرة.

وطن ليس للبيع

لعل الخطوة التي أغاظت خصوم موريتانيا وجعلتهم ينظرون إلى التطورات الحاصلة، بعين السخط، هي التطورات التي حصلت في مجالات الحالة المدنية والأمن الذيين مكنا الموريتانيين من بسط المراقبة على عموم التراب الوطني، منهين بذلك فصول إغراق هذا المجتمع بجنسيات ومجتمعات مختلفة، الأمر الذي أخل بالسلم الاجتماعي وقاد إلى تهديد الهوية وروح المواطنة، بل وتسلق الأجانب إلى مناصب حساسة.

اليوم وقد تم وضع حد نهائي لهذه المهزلة سيجد أمثال حمادة ولد الدرويش صعوبة كبيرة في اللعب على وتر الانتماء الاجتماعي، لأنه لم يعد وحده كافيا لأن تكون موريتانيا.

لقد غادر هذه الأرض هو وأفراد أسرته عائدا إلى “وطنه” المغرب، منهيا فصول مسرحية الانتماء التي جعلته مسؤولا ساميا في الدولة الموريتانية، واليوم ونحن على مشارف 2022 الذي ستشهد فيه البلاد تحولا اقتصاديا هائلا، يحاول ولد الدرويش التسجيل ضمن طابور العائدين من هجرة عكسية، غير مرغوب فيها.

لكن موريتانيا الرحيمة، أصبحت تحاسب أبناءها على الأخطاء التي يرتكبونها في حق الوطن فما بالك بمن تنكر لها وأعلن انتماءه لبلد آخر يرى فيه أرض أحلامه، فليهنأ بذلك البلد، وينسى نهائيا أن هناك أرض سائبة، في مخيلته، يمكن أن يعود إليها متى أراد، فلم يعد هناك من بمقدوره أن يدفع ثمن هذه الأرض.