ما يقوله الأخ صالح في موضوع العقيد الحسن ولد مكت غير دقيق وفيه بعض التحامل غير المبرر.هذا الضابط ساعد مع قيادته في التغطية علي قضية الأخ صالح خلال العام 2000م كما شرحت آنفا،ولكنه لم يكن أبدا معنا في التنظيم العسكري، فهو مدير الاستخبارات العسكرية المساعد وأقدم في الرتبة منا جميعا، فضلا عن كونه محنكا وذا شخصية قوية وصاحب علاقات واسعة وبالتالي كان وجوده مربكا لنا فهو غير مناسب من كل النواحي.صحيح أننا كنا نحترمه ونعول عليه في الوقت الحاسم (آخر لحظة)، ولاسيما عن طريق صديقه محمد الأمين ولد الواعر.
ولكن عندما حان ذلك الوقت كان ولد الواعر في انواذيبو، ولا يمكن أن يأتي، والاتصال بالهاتف غير مأمون في مثل هذه القضايا،لذا فقد كان الرائد محمد ولد فال قريبا من الحسن و قال إنه يمكن أن يفاتحه في الموضوع. و طلبنا منه أن يبلغه أننا نعرض عليه أن يكون مديرا للأمن الوطني إذا نجح الأمر. ولا أدري حتى الآن ما دار بينهما بالضبط صبيحة يوم 7 يونيو 2003، لكن يبدو أن الحسن لم يرض عن الموضوع وذهب يبحث عني في المنزل الذي كنت قد غادرته في حدود التاسعة صباحا لتبليغ أمر التنفيذ لكل التشكيلات المشاركة.
حيث كان ينبغي إعطاء كل مسؤول عن تشكيلة رزمة ا عدة كاملة(معول كبير ومنشار حديدي لكسر الأقفال وشراء أقفال بديلة- مصابيح - أبواق 7- للتواصل – حبال للسيطرة على العناصر وبعض القماش لونه أزرق :قطعة قماش كبيرة للعربات وقطعة صغيرة توضع على الجناح وذلك للتعارف فيما بين الأفراد والتميز عن غيرنا)،
وقد تم تخزين كل ذلك في منزل المساعد محمد ولد سيدي محمد ولد عابدين. وكانت زوجته ليلى منت أجيون (امرأة علوية فاضلة وطيبة شفاها االله) هي من قامت بالفرز وبتقطيع القماش، واستعانت ببعض قريبا‘ا في ذلك. 21 أµيت الإشكال الذي كان موجودا مع المرحوم محمد ولد عبدي -ونعم الرجل-، ورجعت إلى أحمد ولد أحمد عبد في نفس الحي ووجدت معه النقيب سيدي محمد ولدانه. اقترحت على أحمد أن يتواجد خارج منزله احترازا، لأنه كانت عندنا الخطة العادية في وقتها، والخطة الطارئة وهي أن نذهب مباشرة لإطلاق العملية ومغالبة من نجد.لكنه رفض، وقال:لن أفعل..سأبقى هنا، ولن أذهب إلا إلى الثكنة مباشرة.
ذهبت في سيارتي وخلفي النقيب ولد انه في سيارة هيليكس تابعة للحرس لأريه محلا قرب بقالة "االله أكبر" سيجد عنده في المساء رزمتي أدوات :واحدة له وأخرى للطيران ليوصلها لأحمد فيما بعد. عند وصولنا لعين المكان (بقالة االله أكبر) اتصل بي الأخ صالح مذعورا، وقال لي: ولد فال لديه مشكلة خطيرة عليك أن تذهب إليه.كان منزل ولد فال قريبا جدا، فجئته ووجدته هناك ومعه الرائد الحسن ولد مكت الذي قال أنه لا يوافق على الأمر ويأمر بتوقيفه حالا وإلا بلغ قيادته. لقد كان رئيسه المباشر قائد المكتب الثاني(مكتب الاستخبارات العسكرية) العقيد عثمان ولد كازا مسافرا، و الحسن هو المسئول الآن. وهذا الأمر لن يكون ناضجا مثله مثل المرة السابقة، وعلى كل حال فهو لا يرضي أن يورط ذا الشكل في هكذا أمور
وأضاف:"أنتم أحبتي وأصدقائي وأشفق عليكم من المخاطرة غير المحسوبة، ثم إنني محرج اليوم لأني الشخص المسؤول عن أمن البلد، فلو كان رئيسي موجودا لربما استنكفت أو سافرت للداخل، ولهذه الأسباب أطلب منكم توقيف العملية".قلت له: إذا كنت تصر على ذلك سنفعل( في الحقيقة لم يكن ذلك مطروحا أبدا)، ولكن لتسمع منا: "نحن لسنا مغامرين فلدينا أسبابنا(شرحتها له،ولم تكن تلك هي المشكلة) ولدينا الوسائل لذلك(شرحت له كل ما يطمئنه حول جديتنا وما عندنا إذ بالنسبة لي الأمور منتهية).
بدا الأمر مقنعا، ولكنه كان متوترا وغير مصدق وقد أضفت لا تعتقد بأن النظام يعلم بأمرنا وهو ينتظرنا حتي نؤخذ بالجرم المشهود فمنذ متى كان لهم هذا الهدوء وبرودة الأعصاب حتى يصبروا علىنا؟ وإن كان لهم مثل هذا الصبر والانتظار من يضمن لهم القدرة على إيقافنا ونحن على بعد ساعات من التنفيذ؟
ثم إنك إذا وافقتنا نستطيع أن نطلق العملية حالا".بدا الرجل مشتتا، فانتقلت إلى الهجوم المضاد، وأخبرته أننا ننوي ترشيح سيدي محمد ولد بوبكر لرئاسة الحكومة (وهو قريبه)، وهذا صحيح، وزدت عليه أننا نريد العقيد عبد الرحمن ولد بوبكر (قريب آخرله) قائدا للأركان، وهو أمرقد يكون معقولا لديه لأن عبد الرحمن سبق أن كان رئيسي في المكتب الأول وهو محل تقدير، وكانت هذه النقطة من عندي لإحراجه،عند ذلك رد علي محمد: لا تحاول الزج ذه الشخصيات في هذه الأمور .
والحقيقة أننا كنا نريد قيادة الأركان للمرحوم العقيد محمد لمين ولد 22 انجيان وذلك للمحافظة على وحدة الجيش ولم نكن نرشحه جديا كرئيس للدولة كما ما سمعته مرة من صالح، ولا أدري لماذا يقول ذلك؟بالفعل، كان ذلك ممكنا بعد تعثر الانقلاب حينما أرسل قائد الأركان رقم هاتفه مع ضابط للتواصل معه كما ورد في محضر ذلك الضابط، ولم يستطع صالح الاتصال به على اعتبار أنه غير مخول، ولكنه لم ي .
وبالنسبة لي فقد كانت تلك فرصة لا تعوض لرأب الصدع وإحداث تغيير بالجميع،فقد يكون مقبو لا ُعلمنا بالعرض - حينها- من باب الاضطرار أو (ما بقي متاحا) رئاسة المرحوم محمد لمين ولد انجيان للدولة لاسيما أن علاقتي كانت به قوية وهو مأمون أخلاقيا وسياسيا.لكن رئاسته كانت ستكون مناهضة - طبعا- للترتيب الأمني والعسكري الذي شرحنا سابقا، وثمة خطورة أن يجتمع حوله الضباط الأقدم لمزاحمتنا وإفشالنا.
وكانت فكرة اختيار عبد الرحمن ولد بوبكر قائدا للأركان في حالة اعتذار المرحوم أنجيان أو في حالة رئاسته -غير المطروحة من حيث الأصل- واردة في ذهني ذلك اليوم على كل حال. وأضفت للرائد الحسن:"إننا لا نحرجك في شيء.. فقط، عندما نرسل من يستولي على الأركان، إذا كنت أنت لا تريد أن تتولى ذلك،نريد أن تأتي لتضم إلينا وحدات وتشكيلات الداخل، وأن تتصل بالأطراف السياسية"، فعلق قائلا:"هذا سهل وأستطيع القيام به ، لكن مشكلتي أخلاقية وتتعلق بأداء الواجب" أعتقد أنه كان يجاملنا للتملص الآمن. بعد قرابة ساعتين كنا عند هذه النقطة دون أن نتجاوزها.
فقلت له: "إذا كان لا يزال رأيك التأجيل فسنسعى لنعرف من عناصرنا مدى إمكانية ذلك،وإبلاغك بعد ذلك..نحن لدينا وسائل تحقيق طموحنا بشكل جدي وحاسم، والراجح أن النظام لا يعلم بأمرنا"
انصرف الحسن وبقيت مع ولد فال الذي يبدو أنه غط في نوم عميق خلال نقاشي مع الحسن وقد قال لي أنه متفائل بما يلمس من وجه الحسن لكنه أضاف متسائلا: إن كان يمكننا التأجيل الذي طلبه الحسن؟قلت إن ذلك لن يكون أبدا،وإذا كان علينا أن نطلق العملية حالا فسنفعل.هل رأيت ما حل بنا عندما أجلنا في المرة السابقة؟ أجاب:سرح أفراد وعاودتم، .........
ويبدو أن الحسن ولد مكت أصبحت لديه أزمة ضمير خاصة،هل يبلغ كما يملي عليه الواجب المهني، أم يمتنع عن ذلك إرضاء لقلبه وضميره،لا سيما أن أشخاصا عزيزين عليه أصبحوا معنا في الكفة التي ستتضرر؟.تبعه الرائد محمد ولد فال، ولا أدري بعد ذلك ماذا حدث قبل أن يبلغنا ولد فال بعد الحادية عشر ليلا أن الرائد الحسن قرر إبلاغ لكن يبدو أن الأخير لم ي لب مني الحضور إليه ُ ّصد قائد الأركان. ق، واستنكر الزج بي في الموضوع،
وأرسل الحسن ليطلب من الحضور إليه في نفس الليلة ولما لم يجدني في المنزل، وأبلغه بذلك، طلب منه أن يفعل ذلك في الصباح، لكن العملية كانت قد انطلقت في نفس الوقت تقريبا. أما الضابط الذي أرسله المرحوم برقم الهاتف ليتم الاتصال عليه لمعرفة مطالبنا فقد جري ذلك بعد وقت طويل أي وفي وقت متأخر من الليل.
هل كانت "فعلة" الحسن في هذا التوقيت والتي أربكتنا أيما إرباك وذهبت بالأمور نحو ذلك المنحى غير المقدر والمأساوي... كانت بالنسبة له نوعا من الموازنة بين المتناقضات؟، الأكيد.. وشهادة حق للتاريخ، أن الحسن لم يكن يعمل معنا وإن كنا نعول عليه، ثم إنه لو كان يقصد الإضرار المحض بنا لكان بلغ بالأمر في هدوء عند القيلولة، وسايرنا حتى يتم إحباط الأمر ونحن لا نعلم.
من رد محمد ولد شيخنا على صالح المعنون بــ : الرد الوضاء على بغي الخلطاء ، ص 20 ــ 22