اذا كان ترشيح محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني قد أحدث هزات ارتدادية قلبت الموازين وغيرت الحسابات في التكتيك والاستراتيجيا، وأربك شخصيات وازنة من المعارضة ضبطت في حالة تسلل كما يقول أهل الرياضة، وكأن تسللها أشبه بنافذة خلفية للهرب من حافلة تحترق؛ فإن ظهوره أمس في ملعب العاصمة وأمام جمهور ضخم غصت به المدرجات والشوارع القريبة بهذه القوة والثقة والطمأنينة قد شكل حدثا دراماتيكيا أزعج خصومه المفترضين، وأحرج المستائين من ترشيحه، وبيَّن الرشد من الغي؛ حيث أخرس الألسن المحترفة للتضليل والتشويه، وقلب الحقائق، وأوضح بما لا يدع مجالا لريبة أو شك أن اختيار الرجل كان مخططا بشكل ذكي ومدروس، وأن الثقة كانت تكبر كل يوم وتزداد وثوقا في السراء والضراء بين رئيس الجمهورية ورفيق دربه..
ليس هذا تنجيماً أو ضرباً بالمندل؛ بل إن الأحداث والوقائع أثبتت أن رئيس الجمهورية كان لديه غرباله الذي يفرز الشفق من الغسق والماء من السراب..
صحيح أن جل الموريتانيين عرفوا عن محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني قبل ترشحه أنه سليل أسرة من الأكابر ذات بعد روحي مشهود جسدته مدرسة صوفية عريقة فضلا عن تاريخه العسكري المشرف وخبرته في التعاطي مع الشأن العام أمنيا وإداريا، إضافة لكونه ينحدر من عمق ديمغرافي شكل دوما الخزان الانتخابي الحاسم في كل الاستحقاقات..لكن صحيح أيضا أن ترشح الرجل كشف عن مثل قيمية متأصلة ظلت طي الكتمان، وبدى فيها أن صمته في المحافل العامة يختزل الخبر اليقين والبيان المبين في المجمل والمفصل من شخصيته.....\
لقد أوضح في لغة جميلة وأنيقة في منتهى السلاسة والسبك بعين العارف المخلص الذي لايريد أن يكنس الماضي من جذوره؛ أن الاعتراف بالجميل سلوك راق ومهذب؛ لذا أثني على جهود من سبقوه بكل توازن وانصاف ودقة، مشيراً إلى دورهم الملموس والمشهود في بناء المجتمع والوطن، دون أن ينسى أو يتناسى أخطاء وخطايا ظلت عالقة؛ متعهدا بمعالجتها وفق رؤية سديدة ومتكاملة ومدروسة بعناية فائقة، وبهذا وضع يده على الجرح ووصف الدواء الناجع لكل الأوجاع..
ومهما كانت أغلال الماضي وأثقال أحماله التي قصمت ظهورنا عقودا متتالية؛ فإن توفر الإرادة وصدق النوايا يبعثان الأمل ويزرعان البهجة في النفوس اعتمادا على ما تزخر به بلادنا من إمكانات وثروات واعدة، ليس أقلها شأنا الثروة البشرية الهائلة التي أبانت عنها شخصية هذا المرشح الفريد، والمتميز، والممتاز أيضا.. وعلى أكثر من صعيد.