نعيش أحداثا خط حروفها نخبة من شباب البلد كانوا بالأمس القريب مجهولين، حتى بدأت رحى أمواج التحرر من التبعية العمياء بالدوران.
مسكوا العصا من الوسط، تقودهم الهمة والغيرة على الوطن، وقبل ذلك التلاحم والتوحد تحت راية الوحدة الوطنية الحقيقية.
من هنا بدأت الحكاية فقد كانوا شباب متشتتين بين أحزاب وحركات ليس لهم دور إلا التصفيق للقادة والركوع لقراراتهم،
ومنهم من لم يكن تحت لواء أي حزب أو حركة لكن جمعتهم مع الشباب المتحزب مرارة التهميش والحرمان والبطالة وعدم التكافل الاجتماعي، جمعتهم قضايا شتى أبرزها القضايا الاجتماعية ʺ الرق ʺ والقضايا الاقتصادية ʺ البطالة ʺ والسياسية ʺ الحرمان من التوظيف داخل مؤسسات الدولة وحتى مؤسسات الأحزاب أو الحركات ʺ من هذه القضايا فطن الشباب للإقصاء الممنهج لهم وفهموا جيدا انه آن الأوان ليستيقظوا من نومهم الطويل وسباتهم العميق، ليدركوا ان الوطن مختطف وانه على مشارف الهلاك، لا لشيء سوى ان وطن يغيب فيه التكافل الاجتماعي , وطن لازال متأثرا بالتقاليد البدائية عادات المجتمع المتخلف الظالم , وطن يهمش فيه الضعيف مهما كان عرقه، وطن يقصى فيه شبابه، وطن غني وشعبه فقير، وطن تحكمه زمرة من المفسدين لا تؤمن بالعدالة الاجتماعية بالديمقراطية، تكفر بالمساواة، لايمكن لجدرانه ان تقف طويلا.
لذا أراد هؤلاء الشباب دحر تقاليد المجتمع و الوقوف وقفة رجل من ʺرجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه ...... ʺ لتحرير الوطن من زمرته المفسدة زارعة التهميش والحرمان والتنكيل بشعبها المسكين.
سارقة خيراته وثرواته الطاءلة. آمن هؤلاء الشباب انهم سيبنون وطن تسود فيه الحرية، العدالة الاجتماعية ، المساواة ، الديمقراطية ، التكافؤ الاجتماعي . هم حقا صادقون و سيفعلون ذلك ومبرر ذلك انهم شباب من كافة جهات الوطن ومن مختلف شرائحه. فآمنوا بمبادئ :
أولها : مبدأ الانتماء الوطني ʺالوطنيةʺ فوق الانتماء القبلي والجهوي.
ثانيا : ان وصولهم كلهم للهدف قد لايتحقق؛ لكن اضعف الإيمان ان يصنعوا من يصل إليه.
ثالثا : التضحية امر ضروري .
رابعا : الكفاح والصبر.
خامسا : الخطابات المزعجة.
من هذه المبادئ الحميدة وغيرها التي لم نسطر انطلق هؤلاء الشباب نحو العمل الجاد العمل الميداني فقاموا بالوقفات ، كتبوا في المواقع الالكترونية ،دونوا على المواقع الاجتماعية ، ارسلوا فرق الى الداخل للتعبئة والتحسيس , وتثقيف المجتمع هناك ، فعملهم كان موجه للمجتمع ، استعملوا خطاباتهم المزعجة التي تصدم المستمع حين يسمعها وتزعجه ؛ لكنه بعد مرور حادثة الصدمة يبدأ يقتنع بها شيئا فشيئا ، فهي في النهاية تحرر المجتمع من تقاليده القديمة و ممارساته ، تحرره من الركوع للأنظمة الحاكمة المستبدة ،تحرره من الانبطاح لهيمنة القبلية والجهوية على مؤسسات الدولة ، تحرره من الجبن الذي يسيطر عليه ويمنعه من الخروج للإطاحة برؤوس الأسود المفترسة الجائعة التي أكلت خيرات وثروات البلد وجاءت على الأخضر واليابس.. هؤلاء الشباب وجهوا خطاباتهم هذه للمجتمع لأنهم اقتنعوا ان إصلاح المجتمع وتحريره من عاداته وتقاليده وممارساته وانبطاحه ؛وكذلك القيام بتثقيفه ، توجيهه ، توعيته، يصنع ʺشعب واعي ، متحضر ، متآخي ، ، متلاحم فيما بينه متحد. ʺفعندما يكن لدينا شعب بهذه الصفات، فحتما سيكون من السهل بناء دولة وطنية بامتياز والإطاحة بأي منظومة مستبدة.
حقا هؤلاء الشباب كانوا في قمة الذكاء والتحرر، فتوجيه خطاباتهم وكل اعمالهم للمجتمع كان عملا ذكيا بامتياز ؛ فقد ارادوا من ذلك اولا اصلاح المجتمع وباصلاح المجتمع تصلح الدولة ، فالدولة لاتسيرها الحيوانات بل البشر، وهذا البشر خرج من هذا الشعب، لذا فإن اصلاح الشعب كان أمرا ضروريا ولابد منه.
ان هذه الخطابات والعمل الميداني والكتابات كان لها اثرا كبيرا في تبيان لهذا المجتمع مايدور من مآسي داخل الوطن وجهوا خطاباتهم هذه للمجتمع كذلك ليزعجوا بها المنظومة الحاكمة المستبدة.
بعد كفاح طويل ومواجه شرسة مع المجتمع وصراع مع تقاليده استطاع هؤلاء الشباب ان يقوموا بتنظيف المجتمع من هذه التقاليد والممارسات ، استطاعوا ان يكشفوا للمجتمع حقيقة الوطن وأفعال وجرائم المنظومة الحاكمة المستبدة الفاسدة , كشفوا له ان الوطن كان وطن عقيم ، وطن مشلول ، معاق ، تغيب عنه الديمقراطية ، العدالة بشقيها، المساواة . خلص هؤلاء الشباب المجمتع من الجبن وسلموه راية التحرر والشجاعة، لذلك فهم المجتمع نضال هؤلاء الشباب واصرارهم على تلك المبادئ التي كان بالأمس ممتنع عن الرضوخ لها ، فهم ان له وطن ليس كباقي الأوطان ميزته التي يتميز بها هو تعدد شرائحه ، وثرواته الكثيرة، لذلك لابد من التلاحم والتعايش السلمي وبناء وطن موحد متماسك يعيش تحت راية الوحدة الوطنية الجادة والحقيقية المطبقة.
لما فهم المجتمع كل هذه الأمور تخلص من الجبن وحمل راية التحرر التي جعلته يدرك انه آن الأوان ان يستيقظ من نومه الطويل وسباته العميق ، وفعلا فعل ذلك. حينها فهمت المنظومة المستبدة الأنانية اللاوطنية ان المجتمع او بالأحرى الشعب قد تحرر وله من الشجاعة والوعي مايمكنه من الاطاحة بها ورميها في مزبلة جهنم، وان هذا الشعب فهمها جيدا وحكم عليها بالانتحار السياسي .
عفوا هذه مجرد رواية لا تزال في عالم الخيال، فمتى تصبح واقعا في عالم الحقيقة نصنعه نحن وتعيشه من بعدنا الأجيال؟