معالي الوزير الأول،
المتتبع لأوضاع البلد الاقتصادية وحالته التجارية بأيدي قلة والتي تسعون، في العهد الميمون إن شاء الله، إلى تصحيحها جملة، لا بد أن يلحظ عمق التباين بين الواقع المرير وضعف حاصل التنمية وحالة البؤس العامة للأغلبية الساحقة من المواطنين على الرغم من مقدرات البلد الهائلة وتنوعها وانتشارها في كل ربوعه وامتلاكه ضفة نهر معطاء أرضها الخصبة شاسعة، وشطا على المحيط بطول مئات الكيلومترات، ملجأ أسماك المحيطات ومرقد غاز وبترول تقدر كمياتهما بمئات مليارات الغالونات.
ولما أن الدولة منذ الاستقلال لم ترسم سياسات اقتصادية ناجعة، فقد ظلت هذه الثروات في مهب الريح تستغلها دول العالم العظمى على أيدي جماعات من أبناء البلد تأتي بهم إلى الحكم أو مشارفه عقلية ضاربة في التخلف وبعد عن رغبة بناء وطن عصري ينعم فيه الجميع عدالة بخيراته ويتعاون على بنائه وحمايته والرفع من شأنه بين الدول.
وهي الحالة الشاذة التي أفرزت طبقة من رجال “الأعمال” هي أقرب في ممارساتها إلى رجال “الإهمال” تُسخر لها إمكانات الدولة عبر القروض والصفقات الكبيرة التي إن لم تكن على الورق فقط لا أثر لها على أرض الواقع، فإنها تقوم على أقل من المطلوب بكثير لتتطلب فيما بعد إعادة نظر في قيامها على شكل صفقات متجددة في استنزاف دائم لميزانية البلد التي تأتي مما تبقيه فتاتا الشركات العالمية التي تستنزف بلا رحمة المورد كما فعلت أولى الشركات الأسترالية مع البترول الذي شفطته من البحر حتى نضب.
والعجيب أن هذه “الشلة” من رجال الإهمال:
– لا تدفع الضرائب كما ينبغي لخزينة الدولة،
– ولا للجمارك في الموانئ وفي الحدود البرية ضرائبها،
– ولا تشيد المصانع،
– ولا تساهم في تشييد البنى التحتية من مدارس وطرق ونقاط صحية وغير ذلك كثير مما يستثمر فيه رجال العالم المخلصين، الوطنيين والانسانيين في عديد بلدان العالم،
– ولا تحول ما يمكن تحويله من موارد البلد الخام التي تصدرها بأرخص الأثمان،
– ولا تشارك بجزء من دخلها في تنمية البلد ومشاركة المواطن الرباح بتشغيله ورعايته وتكوينه وتأطيره.
بل على العكس من ذلك يستورد أفرادها اليد العاملة الأجنبية.
فهل تظل، معالي الوزير الأول، هذه الطبقة من رجال “الإهمال” على هذا النهج وبهذه القدرة على الإخلال بمسار إدارة الدولة، والاضرار التلاعب بقوانينها ونظمها، وتتمادى في غرس الطباع الرشوة ومسلكيات المحسوبية والزبونية؟
لا بد أنكم، معالي الوزير الأول، ستراجعون هذه الوضعية المختلة والمعيقة بعملية التنمية وتضعون من خلال القانون وصرامته حدا لإهمالهم واستهتارهم بالمواطن المغلوب على أمره وقد أغلقوا في وجهه كل الأبواب ليسرقوا لقمته ويحرموه فرحته ويغتصبوه مدنيته ويمسوا وطنيته.