مقابلة La Tribune مع السيد بيرام الداه اعبيد عشية من اليوم الثاني من حرقه للكتب الصفراء و كانت أرتال من سيارات الشرطة بدأت تتحرك الي سكنه في الرياض. فخص الزعيم الانعتاقي ثلاث صحفيين موريتانيين بثلاث مقابلات فيما يقل عن ساعتين قبل اقتحام منزله و اعتقاله و بعد آخر اجتماع له مع بعض أعضاء مكتبه التنفيذي في منزل نائبه آنذاك ابراهيم بلال رمظان ورجع بيرام الداه اعبيد إلى بيته للتأهب للاعتقال فأجاب كيسيما جاكانا من Kissima Diagana على الأسئلة التالية الساعة السابعة و النصف مساءا يوم السبت 28 إبريل 2012:
بيرام الداه اعبيد: “أتحمل المسؤولية عن كل عواقب هذه الفعلة، وأنا مستعد لكل التضحيات المرتبطة بها”
لا اتريبين: لقد أحرقتم كتبا يعتبرها الكثير من الموريتانيين مراجع إسلامية. لماذا هذه الفعلة المبالغ فيها وغير المسبوقة من نوعها؟
بيرام الداه اعبيد: هذه الكتب ليست على الإطلاق مراجع إسلامية، لكنها بالأساس مراجع لأدب المتاجرة بالرقيق الذي ألصقت به المجموعات المهيمنة طابعا إسلاميا منذ قرون خلت. والحقيقة أن الإسلام لا علاقة له بهذه الممارسات الاسترقاقية اللاإنسانية الخسيسة التي أخضِع لها العبيد والسود في العالم العربي الإسلامي. فمنذ قرون أضفيّ طابع الشرع والقداسة على الإخصاء، والاغتصاب، والعقاب الجسدي، وبتر الأعضاء، والتجريد من صفات الإنسانية، والأعمال دون راحة ودون راتب، وبيع العبيد، وفصل العائلات، إلخ. إنها ممارسات غريبة تماما على القرءان، والسنة: أقوال وأفعال الرسول (صلع).
الأمر يتعلق بأفعال همجية مناهضة للإسلام أراد الكثيرون، ضمن المجموعات المهيمنة، إعادة العمل بها لرفاههم الشخصي ولإرضاء غرائزهم ونقائصهم الخاصة، بيد أنه لا علاقة لذلك بالإسلام. فيما زعموا أن ذلك يدخل في صميم الإسلام، وهو تلاعب نريد نحن القطيعة معه بهذه الفعلة القوية. إننا سنواصل ما فعلنا ونوقع عليه. وأنا شخصيا، بوصفي رئيسا لإيرا، أتحمل المسؤولية عن كل عواقب هذه الفعلة وأنا مستعد لكل التضحيات المرتبطة بها. وأعرف أنها فعل يصقل من الشوائب. لقد آن الأوان لنضع حدا للمتاجرة بالعبيد بين موريتانيا ودول الخليج. آن الأوان لاعتبار الحراطين (وهم الأغلبية في موريتانيا) كائنات بشرية.
لا اتريبين: ما هي مآخذكم الملموسة على هذه الكتب؟
بيرام الداه اعبيد: في هذه الكتب يعتبر العبد شيئا وليس بشرا، يمكن بيعه ورهنه وتأجيره. العبد ليس له الحق في الملكية وليس له الحق في الزواج وليس له الحق في الوصاية على ذريته. العبد ليست له حرمة جسدية: فالبنات والنساء المسترقات يغتصبهن الجميع، خاصة الأسياد وأهل وأصدقاء الأسياد. وهذا مشرع. كما تعلمون، وفي الوقت الذي أحدثكم فيه، لدينا حالات ملموسة من بنات وصبايا مسترقات تم اغتصابهن في سن العاشرة والثامنة والسابعة وأصبح لديهن أطفال من عمليات اغتصابهن. وبما أن كل الأسياد هم من يغتصبون، وكل ضيوف السيد هم من يغتصبون، وكل شخص بمقدوره أن يغتصب، فهن لا يمكنهن معرفة أبوّة أطفالهن. هؤلاء الأطفال لا يجدون من يعترف بهم. وهو ما يشكل، في مجتمعنا، مصدرا للصدمات وفقدان الأهلية لدى النسوة والأطفال.
في هذه الكتب، يمكن للعبد أن يكون ملكا لأربعة أو خمسة أشخاص على أن يكون لكل شخص ربع أو خمس منه، لأنهم يقسمون السنة إلى أربعة أو خمسة فترات يعمل العبد في كل واحدة منها لأحد الأشخاص الملاك.
لا اتريبين: كل هذا متضمن في هذه الكتب؟
بيرام الداه اعبيد: كل هذا متضمن في هذه الكتب. وأستغرب أن أناسا من أصل استرقاقي، كأفراد من تواصل وحاتم، ينحازون لهذه النصوص الاسترقاقية، هذه النصوص المتاجـِرة بالرقيق، هذه الكنانيش المقوننة للرق التي ما يزال العمل بها متواصلا في موريتانيا، بينما رئيسا تواصل وحاتم يعملان نائبين في الجمعية الوطنية وقد صوتا على القانون المجرم للرق. هذا يدل على أن القانون سُنّ للاستهلاك الدولي. إنه قانون تم التصويت عليه بغية الضحك على ذقون القانون الدولي والمجتمع الدولي. ليس قانونا معدا للتطبيق. إذا كان الرق محظورا من قبل البرلمان الموريتاني فمعناه أن البرلمان الموريتاني حظر هذه الكتب التي تمجد الرق المدان في القوانين التي صوت عليها البرلمانيون. لكن هذا عبارة عن نفاق، وعن مكر أناس غير مخلصين، أناس يريدون خديعة الكل. لكنني أقول لهم هنا، من خلال هذا المنبر، انهم سيفشلون لأنني أنا سأظل شامخا إلى النهاية وسأدفع الثمن المطلوب للوقوف في وجه كذب هؤلاء النواب، وكذب هذه الأحزاب، وكذب هذه الدولة، وكذب هؤلاء العلماء والفقهاء.
لا اتريبين: حرق هذه الوثائق تم يوم الجمعة، وهو يوم مقدس عند المسلمين. وقد وقع بُعيد عودتكم من أوربا. ألستم بصدد إعطاء فرصة للتفكير بأن هذه الفعلة أملاها عليكم أعداء الإسلام؟
بيرام الداه اعبيد: لا. أنا عندما أقوم بفعل يمليه علي ضميري ومبادئي المبنية على البحث عن الكرامة للكائن البشري، والبحث عن الحقيقة والعدالة، لا أفكر في العواقب، ولا أولي أي اهتمام للتأويلات. وإنما أرجع إلى ضميري. صحيح أن يوم الجمعة مقدس عند المسلمين. لكن من هم المسلمون ومن هم غير المسلمين؟. نحن مسلمون. الفرق الوحيد مع هؤلاء الزاعمين أنهم مسلمون الذين يمسون منا، هو أننا نحن متعلقون بروح التسامح في الإسلام وبروح المساواة في الإسلام وبروح الإنسانية في الإسلام. إذن جوهر الإسلام الأصيل والأصلي. إذن متعلقون بالإسلام كما هو في القرءان وكما هو منصوص في أفعال وأقوال النبي (صلع). إنه الإسلام المناهض للرق، الإسلام الذي يحترم الحرمة الجسدية والمعنوية للبشر. لقد أدينا صلاة الجمعة بشكل سليم كما تعودنا. وبعد ذلك أحرقنا هذا الأدب الذي أنتجه بشر معرضون للخطإ، ليسوا فوق الشبهات. أحرقنا كتبا ليست بالقرآن ولا بالسنة، ولم يؤلفها أناس معروفون في الإسلام بالاستقامة. لقد أحرقنا كتبا تسيء للإسلام وتتضمن، بتمجيدها وتقديسها للرق، من خلال منحه طابعا إسلاميا، إبقاء شعبي في ظروف غير إنسانية، أعني بشعبي شعب الحراطين العظيم المُبقَى عليه في شكل من التمييز يجد جذوره في الرق. لا أحد يمكنه أن يقدم لنا دروسا في الإسلام ولن نقبل ذلك من أحد. لقد انتهزنا فرصة قداسة يوم الجمعة لنقوم بعمل مقدس، عمل مخلـّص للموريتانيين لأنه سيقرع ناقوس الاستيلاب الذي يروح ضحيته العبيد وملاك العبيد، فهذه الكتب التي ابتدعها بشر وربطوها، بهتانا، بالإسلام هي التي تواصل العمل على استيلاب العبيد وملاك العبيد معًا. هذا هو ما فعلنا لأنه هدفنا وغايتنا.
لا اتريبين: إذن أنتم تعملون على هدم المجتمع الموريتاني بما عنده من قيّم وتقاليد يحرس عليها بكل غيرة ؟
بيرام الداه اعبيد: بالتأكيد. لقد قلنا مرارا أننا حركة أفكار وأن هدفنا هو تدمير المنظومة، أولا في أساسها الأيديولوجي وفي أساسها المتشبه بالدين الذي يرسخ ويشرع عدم المساواة والظلم وجرائم ممارسة الرق.
المجتمع ليس متشبثا بهذه الأيديولوجية الاسترقاقية، فالمتشبثون بها هم المجموعات الاسترقاقية المهيمنة، المتشبثة أيضا بالكنانيش المقوننة للرق، وبالتأويلات الزائفة للإسلام. لكن ضحايا الرق والسكان ومفاصل من المجتمع، قليلة لا شك لكنها موجودة، والحداثيين الموريتانيين ليسوا متشبثين بهذا الأدب وهذه القوانين والنصوص الاسترقاقية.
أجرى الحوار كيساما
المصدر: لا اتريبين، العدد 593، الصادر بتاريخ 30 ابريل 2012
الترجمة من الفرنسيه إلى العربية:
محمدفال سيدي ميله(بدال).
رابط المقال بنسخته الأصلية باللغة الفرنسية : http://kissimadiagana.blogspot.com/2012/04/birame-ould-dah-ould-abeid-jassume.html