هل تريد لجنة التحقيق البرلمانية تحويل المفسدين إلي أبطال

حضرت في عهد الرئيس السابق معاويه ولد سيدي احمد الطايع محاكمة أجريت لابراهيم ولد أبتي و فاطمة امباي و بوبكر ولد مسعود اعترفوا خلالها بما نسب إليهم من تهم في الوقت الذي شكلت محاكمتهم مهزلة للنظام انتهت بتلقي وكيل الجمهورية الأوامر المباشرة من المدعي العام الذي كان يتابع الجلسة من مكتب في الشرفة التي تطل علي قاعة المحكمة و قد أثبت المحامون أن النيابة التي كان يلزم أن تتولي فتح الملف أصبحت في ذيل الترتيب بعد أن تولت إدارة أمن الدولة كل شيء مما أفشل مصداقية المحكمة و خسرت الحكومة مقابل ذلك أموالا طائلة ذهبت في الحراسات و غيرها وعطلت إنسياتية المرور ..أذكر يومها أنها أغلقت كل المداخل المؤدية لقصر العدل من منعطف الاذاعة شمالا إلي منعطف قيادة الأركان غربا إلي منعطفي الجمارك و مسجد إبن عباس جنوبا و أخيرا ممر الجامعة الذي يصلها بالقصر من الناحية الشرقية .

و فوق هذا كله خرجت الحكومة بصورة ألصقت بالنظام تهمة الإستبداد التي ظل يرزح تحتها إلي أن انهار و كذلك حصل في جميع المحاكمات التي وصفت بغير العادلة علي مدار الأحكام المتعاقبة علي البلاد كما حصل مع حنفي ولد الدهاه علي سبيل المثال لا الحصر..

وكنت أتصور أن حكما في بداية عهده و ليس من طبع أصحابه الإستعجال في الأمور فرأس النظام أعرف منه من الرزانة و السعة ما يخوله إنطاج أفكاره على نار هادئة بعيدا عن تشنجات بعض المنشغلين بالملف ممن لا هم لهم إلا أن يروا خصمهم - لأنه لم يشركهم في الفساد - يرصف في أغلاله أمام المحاكم إشفاء لما في صدورهم ليس إلا .

أربأ بنظام هوت إليه أفئدة الناس أن يختار التشفي و أجله عن خوض غمار حرب لا نتيجة لها سوي إثارة النعرات و زيادة الإنقسامات فما لهذا انتخبه الشعب .

لقد انتخبكم الشعب لغايات من بينها بسط العدالة بين الناس و مكافحة الفساد المستشري في كافة أركان الدولة..

إن مكافحة الفساد تتأتي من اقتلاعه من جذوره , و لن يتم ذلك إلا إذا أخذت العدالة مجراها الطبيعي في كافة مناحي الحياة و إن السلطة التنفيذية تستطيع فعل ما تشاء لكنها لا تملك أن تجعل الناس تصف ما فعلت بالصحيح إلا إذا سلكت طريق الصواب و طريق الصواب لن تكون أبدا بتفصيل القضايا على مقاسات الخصوم و تسليم خصومهم لهم ليعبثوا بمصالح الدولة مقابل إشفاء ما وغرت به صدورهم علي من منعوهم من الفساد لينفردوا به لأنفسهم .

إن الشعب سمع رد ولد عبد العزيز و استحسنه و رد جميعا بأن مطلبه شرعي و لن يلبي لأن تلبيته تعني كشف كل العري و العهر و الكفر الذي يملأ حنايا هذا الوطن المسكين .

إن مثول ولد عبد العزيز متهما أمام برلمان صنع علي يديه في بث مباشر سيكشف حقيقة مرة هي أننا أمام مسرح أبطاله من ورق أغلبهم بطن الأرض أولى بهم من ظهرها ...

إن الشعب قد سمع كلام ولد بايه و استساغه و ردد قبله من يحاكم من و لا أدل علي قوة تهديده من تمسح رئيس لجنة التحقيق وكاتبها بحذاءيه .

تستطيع اللجنة أن تفعل ما تشاء ما دامت الحكومة من ورائها و لكن أقصي ما ستقوم به هو تعفير وجه دولة القانون مقابل تشفي البعض من خصومهم ليصبح هؤلاء الخصوم أبطالا في منظور الشعب لأنهم بكل بساطة استهدفوا بمنطق قوة الدولة .

إن الإجراءات القانونية التي تمكن من محاسبة رئيس سابق محاسبة قانونية لا طعن فيها ما زالت غائبة و إن سنها يتطلب وقتا ليكون سليما و مسلما به , و إن الفساد ليس مقصورا علي شخص الرئيس السابق فجميع الأدوات التي مارس بها الفساد مازالت قائمة و ما زالت مقدورا عليها .فمن يمنع من البدإ بها و ليس ثمت قانون يمنع محاكمة وزير أو برلماني أو رجل أعمال ...

إن محاكمة من في سجن بير أم اقرين ملحة جدا و كذا متهمو الجرائم الإقتصدية و غيرهم من أجل توسعة السجون للوافدين الجدد .

يتعين على الجهات المعنية بالتحقيق إذا كانت جادة في مسارها أن تسند الأمر لأهل الإختصاص من القضاة المشهود لهم بالنزاهة و العدل و أن تجري التحقيقات وفق المساطر القانونية السليمة .

إن المسارات الجارية للتحقيقات لا تخدم سوي غايتين اثنتين لا ثالثة لهما حتما قطعا .

 الأولي : تنحصر في إشفاء صدور وغرت علي من حرمها من المشاركة في الفساد الذي يشهد القاصي قبل الداني أنه دينها و ديدنها و الطبع الذي جبلت عليه و رضعته من الأثداء التي أوصلتها إلي السلطة في الوقت الذي لو سارت الأمور علي طبيعتها ما سمع بأسمائها البتة . "نحن أهل اتويميرت و متعارفون" و لن تستطيع وسائل الإعلام الغائية و التلميعية أن تخفي علينا أقواما نعرف انشغالهم بالفساد حد التعبد والتبتل .

 أما الغاية الثانية و هي "التي ستنحر البقرة لأجلها" فتتمثل في تداعي أمم الفساد من كل الإتجاهات السياسية إلى قصعة التحقيق البرلماني من أجل إفشاله و منعه من أن يطال أباطرته و حصره في كبش فداء لا تقوم للتحقيق بعده قائمة و ليكن ولي نعمتهم .

إننا نحن سكان "العين الخاوية" نربأ بنظام يملك الوقت الكافي و القدرة على تسيير الملفات أن يقبل أن تضحي به حفنة من اللصوص لا هم لها إلا النجاة برؤوسها من المقصلة .

إن على النظام إذا كان جادا أن يفرض أن يسير التحقيق سيرا جادا يمكن في نهايته من حل مشكلة الفساد من جذورها و أن يستعد كل المنخرطين فيه للمساءلة ذلك أن أغلبهم متهمون في قضايا فساد من النوع الخارق للعادة .

على الحكومة إذا كانت جادة أن تبدأ التحقيقات وفق المساطر القانونية بحيث يفتح وكلاء الجمهورية الملفات و يوجهونها إلى الجهات القضائية المختصة لمباشرة التحقيق فيها .

إن على رئيس الدولة أن يتحمل المسؤولية في فرض مسارات صحيحة لهذه المساطر بالشكل الذي يستأصل الفساد من جذوره كيما يعيد بلاد شنقيط إلى مرتبة الريادة التي تستحقها بإمكاناتها المادية و المعنوية والتي استطاعت أن تلعبها في الماضي بدون تلك الإمكانات و هي الآن مهيأة للعب دورها الريادي في العالم أكثر من أي وقت مضي .

إن المحاكمات المفصلة على المقاس خاسرة دائما و لا تخدم إلا من تستهدفهم ففي نهاية المطاف فقد نجحت في تحويل مغمورين و مرضي و معتوهين إلى أبطال في عيون العامة و ساعدت هيئات استخبارية معادية على صناعة عملاء أدخلوا البلاد في دوامة من المشاكل لا تكاد تنقطع . فما بالك برئيس دولة يقر الجميع بشجاعته أو تهوره - سيان -يحمل رصيد عشرات السنين من الخبرة و العلاقات ولن يتره حلفاؤه بالمفهوم الواسع و قد يكونون يخططون لجر الدولة لدوامة من المهاترات التي قد تعصف بها لا قدر الله.

نحن سدنة " العين الخاوية " ننظر بعين المصلحة العليا " مانا خايفين ؤ لا نا طامعين طبنا افليدين كنا طايبين " جابهنا عزيز بالحقيقة يوم كان الناس يخشونه و سنجابه ول الغزواني بها ما حيي و حيينا لا نريد إلا الإصلاح ما استطعنا و لن يندم من أخذ برأينا لأننا لن نخلطه بغير مراعاة الحقيقة.

 

يا أيتها اللجنة المكلفة بالتحقيق حققوا مع أنفسكم و حاسبوها قبل أن تحاسبوا و اتقوا الله في هذا الشعب الذي تريدون خلط الأوراق عليه . إن خروج تصريحاتكم يوميا و تسريبها عبر الصالونات قبل غيرها يشي بقلة حصافتكم و عدم أهليتكم للمهمة فاحترموا أنفسكم و ردوا القوس إلي باريها و كونوا له سندا و ظهيرا ذلك أقصي ما تستطيعونه . بوركتم و أرشدتم .

محمد المهدي صاليحي