كلفت،وانا اذ ذاك مدير الأخبار، مع زميلي المصور جيبي جالو من طرف الوكالة الموريتانية للأنباء، بتغطية المؤتمر الرابع لاتحاد المغرب الغربي الذي استضافه معمر القذافي في راس لانوف عام 1991 ضمن إحدى أغرب جذبة من الجذبات القذافية.
كان معنا الزميل محمد المختار إياهي (شفاه الله) مندوبا عن الإذاعة.
عندما وصلنا اكتشفنا ترتيبا غريبا لمقرات الضيافة فالرؤساء حولت لهم مكاتب شركة البترول الليبية إلى غرف نوم وأعضاء الوفود خصصت لهم غرف على متن باخرة راسية على ساحل خليج السدرة.
استغرب الشيخ سيد احمد بابامين وكان حاضرا بصفته سفير موريتانيا بالجزائر هذا الترتيب قائلا والباخرة المقلة للوفود تتقاذفها امواج البحر :ما كنت اعتقد ان مثل هذه الضيافة يمكن ان يخصص لقمة هامة..
استدعانا الدكتور لوليد وهو في أوج تحكمه،أنا وزميلي ولد إياهي (كان ولد إياهي اقرب مني للديوان بحكم أسفاره الكثيرة مع الرئيس)، ليقول لنا بان الوفد الموريتاني يتوفر على خط هاتفي واحد داخل غرفة الرئيس ويمكن لمندوب الإذاعة ان يستخدمه عندما يكون الرئيس خارجا في جلسات القمة.
كانت الإذاعة ولعلها لا تزال، اهم عند المسؤولين من الوكالة رغم ان خدمات الوكالة مكتوبة وأعم نفعا..
أصبت بإحباط شديد بعد التعليمات التي أصدرهاالدكتور ببرودة: فالأخبار التي بحوزتي لا يمكنني ايصالها للتحرير في نواكشوط وذلك امر يحسبه الدكتور هينا وهو عندي خطب عظيم..
لم يعد امامي والمدينة ليست بها اتصالات، الا ان أغامر للقيام بعملي خارج التعليمات.
لاحظت ان الخط الهاتفي الداخل لغرفة الرئيس يمر بغرفة انتظار فيها جهاز "تلكس"فقطعت الخط وشبكته في التلكس وتركته متواصلا نحو الغرفة بحيث تصل المكالمات دون مشكلة وبحيث أتمكن من إرسال الأخبار اولا بأول للتحرير المركزي بنواكشوط.
وكانت الاتصالات الهاتفية من ليبيا رديئة فلم يتمكن الزميل إياهي من إرسال عناصر صوتية مسموعة فاعتمدت الإذاعة على برقياتي..والاذاعة في الأصل تعتاش على برقيات الجنود المجاهيل في الوكالة منذ ان نشأت الوكالة كما هو معلوم.
وكانت الحصيلة انني أنا الذي غطيت القمة الرابعة لكن باستخدام خطير لهاتف الرئيس معاوية وخارجا عن تعليمات الدكتور لوليد الذي قدم التهنئة لمدير الوكالة صديقه يسلم ولد ابنو عبدم..
أما أنا فلم يقل لي احد كلمة ولم اسمع أية تهنئة من احد لكنني كنت اسعد الناس لأنني قمت بتغطية اخبارية سريعة ومتكاملة ولأنني تحديت تعليمات الدكتور واعتديت على خط الديكتاتور معاوية...
هذه ذكريات استحضرتها من سنوات مريرة عشتها مخبرا صحافيا في الوكالة لا تقدير فيها للجهد لكنها على المستوى المهني سنوات العمر وسنوات الزهو وسنوات رفع التحديات.
من صفحة الإعلامي عبد الله السيد على الفيس بوك