خاص ريم آفريك-ملاحظات سريعة على مقترح قانون نظامي يلغي ويحل محل القانون رقم 2008-021 المتعلق بمحكمة العدل السامية
أولا من حيث الشكل:
1- في معرض المقدمة المتعلقة بعرض الأسباب وكذا العنوان الذي عنون به مقترح القانون لم تتم الإشارة إلى تاريخ القانون النظامي الملغى، المتعلق بمحكمة العدل السامية وهذا خطأ
2- ورد في المادة الأولى من مقترح القانون، في إطار تعريفه لجريمة الخيانة العظمى ما يلي: ( ..كل إجراء يمس من خلاله رئيس الجمهورية بالدستور أو يعيق ممارسة نشاطه..) حيث أضيف النشاط للدستور وفق هذه الصياغة وهو خطا شكلي في الصياغة يمس المعنى
كما ورد في نفس المادة في فقرة أخرى منها؛ أن الدعوى ضد رئيس الجمهورية لا توجه إلا من طرف البرلمان وهذا أيضا ربما خطا في الصياغة فمصطلح الدعوى هنا يعبر عنها قانونا بالتهمة أو الاتهام وليست دعوى يتم رفعها من جهات معينة، ومن ضمن هذه الملاحظة الشكلية عبارة توصية بالتهمة الواردة في النص مرات لأنها ليست توصية بل هي تهمة من الجمعية الوطنية للرئيس او الوزير يؤكدها التحقيق أو ينفيها.
3- منهجيا بدأ مقترح القانون بالباب الأول تحت عنوان: التشكيلة و قواعد سير العمل وهذا هو عنوان مقترح القانون كله بينما كان يمكن أن يبدأ مقترح القانون بأحكام عامة مثلا ثم يقسم النص منهجيا بشكل مقبول كأن يتحدث في البداية عن التشكيلة ثم يخصص محورا آخر لقواعد التسيير إلخ..
كما أن الباب الثاني من النص لم يختر له عنوان مناسب وهذا خطأ حيث اكتفى النواب بتقسيمه لقسمين الأول في الإحالة والاتهام والثاني في المرافعات والحكم
4- ورد أيضا في المادة 12: عبارة القضاة والخلفاء الخلفاء أو الأخلاف دون بيان اي العبارتين
5- وردت الإشارة إلى الجمعية الوطنية في المواد 19 و20 و22 بغرفة النواب وهذا اجترار من النص القديم الذي كان ساريا في ظل ثنائية غرفتي البرلمان بينما تحيين القانون يقتضي الاكتفاء بكلمة الجمعية الوطنية ونفس الملاحظة تنطبق على كلمة البرلمان الواردة في المادة الأولى.
ثانيا: من حيث الموضوع
1-ورد في عرض أسباب النص ما يوحي بأن محكمة العدل السامية أداة رقابية للمال العام ألخ ، بينما الواقع أنها تشكيلة دستورية ذات طبيعة سياسية مهمتها الدستورية محاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى وفريقه الحكومي تبعا لذلك
2- محاولة النص تعريف الخيانة العظمى في مادته الأولى مع أنها وردت دون عنوان ومبتورة من أي محتوى منهجي، هي أيضا تجاوز للدستور الذي أحال للقانون النظامي، تشكيل محكمة العدل السامية، وقواعد سيرها وكذلك الإجراءات المتبعة أمامها، كما أن هذه الأحكام فيما يبدو، لم تستأنس بالفقه الدستوري في هذا المجال.
3- تضمن النص خلطا كبيرا بين سلطة الاتهام وسلطة التحقيق ومهمة قضاة المحكمة، متجاوزا في ذلك بعض القواعد الإجرائية المعروفة في قانون الإجراءات الجنائية الذي اعتمده النص ثم خرج عليه في أكثر من مرة؛ فلا يمكن مثلا لقضاة تحقيق تعهدوا في ملف أن يطلبوا مراجعة التهمة من الجمعية الوطنية مرة أخرى، إلا إذا كان ذلك على سبيل الاشعار وهنا يكفي إشعار الادعاء العام.
ومن ذلك أيضا عدم توضيح مآلات مهمة قضاة التحقيق التي يمكن أن تنتهي بقرار بأن لا وجه للمتابعة أو بإحالة على محكمة العدل السامية مباشرة .
كما ان استدعاء كاتب ضبط المحكمة لقضاتها وأخلافهم المشار له في المادة 30 فيه تجاوز لصلاحيات ومهمة رئيس المحكمة المعني بإجراءات تنظيمها، إضافة إلى أنه ليس من العادة حضور الأخلاف لمحكمة لم يتعهدوا بعد فيها، فهمتهم تبدأ لما يخلفوا أسلافهم بعد وجود حالة شغور ملاحظ رسميا ووفق إجراءات خاصة.
هذه امثلة فقط لم يسعني الوقت لاكمالها وربما ايضا لا يخدمكم التطويل والخلاصة ان الجهات المختصة بالمراجعة القانونية في الحكومة او البرلمان ان وجدت في هذا الاخير اقدر على تقديم قانون يكون مقبولا على الاقل من الناحية الفنية ويمكن تحسبنه ام العكس فيبدو اننا لم نتطور له بعد.