رجل بحجم أُمة / عثمان جدو

لم أتفاجأ عندما أبان الزعيم مسعود عن عمق وطنيته ونفاذ بصيرته وحكمته وصراحته في المهرجان الشعبي الحاشد الذي نظمه حزب التحالف الشعبي التقدمي  ؛

بالرغم من الحملة الاعلامية والسياسة التي يتعرض لها الحزب

فإن الحشد الجماهيري الذي التف حوله في مهرجانه الذي اختار له عنوانا غاية في الدلالة على الوطنية " لبيك يا وطن " ، لقد أكد الزعيم مسعود وبرهن على أن المنتمين لحزبه مرتبطين بمصالح الأرض والشعب ومعنيون قبل غيرهم بالمحافظة على الشعب ووحدته ؛ لأن البديل حسب الزعيم مسعود عن الأرض والشعب والوحدة الداخلية غير ممكن ؛ وحال بعض الدول التي شردت نسوتها وانتفت الملاذات أمامها إلا من نقاط تحت الشمس الحارقة على أرصفة شوارع الدول المتفرقة للتسول على مضض لا يبعث على الاطمئنان لحالهم ولا إلى محاكاة أساليبهم..

لقد عاد مسعود يالأذهان قليلا إلى الوراء حين ما ذكَر بأول حراك سياسي له كان متمثلا في تأسيس "حركة الحر"
سنة 1978 في الخامس مارس في العاصمة انواكشوط في المقاطعة الخامسة تحديدا ؛ رفضا للواقع المزري حينها للأرقاء السابقين ، وأضاف أن الدعايات المغرضة كانت تستهدف الحراك أول أيامه وتعرض هو بذاته كما هو حال زملائه إلى حملة إعلامية شرسة ؛ وما يزال البعض يكرر العبارات المسيئة المنسوبة إليه ظلما وبهتانا وافتراء وزورا ؛ وتحدى مسعود أي صحفي أو ناقل أخبار يثبت بالبينة والبرهان أنه قال كلمة واحدة تسيء إلى الشعب الموريتاني الأبي أو لأي فئة من فئاته ؛

لقد أكد مسعود على قناعته الثابتة أن "لحراطين" في موريتانيا يتعرضون للظلم وعلى الجميع المساهمة في رفعه ماديا ومعنويا بعيدا عن المتاجرة والاستغلال ، وانتقد تحامل قادة الأرقاء السابقين عليه مذكرا بأنه هو أول من رفع شعار مظلومية الأرقاء السابقين ، وحول قضيتهم بذلك من مسبة إلى مصدر فخر واعتزاز ؛ مشيرا في ذات الوقت إلى أن هذه القضية عاشتها وعانت منها شعوب عدة في مناطق متفرقة من العالم ؛ ولا يمكن تجاوزها إلا بالثقة في النفس والاستقلال في الرأي والمصالحة والتسامح ونبذ ثقافة الكره وعقلية الانتقام وميوعة التوجه وهزالة الموقف والتبعية العمياء للجهات المتاجرة المختلفة بتعدد مشاربها وارتهاناتها وانتماءاتها.

لم يتوان الزعيم مسعود في إظهار عروبة مكون "لحراطين" بحكم لغتهم وثقافتهم ؛ حيث يتكلمون العربية ويركبون الجمال ويستمعون إلى الموسيقى العربية الحسانية وتلك من صفات الفتوة العربية في زمن غير بعيد ؛ حيث كانت هذه الصفات مقياسا للفتوة إضافة إلى نظيرات لها كقرض الشعر وحيازة أدوات التدخين التقليدية .. وأخرى ؛ لكنهم يضيف مسعود لسوا بيظانا رغم عروبتهم التي يفتخرون بها وهم عرب من أفضل العرب ولا منة لأحد عليهم في ذلك إلا للمولى عز وجل ؛ في إشارة بالغة الدلالة على أن الانتماء أعمق من أن يمايز باللون الذي هو جزء فقط وليس كل شيء ؛

أنتقد مسعود في خطابه أولئك المشككين في هوية "لحراطين" بدوافع إحداث الفرقة والشقاق تارة وبامتطاء القضايا وركوب الأمواج من أجل الوصول إلى الأهداف الشخصية تارة أخرى سواء كانوا زنوجا أو تلاميذ لفرنسا أو أمريكا من هذه الشريخة أو غيرها..

ذكر الرجل أنه تحدث مع رئيس الجمهورية بخصوص خطابه الأخير الذي أعتبر كثيرون أنه حمل إساءة إلى مكون "لحراطين" وأوضح أن الرئيس بين له أن خطابه فهم على غير قصدة  وأوله المعارضون له وحمَلوه مالم يحمل لحاجة في أنفسهم وأضاف مسعود قبلت توضيحه وهو المستساغ .

أزال مسعود اللبس عن مشاركة حزبه في الحوار مؤكدا على مشاركته باعتبار أن الحوار هو الحل الحضاري الناضج لتجاوز الأزمات وحل المشكلات ، وأكد أنه سيسعى في إقناع الرئيس أحمد ولد داداه ما استطاع إلى ذلك سبيلا طارقا بابه وطالبا منه المشاركة ..

أكد أن الأرقاء السابقين لن يكونوا وقود فتنة تحاك ضد البلد لأن وطنيتهم تمنعهم من ذلك وطلبهم لحقوقهم بالطرق المشروعة أولى وأبلغ في وجه الظلم والتهميش الذي عانوا منه لحقب مضت اتسمت بالتسلط والتجبر والنهب الممنهج وإقصاء الآخر .. أما اليوم فقد بات طلب الحقوق بسلمية أكثر إيجابية ويبقى الحوار واستقلال الرأي  أعز مكسب ويبقى الزعيم مسعود عملاق في زمن الأقزام ورجل بحجم أُمة .