في خطاب 3 مايو اقترح الرئيس محمد ولد عبد العزيز استفتاء لإنشاء مجالس إقليمية لتنمية الولايات وإلغاء مجلس الشيوخ، مما ولّد مناقشات حية في الأوساط السياسية وخارجها.
لم يوضح الخطاب الرئاسي العلاقة بين إلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس إقليمية، فإذا كان الأمر الثاني يلتقى من حيث المبدأ، مع بعض الدعوات إلى قدر أكبر من اللامركزية، فإن الأمر الأول ليس على أولويات السياسيين أول الرأي العام.
الرئيس برّر إلغاء مجلس الشيوخ ببطء العملية التشريعية.
صحيح أن مجلس الشيوخ محدود التمثيل للمجتمع وينتخب بشكل غير مباشر وفي ظروف غير شفّافة ينتشر فيها الابتزاز والفساد.
أُنشأ المجلس سنة 1991 تقليدا للجمهورية الفرنسية الخامسة، ولاعتبارات سياسوية لمراعاة التعددية الثقافية الموريتانية في أعقاب أحداث 1989.
الشيوخ - سواء من الأغلبية والمعارضة - لم يرحبوا باقتراح حل المجلس، بل قاطعوا الحكومة بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك متهمين الرئيس بالإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات.
المجالس الإقليمية التي اقترحها الرئيس يمكن أن تكون جزئيا حلا لاستبعاد هذه المكونات من السكان.
فإنشاء برلمانات إقليمية مهمتها تتمثل في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة كخطوة أولى في عملية نقل السلطة، وتمثيل جميع مكونات المجتمع، سواء العرقية والاجتماعية وهي خطوة هامة في الدولة التي لا يزال يعاني من آثار أحداث 1989، وتداعيات الماضي المتسم بظاهرة العبودية.
يمكن لهذا المجالس أن تمكّن أيضا من ظهور نخب محلية الجديدة أقرب إلى اهتمامات المجتمع المدني، من خلال إطار يضمن تمثيلا إقليميا أكبر في كل مجلس، ويتمكّن أعضائه من التعبير عن المجتمع، وليس القبيلة أو العرق على وجه الخصوص.
على المستوى الوطني، وعلى المدى الطويل، يمكن أن تصبح المجالس حاضنة لنخب جديدة متحررة من الانتماءات الضيقة.
ماليا، يمكن أن تكون المجالس أفضل من حيث الشفافية والحكامة، وإنشاء آليات لتوزيع أكثر عدلا للثروة مما يحقق متطلبات العدالة الاجتماعية.
ونظرا لعدم وجود مؤشرات واضحة عن المهام الفعلية لهذه المجالس الإقليمية،فلا ينبغي أن نغفل عن المخاطر المحتملة التي يمكن أن تحملها هذه المجالس.
الميزة الأولى لمجلس الشيوخ الحالي هو منح الوجهاء التقليديين صفة رسمية، وتقاعدا برلمانيا للمسؤولين السابقين.
والمجالس الإقليمية أيضا يمكن أن تكون كذلك على نطاق أصغر.
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فسيكون ذلك تماما على خلاف الفوائد المذكورة أعلاه.
ستكون مجردة من السلطة الحقيقية، وغير فعالة ومكلفة دون داع.
كما يتوقع تفاقم الصراعات والمواجهات الفئوية، والمزيد من السيطرة للطبقات المهيمنة تقليديا.
وفي ما عدا اقتراح إنشاء مجالس إقليمية فإن بعض الجهات الفاعلة على الساحة السياسية تدعو لتعديل الدستور للسماح ولد عبد العزيز إلى الترشح لولاية ثالثة في 2019، من رفع تحديد عدد الولايات باثنين، على غرار عدد من القادة الأفارقة بول بيا (الكاميرون) وروبرت موغابي (زيمبابوي)، تيودورو أوبيانغ (غينيا الاستوائية)، خوسيه ذ سانتوس (أنغولا).
هذا الاقتراح جاء من إبراهيم ولد داداه، وزير العدل مما تسبب في ضجة من المعارضة. كما أن المتحدث باسم الحكومة في الوقت نفسه أشار إلى أن ولاية ثالثة هي مطلب غالبية أو كل الشعب الموريتاني.
ولكنّ الرئيس نفى مؤخرا وجود مثل هذه النية لديه. كل هذه المناقشات على المشهد السياسي الموريتاني هي حاملة للأمل، ولكن يمكن أن تحمل الأسوأ.