في وقت كادت البلاد فيه تخرج من طور الدولة الضعيفة الي حالة اللا دولة إذ تم اختزالها في اشخاص بعينهم يمثلون جهات بعينها
لقد شاخت الآمال حتي الهرم ..وسئم الكل حتي الحزب الجمهوري سئم نفسه
ولم ير النظام ببصيرته لكنه رأي ببصره
اولنقل بأحدعينيه ان العلاقة الدبلوماسية مع إسرائيل هي الحل !
هكذا راي لكن إسرائيل كانت تري أن ذلك مرهون بثمن عليه ان يقدمه
ولم يكن النظام مستعدا لكل ذلك الثمن
ذلك انه في خطابه السياسي معتمدا علي الشعارات القومية
وفي الملامح العامة لإدارته مستفيد من بعض اطر الحركة القومية وإن باختلاف !
اي انه بالنسبة للبعثيين هناك اتفاق علي معاوية حتي بعد العلاقة مع اسرائيل
أما بالنسبة للتيار الناصري فلاقيادة تمسك بأفراده
فالمستفيدون من نظام معاوية لايرون العلاقة مع اسرائيل اكثر من الانسجام مع مسار اوسلو وغيرهم وهو الاكثرية يراها ردة قومية يعامل صاحبها بما تمت معاملة الرئيس المصري الاسبق محمد انور السادات
غير ذلك من القوميين غير الأيديلوجيين وهم نخب الجيش رأي العلاقة ردة فعل سيئة علي تصرفات المعارضة الراديكالية بقيادة احمد ولد داداه التي حشرت النظام في زاوية ضيقة لم يستطع من خلالها أن يري غير اسرائيل وأمريكا مبررين بذلك تلك العلاقة .. وهم في ذلك لم يمتلكو القدرة علي إيصال رسالتهم بضرورة احترام الدستور والنأي بالبلاد عن بوابة الانقلابات
..خاصة ان من هم مخولون بالقيام بها حسب المواقع القيادية هم رفاق معاوية ولايختلفون عنه كثيرا .. وان الامر يجب ان يظل متروكا للمدنيين فلابد من حصول تغيير اضطراري يضمن قدرا من الاستقرار حتي لايتضرر الاستثمار
رسالة هؤلاء لم يكتب لها اي صدى فالاوساط الاستخباراتية تصنفهم مناوئون لأنهم لايدخلون لعبة أبناء العم
والاوساط الراديكالية تخشاهم لانهم يناوئون جهارا الانقلابات سواء في حلقات الشاي او الجلسات الخصوصية
وبين هذا وذاك كانت إسرائيل تتدخل في شان المؤسسة العسكرية بشكل فاضح وقد ابلغت الرئيس معاوية بان هذه المؤسسة باوضاعها الحالية خطر علي أمنها وعلي صداقتها معه وهي الصداقة التي يحسب لها معاوية الف حساب خاصة انها طردت ممثل حركة افلام من تل آبيب بعد تلك العلاقة .
ويتحدث ثقات عن ان معاوية طرح الامر علي معاونيه واطلعهم علي ان اسرائيل طلبت إقالة 200 ضابط من مختلف الرتب من المؤسسة العسكرية والامنية ..وان العقيد احمد ولد منيه ورجل الاعمال الشريف ولد عبد الله والعقيد سيدمحمد ولد العالم ابلغوه استحالة ذلك ..
إلا انه بعد ذلك توفي العقيد احمد ولد منيه وكانت وفاته يوم 28 اكتوبر وهو اليوم الذي سيكون يوم الإعلان عن رفع العلاقة بين البلدين إلي مستوي السفراء بعد ذلك بسنة .
وبعد ذلك بثلاث سنوات اي في نوفمبر2001 تم الإعلان عن اول محاولة انقلابية قام بها النقيب صالح ولد حنن استهدفت الرئيس ولد الطايع نفسه
فماذا كان ؟
اعلن عن تسريح صالح وثلاثة ضباط من رفاقه تم
التأكد من انهم كانو يدبرون لاغتيال الرئيس ورافق ذلك الإعلان عدة ملاحظات من قبل المهتمين بالشأن العسكري
اولها
ان قائد الاركان الذي جرت العادة ان يجلس بالقرب من الرئيس اثناء الحفل ظهر وهو يجلس في آخر مقعد من منصة الحفل
فاتجهت الانظار إلي انه كان علي علم بالمحاولة وكان يفضل النجاة بنفسه الاان فرصة اتهامه لم تتحقق بل اكتفي هو نفسه بتسريح من تم اتهامهم ..واعتبر الامر حادثا معزولا لان اعل وابن عمه محمد ولد عبد العزيز كانو قدشرعو في تدبير قلب النظام حسب ما جاء في تصريح لاعلي في مقابلته مع الجزيرة بعد انقلابه علي معاوية 2005
ثانيها
ان احد المسرٌحين علي علاقة عرقية بقائد الحرس الرئاسي آن ذاك محمد ولد عبد العزيز فقد اعتقد هؤلاء ان إخفاق تلك المحاولة مدبر من خارج إرادة من كانو يخططون لها وان أي ضابط خطط لقتل احد لايمكنه ان يفشل في ذلك لكنه يمكن ان يفشل في ما بعد القتل !
لذا كان تصور هؤلاء أن الانقلاب قادم وانه سيكون كارثيا علي المؤسسة العسكرية لأنها قد تتناحر بسببه فليس إخفاق في قتل شخص كل شيء
اما معاوية فاخذه مايشبه الغرور بانه نجا بسبب قدرات وإخلاص أجهزته الامنية !
اما قادة المعارضة الراديكالية فلم يكن لهم من الامر شيئا يذكر فقاعدتهم الشعبية تتمني لحاق الاذي بمعاوية لاي سبب وهم لايعولون علي استجابته إذا نصحوا فقد كانو بمثابة المحذور فلا الانقلابيين تشاوروا معهم ولا النظام يمنحهم احقية المواطنة حتي...
وماكادت هذه المحاولة تبلغ الفطام حتي لاح في الافق انقلاب 8 يونيو 2003
باتت انواكشوط علي عزف الرصاص وقصف الطائرات الحربية فيما يشبه مناورة تدريبية
لكن الامر بدا غير ذلك مع الصباح فقد نزح بعض السكان من العاصمة إلي نواحيها مودعين الأمل في الاستقرار ومتشفين في نظام أرادو تبديله ولما ابي غدي متخفيا في دروب المجهول
كان هذا هو لسان حال سكا ن لم يجدو في زوال نظام معاوية مايأسفون عليه ..
عند الساعة السابعة عشر من ذلك اليوم انطلقت الدعوات لمؤازرة الانقلابين بمظاهرة مدنية تسندهم وتشد من أزرهم لكنها كانت خجولة محصورة في اوساط قليلة ربما ذات صلة محدودة بالشان العام إذ لم يدع لها قادة سياسيون رغم بغضهم الشديد لمعاوية
ثم تحول الامر إلي انسحاب قادة الانقلاب بعد تحرك الوحدات العسكرية القادمة من داخل البلاد والتي توافدت لحماية الامن والسكينة ومن أبرز تلك الوحدات تلك التي قدمت من لگوارب بقيادة ...علي عكس ما يشاع من ان كتيبة ولد الفايدة هي التي افشلت الانقلاب لان هذه دخلت انواكشوط متاخرة وبعد انسحاب قادة الانقلاب من كتيبة المدرعات ..
.لم يفصح الانقلابيون حتي الآن عن المستور في مايتعلق بغياب رسم خطة للمقاومة بعد سيطرتهم علي المراكز الحساسة في انواكشوط ولاعن عدم رسم خطة للسيطرة علي وسائل الاعلام
ولا عن غياب الاتفاق علي البديل الذي يفترض ان يكون أهم اساس للاستمرار والتماسك .
غير ان الانسحاب بدأ تحت وطاة الهجوم المباغت الذي قامت به الوحدة القادمة من روصو وكذلك تشكيل آخر قام به قائد الاركان المساعد بعد مقتل قائد الاركان انديان
هل استفاد معاوية من درس الثامن يونيو ؟
سؤال كبير لكنه بدون جواب ! ولكن المحللون يكابرون ويرفضون الهزيمة فبعضهم يعتقد ان معاوية اعتبر فشل الانقلاب هزيمة لكل من يحاول مرة أخري خصوصا بعد ما اظهره معظم السياسيين إكراها او قناعة من رفضهم للانقلابات
وسواء كان هذا الرفض إكراها او رِضي فإنه بلامعني ، مالم يتوج بانفتاح سياسي تبدو فيه السلطة بوجه غير الوجه الذي أدي إلي كل هذا
..ذلك مالم يستفده معاوية من هذا الانقلاب
اما مدير أمنه فقد بادر إلي إخراج الانقلاب من الدائرة السياسية إلي دائرة قبلية ضيقة يتسع الانقلاب حقيقة عن مداها بكثير !حيث حشره في زواية قبيلتين لم يكن كل الانقلابيين ينتمون إليهما وهما قبيلتا صالح ومحمد ولد شيخنا .
ردود الفعل السياسية
تباينت ردود الفعل ففي حين رات النخب العسكرية ذات الدور المحدود إن لم نقل المعدوم في القرار السياسي ان النظام مدعو إلي تغيير من الداخل بمقتضاه يجري انتخابات تشريعية سابقة لاوانها تتيح للمعارضة المدنية نوعا من التشارك حتي ولو كان علي نطاق محدود ، تعامل النظام مع تلك النخب بنوع من التهميش هو تحصيل حاصل أصلا ولم يكن لرأيها صدى كا العادة ..
اما القوميون المستفيدون من معاوية فقد اعتبرو الانقلاب استهدافا لهم وللثقة الممنوحة لهم وبالغوا في التمسك بمعاوية حتي تجاوز التاييد له ماهو مطلوب الي ما هو اكثر
وتوافدت الدول الشريكة لصندوق النقد الدولي مؤيدة للرئيس فيما هو ظاهر والحقيقة انها متمسكة بمكاسبها المنجزة عن طريق صندوق النقد والبنك الدوليين ..
فكان ذلك سببا كافيا للإمعان في الفساد والتغاضي عن حقوق الناس واستخدام وسائل الدولة كاداة للعلاقات الودية بين هؤلاء والئك فتعاظمت كل اسباب التخلص من نظام معاوية..
إلا ان الانقلاب كان دائما في ظل المخلصين للوطن هو الدواء الداء .. مع غياب امل يلوح في افق الإصلاح..
وبقي تنظير المؤسسة الامنية في ذلك الوقت للانقلاب وكانه عمل قبَلي تخريبي يشكل آلية فكرية وسياسية علي المستوي الرسمي ..في حين ظلت المعارضة التاريخية (التكتل -التحالف وضمير ومقاومة ) تحاول مستميتة اعتماد المرجعيات الفكرية والسياسية كاداة لتشكيل راي عام مغاير لما تنتجه المؤسسة الامنية من فقاعات مخلة بالامن نفسه والتنمية وبالحداثة ...
تعالت حالة انسدادسياسي مشوب بتوجس من حرب أهلية بين قبيلة الرئيس والقبائل التي صنفها الامن علي انها معادية !
وكانه مطلوب من قبيلة الرئيس ان تتعاطف معه وتستفيد بواسطته من وسائل الدولة علما بانه جاء بانقلاب .. وغير مطلوب من قبائل الانقلابيين أن يتعاطفو مع ذويهم وهم في السجون والمعتقلات لانهم قاموا بانقلاب ضد رجل حكم البلاد منذ بعض الوقت بانقلاب .
كان هذا الكيل الاحتقاري يجعل الاصوات تتقبل كل شيء ضد معاوية مما شجع علي انقلاب 6 أغشت 2004 الذي ذكر المرحوم اعل انه كان يخطط له منذو بعض الوقت
اللافت ان الانقلابيين توجهوا الي دول إفريقية
وكان العمدة السيد المصطفي ولد اعمر ولد محم هو من قام بحمل صالح خاصة الي مالي
اما الاسلاميون -الذين هم مدنيون وليست لهم قدرات مادية معلومة ولاعلاقة لهم في الحالة العادية بالاوربيين خصوصا في ذلك الوقت الذي تعج فيه اوربا بكل ماهو ضد
الاسلامويين - فقد اقامو في اوربا مدة سنة تقريبا ولايزال السؤال مطروحا حول الجهة التي غطت مقامهم في أوربا وأمنت خروجهم اصلا ..
من الواضح ان التحرك العسكري الذي تكرر ضد معاوية له مايبرره من الاسباب الموضوعية المتمثلة في حالة الانسداد السياسي الناجمة عن حكم فردي استمر لبعض الوقت ليس له من اسباب البقاء مايقنع الموالين فضلا عن الخصوم..طابعه العام التفرد بالسلطة وسوءالاوضاع الاقتصادية بالإضافة إلي نهج القمع وسيلة لإسكات الخصوم وتردي اوضاع المؤسسة العسكرية خاصة بعد تكرار عمليات إرهابية ثقيلة كان لها صداها علي
الجيش وغياب العدالة وتبني المعايير القبلية كمعيارمهني وتغييب معيار الكفاءة ..
ولكن ليس من الواضح ما هي الجهات الاجنبية التي دخلت علي الخط من اجل إفشاله
ثم ماهي الجهات التي دفعت اليه اصلا ثم هل كانت طرفا في فشله من اجل ان تدخل علي خط انقلاب آخر ولماذا تبناه الاسلاميون وهم خصوم للقوميين علما بان معظم مدبري الانقلاب ذوي خلفيات قوميةخاصة محمد ولد شيخنا وعبد الرحمن ولد ميني وولد الواعر وغيرهم
هل كان إطلاق السجناء في صالح الانقلابيين ام أنه عمل تخريبي؟
هل كانت هذه المحاولة كافية لتلبية طلب إسرائيل من معاوية إزاحة مايقارب200ضابط من حملة الشهادات العربية من المؤسسة العسكرية خاصة ان إسرائيل تمكنت من إفشال الانقلاب فهي ضمنت مطلبها بتقزيم المؤسسة العسكرية وكذلك سلامة حليفها من الخطر
لماذا انفرد بعض من ذوى الميول القومية بالمحاولة دون غيرهم ممن هم اعلي منهم رتبة واكثر حرصا اصلا علي التعريب في الجيش
وهل انفرد صالح بالعلاقة مع الاسلامويين
ام انهاكانت محل اتفاق ؟
سواء تقدم المعنيون بإجابات للامانة وللتاريخ ام اعرضو ا؟
فإن هذا الانقلاب كان بمثابة البوابة علي تحديدالمأموريات وكذا المواد المحصنة ..
إلا انه كان وبالا علي التعريب في المؤسسة العسكرية وعلي الافراد الذين تم اتهامهم به اوشاركوا فيه فلم يتم تعويضهم عما لحق بهم فلا الدولة اعتبرتهم منظمة عسكرية تخلت عن العمل العسكري بمقابل يضمن لها ثمن التخلي عن كونها عسكرية.. ولا قادة العملية تحملوا مسؤولياتهم وعوضوا عن ما تم إقحامهم فيه
لقد كان بمثابة بوابة لأغراق الدولة دون اتفاق دولي بالكثير من الاجانب القادمين من تجليات الازمة مع السنغال في القرن الماضي والذين كانو مجردين من أي إطار او فني ! لاطبيب ولا مهندس ولا استاذ ..ولا مستثمر.. ولا ..ولا ..
فهل كان هذا الانقلاب صرخة الم ؟ ام نداء امل
.