عندما تنتشل الدولة التربية الإسلامية من جديد! / المرابط ولد محمد لخديم

تفاجأ طلاب الباكالوريا في اليوم الأول من المسابقة بموضوع مادة التربية الإسلامية تلك المادة التي حذفت سابقا من امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا)، الشعب: العلمية والرياضية  في حين أبقت على شعبة الآداب الأصلية...
   وهذا ليس وليد الساعة بل يرجع إلى الإصلاح الذي انتهجته الحكومة الموريتانية السابقة سنة 1999م

 والقاضي بتقزيم التربية الإسلامية في الإعدادي والثاني بحيث أصبح ضاربها:1 وتدرس بمعدل ساعة أسبوعيا مما شكل نوعا من الاهانة للأستاذ بعدم أهمية مادته...
  وقد كتبت آنذاك مقالات ودراسات حول هذا الإصلاح المشؤوم تحت عناوين مختلفة مثل:عندما تحكم لفرانكفونية قبضتهاا ...وموريتانيا بين التعصب القبلي والتدخل الماسوني...
ولكن لم يستمع الي احد آنذاك.. فلا حياة لمن تنادي... اضغط الرابط: 
http://aqlame.com/article17387.html
  ويأتي قرار الحكومة بالمصادقة ، على مشروع قانون يقضي بإعادة تنظيم شهادة الباكالوريا الوطنية بشكل يسمح بتعزيز مكانة التربية الإسلامية المكانة اللائقة بها في النظام التربوي عموما، وفي امتحان الباكالوريا خصوصا... كمطب للجميع بعد أن أهملت و غيبت عن قصد طيلة العقود الماضية...
     ويقضي هذا القانون  بزيادة عدد ساعات تدريس التربية الإسلامية في الإعدادية  إلى أربع ساعات وبضارب:4 والثانوية ساعتين بضارب:2
   وهو قرار يذكر فيشكر عند جميع أطياف المجتمع الموريتاني. ولكنه لا يخلوا من مخاطر حيث أن الطلاب سيتوجهون من جديد إلى التربية الإسلامية دراسة وبحثا طلبا للنقاط ولكن المناهج التي بين أيدينا ينقصها الكثير من الإضافات والمعلومات فهي نصوصا تعداها مد الثقافة والعلم....ولم يعد بإمكانها مواجهة حضارة حبلى بسلوكيات ومناهج لم يعهدها المجتمع الموريتاني من قبل بوسائل تقليدية ...
   لقد اكتسحتنا الحضارة الغربية، بوسائطها المختلفة، وأصبحنا نعيش نوعا من الضياع، بدأت تتكشف بوادره في العقد الأخير حيث أن مجتمعنا بدوي يهرب من التفكير سواء بانغماسه في الملذات ، أو تكييفه لهذه العادات الوافدة مع عقله الجمعي...
فكيف صمد فكر سلف هذا البلد في وجهه ؟ في حين انصهر الخلف في ثقافته وتوجهاته؟
باستقراء تاريخنا نرى أن (المحظرة) هي التي وقفت حارسا أمينا وسورا منيعا في وجه المستعمر الفرنسي عند ما عجز سلاحنا غير المتكافئ. بذلك شهد شاهد من أهلها: CRISTIAN LAGRE يقول المسمي (كريستان لجرى)
  في رسالة سرية إلى الوزير المعني في فرنسا ما خلاصته:« إن الأفارقة قلدونا في الملبس وفي كل شيء ماعدا موريتانيا التي تمثل الثقافة فيها أعلى مراقي المجد فما زالت لها مكتباتها(700 مجلد من شنقيط وحدها) ولهم قضاؤهم المستقل» ثم يقترح حلا لذالك الصمود, وهو زعزعة مكانة العالم, والمحظرة, وتشجيع أطفال المدرسة الحديثة بإعطاء المنح وفتح الكفالات وتوفير الملابس مجانا إلى أخر الاقتراحات...
  وهذا ماترجم على أرضية الواقع خاصة بعد الاستقلال حيث شهدت المدارس الموريتانية اضطرابات وصدامات بين كل من أنصار اللغة العربية والفرنسية، وتعقدّت الأزمة أكثر عام 1968 عندما أصدرت الحكومة الموريتانية قرارا يجعل اللغة العربية لغة رسمية إلى جانب اللغة الفرنسية، وأعلنت الحكومة عزمها على احترام اللغات المحليّة المختلفة، وخصّصت وقتا في الإذاعة المسموعة لتلك اللغات..
    كحل وسط بعد تغلغل فرنسا بثقافتها ونمطها التغريبي على الشعب الموريتاني وخلفّها للنزعة العنصرية بين البيظان والسودان حيث نشبت العديد من الصراعات بين أبناء البلد الواحد...
وظلّت موريتانيا تتعرّض للمد والجزر بين أنصار اللغة العربية و أنصار اللغة الفرنسية،    
  مما شكل قطبين متناقضين مع الفارق الكبير بين أهل الثقافة الفرنسية المتحضرين في نظر العرف الموريتاني وبين أهل الثقافة العربية المتخلفين...
   فقد تكونت لدى أبناء هذا المجتمع عقلية مشابهة للعقلية الأوروبية في مفاهيمها وأفكارها ونظرتها إلى الحياة, لأن الباب الوحيد للعلم والتثقيف هو ذالك الذي يفضى إلى هذه الثقافة, التي تلقن في المدارس المنشأة من طرف الحكومات في البلاد العربية ولإسلامية, على نمط المدارس المنشأة في البلاد الأوربية, من ابتدائية وثانوية وعالية. وهذه الثقافة بشكلها الحاضر وجميع ملابساتها أخذت واقتبست من الثقافة الأجنبية, وهى نفسها في الدواوين الحكومية وفى المهن الحرة وفى مجالات الحياة العملية المختلفة....
وهذا ماجعل اللغة العربية تواجه صعوبات جمّة في موريتانيا في وجه فرنسة الإدارة والتعليم، وقد بذلت فرنسا كل الجهود لتشويه الأصالة الموريتانية حتى لا تنتشر اللغة العربية والإسلام في افريقيا....

   ومن رحم هذه الأجواء الثقافية الفرانكفونية نشأت النخبة الموريتانية التي وجدت نفسها صاحبة الحل والعقد في دولة كل سكانهّا من المسلمين، وقد عملت هذه النخبة على
.. طمس الهويّة العربية والإسلامية
وهذا ما يبن أهمية هذا القرار الجدد لانتشال التربية الإسلامية وتبوئها المكانة اللائقة بها في النظام التربوي عموما....
   لذا نطالب رئيس الجمهورية بالتدخل بتشكيل لجنة مشتركة من جميع التخصصات يعهد إليها بصياغة  هذه المناهج من جديد وتقديمها للطلاب في جميع المراحل التعليمية... وهي اللجنة التي من خلالها يكن تشخيص واقع التعليم وتقديم توصيات مناسبة لإصلاح المنظومة التعليمية، وإيجاد حلول لها...
  فهل يكمل رئيس الجمهورية قراره باستصدار قانون آخر يحدد المناهج؟ أم أنه سيبقى على المناهج الحالية المترهلة بعدما وجه الطلاب إليها؟