مديرية الامتحانات بموريتانيا ...أما يكفي عقد ونصف من العبث بمستقبل الأجيال ؟

تثير مديرية الامتحانات بموريتانيا الكثير من السخط في الأوساط التربوية ــ تلاميذ / ومدرسين ، حيث يجمع الفريقان على تدني أدائها، بل وتحولها إلى مركز للعبث بمستقبل أجيال المستقبل . 

مؤخرا تطور هذا الشعور إلى غضب شعبي من المديرية ــ التي يتربع مديرها على عرشها منذ نحو عقد ونصف  ــ تعاقبت عليه خلاله ثلاثة أنظمة سياسية مختلفة، حيث تظاهر عدد من التلاميذ المشاركين في امتحان الباكلوريا قبل يومين أمام المديرية منددين بما وصفوه بالظلم الذي تعرضوا له، ومطالبين بإعادة تصحيح أوراقهم وفق استيراتيجية مغايرة لاستيراتيجية المعتمدة من طرف المديرية التي يقولون إن ظنها "أنه لا معقب لحكمها ــ زاد الطين بلة . 

واتهم المشاركون في الوقفة الاحتجاجية الوزارة بمنعهم من النجاح لعدم قدرة الجامعة على استيعابهم، مؤكدين أن هذا لا يبرر ظلمهم، وأن بإمكانهم لو أتيحت لهم فرصة النجاح التسجيل في جامعات أخرى.

الأخطاء القاتلة تتكرر 

تضج صفحات التواصل الاجتماعي وحكايا الأسرة التربوية بقصص يندى لها الجبين لفلذات أكباد موريتانيا، الذي يتم العبث بمستقبلهم كل عام دون أن تتخذ مديرية الامتحانات إجراءات عملية للحد الأخطاء القاتلة لمستقبلهم، رغم الجهود الجبارة والتضحيات الجسيمة وما تكبدت أسر المرشحين التي تنفق الغالي والنفيس من الملايين، من عرق الساعد والجبين !!!!
لا يختلف تقويم التربويين والأستاذة الميدانيين لعقد ونصف من التسيير الأحادي لمديرية الامتحانات حيث يرى كثير من الأساتذة أن الارتجالية وغياب الأسس العلمية في التصحيح واعتماد المصححين أنتج كوارث آن الأوان لوضع حد لها ، هذا فضلا عن الظروف السيئة التي يجري فيها التصحيح ولعل تتذكرون وجبات الإفطار الصبيانية التي تقدم للمراقبين والمصححين في الباكلوريا.

اليوم وبعد حادثة التلميذة السالمة التي تحولت إلى قضية رأي عام وبعد الحديث عن إنصافها يطرح التساؤل من ينصف الآلاف من التلاميذ الذين لم يسلموا من أخطاء المصححين؟!..فما حدث مع السالمة يثبت ان "السيستم" يخطئ و يمكن ان يكون ظلم الكثيرين، فقرار إعادة تصحيح ورقة السالمة  ــ إن ثبت ــ جريئ جدا و بجب ان تتبعه قرارات بحجم الحدث.

عقد ونصف من مصائب تصحيح الباكلوريا، رأى كثيرون خلاله عباقرة حصلوا على علامات صادمة أدت لتدمير مسيرتهم التعليمية،وأصبحت الباكلوريا بالنسبة لهم ترمز للظلم ...هؤلاء يطمحون أن يكون إنصاف السالمة بداية لخلق آليات تنهي العبث بمستقبل الناس، آليات تبعد الانطباعية والمحسوبية والزبونية في اختيار المشرفين والمراقبين والمصححين بل وحتى رؤساء المراكز، وتعتمد مقاربة جديدة تضع حدا لتغول  المصححين المصطلح على تسميتهم ب" الشيشاطة"،أي ذوي السرعة الفائقة في تصحيح الأوراق أو " تقليبها" ، وتؤسس لوضع معايير موضوعية صارمة للإشراف والتصحيح . 

إن إنصاف التلميذة السالمة مثل بصيص أمل في أفق مظلم ، لن يعرف النور إلا بالقطيعة التامة مع الممارسات البائدة لعقد ونصف من التسيير غير المثالي لمديرية الامتحانات، تسيير جعلنا نحفظ أسماء رؤساء مراكز الامتحانات والتصحيح، ونعرف الموهمين والموهمات والمراقبين والمراقبات، و"المصححين والمصححات" بسيماهم.

المنطق يقول إن هؤلاء إذا كانوا مثاليين في تسييرهم لهذه المديرية فمن الضروري الفرصة لقطاع آخر للاستفادة من عبقريتهم في الإدراة والتسيير، توزيعا للعدالة على الأقل، وإذا كانوا غير ذلك فيكفي عقد ونصف من سيادتهم .