اعلن عسكريون موريتانيون، يعتقد ان رئيس الحرس الرئاسي هو الذي يقودهم، الإطاحة أمس بالرئيس الموريتاني معاوية ولد الطايع في انقلاب ابيض بدون اراقة للدماء رغم ان شهودا افادوا بسماع زخات رصاص في الساعات الاولى من صباح امس التي نفذ فيها الانقلاب. وكان ولد الطايع غائبا للتعزية في الملك فهد بن عبد العزيز في الرياض. وقد وصل امس الى نيامي عاصمة النيجر، ولم يدل بأي تصريح.
وافادت مصادر مقربة من الانقلابيين بانهم اعتقلوا عدة ضباط كبار بينهم قائد الاركان العقيد العربي ولد سيدي، وقائد الحرس الوطني عينينا ولد آية، والعقيد محمد ولد فايدا قائد فوج المظليين وهو بمثابة وحدة النخبة في الجيش الموريتاني. ولم يعتقل الانقلابيون ايا من اعضاء الحكومة، حسبما افادت هذه المصادر.
وأعلن منفذو الانقلاب، عبر بيان بثته وكالة الانباء الموريتانية، ان مجلسا عسكريا تولى السلطة في موريتانيا لمدة لا تتجاوز السنتين. وجاء في البيان ان "القوات المسلحة والأمنية قررت بالإجماع وضع حد للممارسات الاستبدادية للنظام التي لطالما عانى منها شعبنا في السنوات الماضية". وأضاف البيان ان "هذه الممارسات ترتب عليها انحراف خطير لمستقبل البلاد. ولهذه الغاية قررت القوات المسلحة والأمنية تشكيل مجلس عسكري للعدالة والديمقراطية". وتعهد الانقلابيون "بخلق الظروف المؤاتية لجو ديمقراطي منفتح وشفاف يتمكن من خلاله المجتمع المدني والأطراف السياسية من التعبير عن آرائهم بحرية".
واكد البيان ان "القوات المسلحة والأمنية لا تعتزم تولي السلطة لمدة تتجاوز السنتين وهي المدة التي تعتبرها ضرورية للتحضير لإقامة مؤسسات ديمقراطية فعلية". وخلص البيان الى القول ان "المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية يتعهد اخيرا باحترام كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها موريتانيا". لكن البيان لم يشر الى اسماء الزعماء الجدد الذين قادوا الانقلاب، إلا ان مصادر عليمة قالت لـ"الشرق الأوسط" ان من تزعم الانقلاب هو قائد الحرس الرئاسي الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
وفي وقت لاحق أعلن أن العقيد إعلي ولد محمد فال، مدير الأمن الوطني تزعم المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، المؤلف من 18 عضوا، والذي استولى على السلطة أمس.
وجاء في البيان، الذي بثته الاذاعة الموريتانية، ان "العقيد إعلي ولد محمد فال، مدير الأمن الوطني، سيترأس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، الذي يضم 17 ضابطا آخر"، من بينهم 16 عقيدا ونقيبا بحريا.
وعرف عن العقيد إعلي ولد محمد فال، أنه كان أحد المقربين من الرئيس معاوية ولد طايع، وقاتل إلى جانبه لدى تسلمه السلطة، اثر الانقلاب العسكري في 12 يناير (كانون الأول) 1984 .
وفي هذه الاثناء انتشرت قوات لم يعرف عددها وآليات مجهزة بأسلحة ثقيلة وبطاريات مضادة للطيران في عدة نقاط استراتيجية في العاصمة وأغلقت المدخل المؤدي الى مقر رئاسة الجمهورية والوزارات. وفيما خرج مئات الموريتانيين الى شوارع نواكشوط للتعبير عن فرحهم بالانقلاب، حيث اعتبروه عهدا جديدا ينهي "الممارسات الاستبدادية"، دان كل من الاتحاد الافريقى والامم المتحدة والمفوضية الاوروبية ومنظمة الفرانكوفونية الانقلاب، معتبرين اياه غير شرعي، وطالبوا بعودة العمل بالدستور. ومن جانبها أعلنت الولايات المتحدة الأميركية تأييدها لنداء الاتحاد الأفريقي بإعادة النظام والأمن إلى موريتانيا في ظل الدستور القائم وحكومة الرئيس معاوية ولد الطايع، وشجبت أعمال العنف السائدة في البلاد. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية توم كيسي إن الوضع في موريتانيا مازال غامضا وأن الولايات المتحدة تراقب الأحداث الجارية في نواكشوط عن كثب من خلال سفارتها هناك.
وأشار الناطق الأميركي إلى أن الولايات المتحدة نصحت مواطنيها في موريتانيا بالبقاء في منازلهم وأخذ كافة احتياطات الأمن والسلامة.
كما أعلن كيسي أن الولايات المتحدة خفضت عدد العاملين في السفارة الذين يمكنهم التوجه إليها إلى العدد الضروري لتسيير العمل وأن السفارة الأميركية ستظل مفتوحة. كما أشار إلى أن الاتصالات جارية مع مسؤولين في الحكومة الموريتانية، لكنه لم يذكر ما إذا كان المسؤولون من الانقلابيين أم من المنقلب عليهم.
وكرر كيسي الدعوة لعودة نظام الرئيس معاوية ولد الطايع بصفته الرئيس الدستوري.
وفيما لم يصدر أي رد فعل من جانب جيران موريتانيا او الدول العربية أعربت الحكومة الاسبانية من جانبها عن "قلقها" ازاء الانقلاب، وقالت في بيان اصدرته الخارجية الاسبانية ان مدريد "تتابع عن كثب التطورات في موريتانيا وتعرب عن قلقها حيال الوضع في هذا البلد الصديق الذي تربطه بإسبانيا علاقات تاريخية وعلاقات للمستقبل ايضا".
وكاد انقلابيون أن ينجحوا في الاطاحة بالطايع عام 2003 في يومين من القتال في نواكشوط قبل ان تحسم القوات الموالية الامور لصالحه. وتقول الحكومة انها احبطت محاولتين انقلابيتين عام 2004 .
نقلا عن 28 نوفمبر
ملاحظة: خبر انتشر على نطاق واسع في مثل هذا اليوم 03/08/2005