بابتسامة مرسومة على وجهها باحتراف، تجلس بوقارٍ لا يخلو من الود قبالة الرئيس السوداني عمر البشير، لتقدّم له كتاباً يحمل اسم شركتها التي حرصت على إظهاره بوضوح في كادر الصورة التي انتشرت سريعاً عبر الشبكات الاجتماعية، لتفجر عاصفةً من الغموض حول السيدة التي قالت صحف سودانية إنها قدمت للرئيس البشير قميصاً يهديه له اللاعب الأرجنتيني الشهير ميسي، وهو ما نفاه الأخير في وقتٍ لاحق.
تهليل سوداني وصمت برشلوني
الصحف السودانية احتفت بالخبر ووضعته على صدر صفحاتها الأولى بينما لم تظهر أخبار هذه الهدية في الموقع الرسمي لبرشلونة الإسباني، كما لم تنقله أي من الوسائل الإعلامية المهتمة بأخبار النجم الأرجنتيني الشهير، ما دفع الكثيرين للتشكيك في حقيقة الهدية.
وقالت الصحف السودانية إنه جرى الاحتفال بهذه الهدية، وأن القميص سلمته السيدة اليسا بلاسكو كمفوضةٍ خاصةٍ عن نجم برشلونة للرئيس السوداني في حفل جمع عدداً من الصحافيين الرياضيين وبعض المسؤولين الحكوميين، وقد أبدى البشير تقديره للاعب الشهير وأكد أن 90% من السودانيين يشجعون النادي الكتالوني.
تناقلت الصحف ووسائل الإعلام الخبر الذي أثار موجةً من ردود الفعل، حيث كتب روي كايس مراسل صحيفة “إيديعوت أحرنوت” الإسرائيلية للشؤون العربية تغريدةً معلقاً على الخبر بالقول، "على ما يبدو قدّم ميسي قميصاً كهدية للرئيس السوداني عمر البشير، وأتساءل عمّا إذا قيل له أنه كان مطلوباً للمحاكمة في لاهاي".
في المقابل، كشف الصحافي الرياضي السوداني الأمين الخير لصحيفة "التغيير" السودانية عن تواصله مع مدير إعلام برشلونة جوزيه تيريز للتحقق من صحة القصة، أو نفيها وأشار إلى تلقيه لرسالة من النادي الكتالوني تؤكد عدم علم النادي بقصة إهداء القميص أو معرفته بالسيدة التي ظهرت في الصورة إلى جانب الرئيس البشير.
بينما لاذت الرئاسة السودانية بالصمت بعد نفي ممثلي اللاعب ميسي في بيانٍ نشرته قناة Bein Sport في وقتٍ متأخّر من مساء الأحد 31 يوليو/تموز 2016، تقديمهم قميصاً موقعاً منه للرئيس السوداني.
وقال البيان، "إن محامي النجم الدولي قد بدأوا في استقصاء الحقائق بهدف اتخاذ إجراء قانوني ضد المخالفين" كما نفى برشلونة في وقت سابق للصحافي السوداني الأمين الخير علمه بإهداء قميص ميسي للرئيس البشير، ونفى أي صلة له بالسيدة التي ادعت إنها مفوضة من اللاعب لتقديم قميصه رقم 10 للرئيس السوداني الذي تلاحقه محكمة الجنايات الدولية.
من هذه السيدة؟
تعمل السيدة اليسا بلاسكو في قسم العلاقات الخارجية بشركة Leading Edge-investment Guides التي تعمل على الترويج للفرص الاستثمارية ومقرها لندن، وتركز نشاطها على الترويج للاستثمار في أفريقيا وآسيا، حسب موقعها الالكتروني.
وفي هذا السياق، أعدت هذه الشركة كتاباً إرشادياً عن الاستثمار في السودان تحت عنوان "السودان 2016: دليل الاستثمار".
وقال السكرتير الصحافي للرئيس عمر البشير للجزيرة.نت، "زارت بلاسكو السودان بغرض التعريف بالدليل الذي أعدته وتسليم نسخة منه لوزارة الاستثمار، وخلال الزيارة طلبت ترتيب مقابلة مع الرئيس السوداني بغرض عرض نتائج بحث آفاق الاستثمار السوداني وتسليمه نسخة من الدليل".
واستدرك السكرتير الصحافي قائلاً إن الزائرة سبق أن تواصلت مع اللاعب ميسي ليهدي قميصاً موقعاً منه لرئيس السودان، وتجاوب فورياً لهذا الطلب، وتم إهداء القميص للرئيس خلال هذا اللقاء.
بينما نشرت الشركة عبر موقعها على الانترنت صورة للسيدة بلاسكو وهي تسلّم لكتاب "السودان 2016: دليل الاستثمار" للرئيس السوداني، وكتبت أسفل الصورة في 29 يوليو /تموز 2016 "ممثلة الشركة تسلم نسخة من الكتاب وقميص هدية من نادي برشلونة" دون الإشارة إلى صاحب القميص أو تفويض ميسي للسيدة بلاسكو بإهداء قميصه نيابة عنه للرئيس البشير.
وتواصلت "هافينغتون بوست عربي" مع بلاسكو لتستفسر منها عن نفي النادي الكتالوني صلته به وعن حقيقة إهداء اللاعب ميسي قميصه للرئيس السوداني، إلا أننا تلقينا رداً من بريدها الإلكتروني يفيد أنها خارج المكتب الآن. ولم تتمكن "هافينغتون بوست عربي" من التواصل مع الرئاسة السودانية بهذا الخصوص.
ردود فعل مستنكرة
من جانبه، قال القاضي السوداني السابق سيف الدولة حمدنا الله لـ "هافينغتون بوست عربي" السيدة بأنها "صاحبة سوابق في خداع الرؤساء الأفارقة الذين تستهدفهم الشركة البريطانية التي تعمل بها، كل رئيس بالخدعة التي تناسب ميوله واهتماماته، كأن تقوم بطباعة كتاب عن إنجازات حكومة معاليه أو دليل إرشاد سياحي أو استثماري للدولة التي يحكمها، وهو نفس الأصل في الفكرة التي يقوم عليها التسوّل عن طريق بيع صناديق المناديل"، حسب تعبيره.
وقالت صحيفة "التغيير" المعارضة، "إن المشير البشير وقع ضحية لمساعديه في القصر عبر قصة قميص اللاعب الأرجنتيني ونجم برشلونة ليونيل ميسي".
وليست هي المرة الأولى التي تثير فيها هدايا ميسي الرأي العام في الدول العربية، ففي مارس/آذار 2016، أثار تبرع لاعب برشلونة بحذائه للمصريين جدلاً واسعاً على الشبكات الاجتماعية، حيث عكست تفاعلات المغردين على موقع تويتر غضباً من تصرف اللاعب الأرجنتيني ودلالته في الثقافة المصرية المحلية