على قارعة الشارع، وعلى قارعة الفيسبوك أيضا يرفع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز الشكوى لمنعه من بعض الأنشطة والتحركات التي يقوم بها منذ فترة قبل إحالته إلى المحاكمة التي تنظر في اتهامات موجهة له بالفساد والإثراء غير المشروع.
يعتقد ولد عبد العزيز أن منعه من تنظيم هذه المهرجانات غير المرخصة قانونيا هو إجراء بالغ التعسف وغير مسبوق ويهدد الديمقراطية، التي لم تعرف هدما أكثر من خطوات ولد عبد العزيز الذي تقدم ذات فجر ليقضي على حلم الديمقراطية، ويؤكد في مسوغاته أنه "تصرف الرئيس من حقه، لكن لا يحق له أن يقيلنا في الليل"
في أول خرجاته الإعلامية مسح الرجل بيده وقال ماهو موجود هنا من العدالة سيوزع عليكم، وطبعا لم يكن كثيرا، فتم توزيع الكثير من الحيف والترويع على غير مستحقيه.
في سجلات المنع الذي يتبرم منه ولد عبد العزيز الآن ورباطه، يحتفظ هذا الرئيس السابق بعلامات قياسية، فقد كان الجمع والمنع من أبرز سمات حكمه وتعامله مع السياسيين والشخصيات المهمة والأفراد
لن ينسى ولد عبد العزيز أنه منع رجل الأعمال ممود ولد السيد من جواز سفره، وحاول اعتقاله عند وصوله إلى البلاد وصادر مبالغ زهيدة كانت في حقيبة سفره، وحاول منعه بعد ذلك من مغادرة البلاد، وعندما استطاع الخروج منها منعه من تجديد جواز سفره، بدل تكريمه لأنه من أهم سفراء موريتانيا الحقيقين وأكثرهم نشاطا وتأثيرا اقتصاديا لصالح الجالية الموريتانية في أنقولا وما يتعلق بها من أفراد ومجموعات وحركية اقتصادية داخل البلاد
في عهد عزيز استدعي الشيخ محمد الحسن ولد الددو إلى مقر ولاية نواكشوط، وأبلغ بقرار منعه من الحديث في المساجد دون إذن رسمي وبلغة تهديدية من رسل ولد عبد العزيز بصراحة، لكنه رفض الاستجابة له، فبدأت دورة المنع، بالمماطلة بتجديد جواز سفره مرارا، وبمحاولة منع أفراد من أسرته من السفر واحتجاز جوازاتهم عند الوثائق المؤمنة لفترة، وفي مرات أخرى أقيل عناصر درك لأنهم استقبلوا الشيخ بحفاوة...
منع ولد عبد العزيز رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو من السفر وإرغامه على الهجرة ومنعه من حضور جنازة والده، كما منع رجل الأعمال المصطفى ولد الشافعي من حضور جنازة والده، لأن النظام كان في خصومة مع الجميع ويطلق نار الصراع على كل متحرك سياسي
في سجلات المنع أيضا لن يكون صعبا على الرجل أن يتذكر أنه منع عشرات الآلاف من المواطنين من خدمات مستشفى بوعماتو الخيري، وترك الضعاف والعجزة يواجهون العمى والمرض دون علاج، لأنه عندما يقرر الصراع لا يفكر في غيره.
هل ينسى الرجل أنه منع آلاف الأيتام مما كانت تجود به عليهم أيدي المحسنين عبر جمعية الخير، وأغلقها بشكل نهائي في نزوة غضب، دون أن يعوض لهم عن ذلك نصف أوقية قديمة، قبل أن يأتي الله بالفرج ويعيد النظام الجديد فتح جمعية الخير، بل ويطلق مشاريع وطنية غير مسبوقة في خدمة الفقراء والمعوزين
في المنع أيضا لا يمكن للرئيس السابق أن يحصي كم من مسيرة منع ترخيصها وكم نشاط سياسي تصدى له بالعنف والقمع، فاللهم صل على محمد وآله عدد ما منع النظام السابق من حقوق وعدد ما خرق من حريات، وما أثار من مخاوف بين النخبة والأفراد.
هل ينسى الرجل أنه منع رجلا فقيرا لا يملك غير قلمه وضميره من حقه في التقاعد المريح وأمر بفصله بدون حقوق، ومنع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالحه، ثم دار الزمن بعد ذلك، واستعاد ماموني ولد المختار حقوقه كاملة، لأن دولة الظلم ساعة وتزول
وإذا تذكر ولد عبد العزيز بعض ممارساته لن يضيق عليه أن يتفهم الإجراءات التي اتخذت بحقه والتي قد تمنحه وقتا أكثر لتحضير دفاعه أمام العدالة في وجه واحدة من أكبر وأوسع التهم بالفساد وسوء التسيير، أما الاستفزازات السياسية والاحتكام إلى الرصيف، فلا قيمة له، فليس الصراخ في الشارع أسهل وسيلة للتأثير على مسار القضاء