أظهرت وثائق المفوضية الثانية في مقاطعة دار النعيم بنواكشوط الشمالية والبيان الصادر عن الإدارة العامة للأمن، تضاربا في روايات الشرطة حول ملابسات وفاة الصوفي ولد الشين الذي توفي بعيد دخوله مبنى المفوضية. كما تتنافى مضامين هذه الوثائق مع رواية ذوي المتوفى المشكو منه من طرف شخص يدعى آبو دمب افال في قضية تتعلق بمبلغ مالي قدره 800 ألف أوقية قديمة، حيث كشفت نتائج التشريح الطبي عن تعرضه للعنف وترجيح وفاته بسبب الخنق. الإعياء البدني ففي الرواية التي أوردها تقرير إخباري وقعه رقيب الشرطة أحمدو محمدو وموجه إلى المفوض المختار إسلمو سيدو، يؤكد الرقيب مشاركته في محاولة إجبار ولد الشين (الصوفي سوماري) لدخول غرفة الحجز بعد استماع المفوض له. وحسب هذا التقرير الذي يحمل تاريخ 09 فبراير 2023، يوما بعد الحادثة فإن محاولة الإجبار ولد الشين أدت إلى «إعيائه بدنيا وأدى لاحقا لوفاته بعد استقدامه لمستشفى الشيخ زايد». ويتفق مضمون هذا التقرير مع وثيقة متداولة من سجل الشكايات بالمفوضية جاء فيها أنه تم وضع ولد الشين قيد الحراسة النظرية «بأمر من المفوض وعلى لسان رقيب الشرطة القضائية أحمد محمد». وضع الأصفاد بيديه لم تتحدث رواية المفوض في تقريره إلى المدير الجهوي بولاية نواكشوط الشمالية بتاريخ 10 فبراير عن محاولة إجبار ولد الشين على دخول غرفة الحجز ولا تعرضه للإعياء، إلا أنه أكد وضع الأصفاد بيديه والذي لم يذكره الرقيب. ووفق هذه الرواية فإن المشكو منه وبعد إطلاعه على فحوى الشكاية المتعلقة بمبلغ 800 ألف أوقية رد بإيجابية ووعد بتعويض المبلغ لاحقا، فيما أكد المفوض تعذر وجود ضامن إحضار، وأن التوقيف أثار حفيظة ولد الشين الذي «رفض دخول غرفة الحجز الأمني بالمفوضية، واستدعى ذلك وضع الأصفاد بيديه خوفا من هروبه». وأضاف: «وبعد فترة وجيزة لاحظ أحد العناصر سقوطه حيث قام بالاتصال على الدورية لإسعافه ليتم نقله لمستشفى الشيخ زايد وهناك تمت معاينته من طرف الطبيب المداوم الذي أكد وفاته». ويضيف المفوض أن الطبيب الشرعي وبعد معاينة المعني «لم يلاحظ ما من شأنه أن يكون سببا للوفاة ليستقدمه السيد وكيل الجمهورية لذوي المتوفى حيث أطلعهم أن سبب الوفاة مرجحة بنسبة %99,99 أن تكون سكتة قلبية، ليتم إرجاعه لغرفة الموتى في انتظار بعض أفراد عائلته». وعكة صحية مفاجئة أما بيان إدارة الأمن الذي نشرته عبر صفحة الشرطة الوطنية الموريتانية في موقع فيسبوك، فلم يتحدث عن محاولة إجبار ولد الشين التي تحدث عنها الرقيب ولا عن وضع الأصفاد بيديه، وإنما تحدث عن تعرضه «لوعكة صحية مفاجئة خلال توقيفه لدى مفوضية الشرطة رقم 2 بدار النعيم». وجزم بيان إدارة الأمن أن الوفاة وقعت «أثناء نقله إلى مستشفى الشيخ زايد لتلقي العلاج إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة»، بينما لم يرد أي ذكر لها في أي التقريرين آنفي الذكر (تقرير الرقيب والمفوض). ورغم أن البيان جزم أيضا بأن الوفاة ناتجة عن «وعكة صحية مفاجئة»، إلا أنه أكد فتح تحقيق قضائي في الحادثة للوقوف على ظروفها وملابساتها ووعد بأن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي بكل شفافية وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام. كما أكد ما تحدث عنه تقرير المفوض من تعذر وجود ضامن احضار للمعني، وهو ما تنفيه رواية العائلة التي تؤكد حضور أخيه ورفض المفوضية استقباله.