أستنفرت خلايا اعادة تأهيل الأحياء العشوائية بمقاطعة توجنين فى نواكشوط الشمالية جهودها نهاية الأسبوع المنصرم وبداية الأسبوع الجارى من أجل خلط أوراق العملية على الأرض قبل تسلم الوزير الجديد مهامه بشكل فعلى، لتبرير أخطاء تم ارتكابها فى الفترة الماضية فى ظروف بالغة التعقيد والضبابية أو لمنح نافذين جدد مكاسب جديدة على الأرض قبل الوزير القادم من دهاليز القضاء.
وتقول مصادر زهرة شنقيط إن الأزمة التى تعيشها مناطق أخرى "تيارت ولكصر وتفرغ زينه" بفعل الترخيص المزدوج تم استنساخها من قبل القائمين على اعادة تأهيل الأحياء العشوائية فى غياب تام لرقابة الهيئة الحضرية والأجهزة الأمنية المكلفة بمتابعة الملف، عبر منح القطعة الأرضية لأكثر من شخص، مستغلين وجود مكتبين فى الولاية الشمالية ينشطان معا فى القطاع ذاته، أحدهما يتولى عمليات الترحيل المجمدة منذ فترة والثاني يتولى عملية إعادة التأهيل المرتبطة أصلا بالإحصاء (رغم توقفه)، وسط مخاوف من انهيار العملية بالكامل.
ولعل أكثر الأمور ارباكا للفاعلين فى الوزارة هو لجوء خلايا التأهيل إلى استصدار وثائق جديدة لبعض الأسر بحجة استقرارها فى مناطق مصادرة من طرف الحكومة أو أخرى تم استصلاحها حديثا وتمت السيطرة عليها عبر المستثمرين فى "الكزرة" مستغلين أكواخا بالية لإقناع أجهزة التفتيش بتقادم السكن فيها أو منازل تبدو مهترئة وكأنه تم ترميمها من جديد فى أحدث مظهر من مظاهر التحايل الذى عاشه القطاع.
كما أن التعميم الذى أصدره وزيرا الإسكان والداخلية قبل فترة بشأن الأحياء الشعبية ساهم فى منح الخلايا المذكورة الكثير من الصلاحيات، واستغل أبشع استغلال، وباتت رسائل المنح تتري، ووثائق التبرير تتبادل بين المكتبين فى مشهد مقزز ومثير للمشاكل بين السكان.
ويشعر المئات بالغضب الشديد جراء تشريدهم من منازلهم ودفع أوصال الترحيل إليهم، ثم تعطيل الملف لأكثر من سنتين من أجل منح آخرين نفس الحقوق والامتيازات رغم أنهم لم يعانوا فى أحياء الانتظار أكثر من لحظة وصول لجنة التحقيق لكتابة تقريرها الممهد لمنح الحق المزعوم، أو زيارة خاطفة يقوم بها أحد الفاعلين فى مكاتب "لادي" برهة من نهار.
وقد شكل ابعاد الإدارة الإقليمية عن الملف أكثر ضربة تعرضت لها حقوق الفقراء، حيث تحولت مجمل السلطات الإدارية والأمنية إلى سوط يستخدمها الفاعلون فى مكاتب "لادي" لتهجير وتشريد السكان، بينما تصنع القرارات النهائية داخل مكاتب فرعية بالمقاطعة، تحجب أغصان الشجر الضوء عما يجري داخلها من أمور مثيرة للإستغراب.
وشكل قطاع الإسكان والعمران أبرز قطاع اعتمد عليه الرئيس خلال الفترة الأولى لحكمه، لكن جهود الحكومة فى مجال إعادة التأهيل تعثرت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وقد تحول الأمر من حاجة للآلاف من السكان، إلى مصدر للثراء الفاحش والمتاجرة بالقطع الأرضية، يستثمر فيه كل صاحب نفوذ أو علاقة بالقطاع الذى كلف أحد القضاة بإنقاذه فى آخر تعديل وزاري يجريه الرئيس.