قد صار من المؤكد أن عدوى (إيبولا الآنا) أسرع من كوفيد 19، وأخطر على الأخلاق من الفقر التربوي (جوع القلب)، وأكثر فتكا بصتحه من الجهل على متصدر المجالس مع الغير ( الناس البرانية).
وحقيقة الأمر هي : أن الآنا هي سبب انحلال الأخلاق، وسبب الغائية، وهي سبب كل الرذائل المنتشرة في مجتمعنا للأسف، وصار من الضروري الحديث عنها وعن أسبابها، لكن أعظمها: (معركة أو فتنة الوصول)
وكلما تابعت مسار واصل "بلغتهم" ستجد أنه مر بمراحل كان لزاما عليه المرور بها، وإلا لن يصل، وهذه المراحل هي ما يمثل ثمنا وأي ثمن لوصوله؛ فهل يساوي "الوصول" قيمة الثمن المدفوع عنه حتى تجود به راضيا ؟
مراحل الوصول :
الأولى : كثرة لقاء النافذين والموظفين ورجال الأعمال، ومجاراتهم، والسكن معهم بحجة القرابة أو الصداقة أو كل ذاك مجتمعا.
الثانية : ربط نسيج من الاتصالات وجمع المعلومات حول الأشخاص، ومعرفة انتاءاتهم السياسية والاجتماعية من خلال الاجتماعات العامة، وإقحام النفس بها، والحضور من غير دعوة، أو الحضور بصحبة مَدْعُوٍ رسمي، حتى يعرف وجه ممارس هذه الخليقة، وتتبادل المجاملات مع الكل، وتصنع الضحك في وجه الكل، ومحاولته للتصوير في لقطة ولو عابرة مع مسؤول أو نافذ.
ثالثا : إقامة دعاية لنفسه، وأن لديه علاقات واسعة، وأنه يلتقي بشخصيات نافذة، وأنه على علم بما يدور في كواليس صناعة القرار، وأنه قد يؤثر في شيء من ذلك.
رابعا : القيام بوساطات فاشلة عند نافذ أو إثنين، وذمه عند أصدقائه بطريقة يفهمون منها أنهم مشروع مذموم أو ممدوح مستقبلي أمام آخرين.
وبما أن الشخص الذي قام بهذه الخطوات مجتمعة، لا يمتلك مقومات لهذه التصدر كخبرة أو علم يميزه ويشركة بالاجتماعات، أو بنوة لعائلة متنفذة أو لمشيخة تقليدة أو صوفية، ومع ذلك فهو دائم الحضور في المشهد العام، ودائم الحضور في جمعيات جانبية لأطراف المشهد كله، فسينتج عن ذلك النتائج التالية:
1 - الحكم عليه من بعض من هم في المشهد بأنه جاسوس للبعض الآخر.
2 - الحكم عليه بأنه وسيط رذيلة (قواد) للبعض من البعض الآخر كذلك.
3 - سقوطه من أعين أهل الأخلاق من داخل من هم في المشهد.
النتائج :
هذا الشخص إما أنه منافق معلوم النفاق، وهنا سيعطى على أساس أنه إعلامي (بشمركي) أو أنه متزيدن في أحد قوالب الزيدنة المعروفة، وإما أن يعطى خلسة طمعا في حظوة عند متنفذ وذكر حسن عند رب من أرباب النفوذ أو المال أو الجاه (عملية تلميع) كما يسمونها، أو أنه سيعطى خشية ذكر بسوء عند أحد الأرباب سابقي الذكر؛ (عملية حرق) كما يسمونها أيضا.
هنا سيظهر أمام البسطاء بمظهر المتنفذ "الواصل" كما يسمونه أيضا : بملابس فاخرة، وسيارة فارهة، وربما منزل كذلك، ويعيش بكذبة على نفسه وعلى غيره من البسطاء؛ حيث هذا هو غاية الكل وقد تحقق له.
وحقيقة أمره ليست إلا؛ مأكل حرام ومشرب حرام وملبس حرام وربما حجة وعمرة من حرام -من مأخوذ حياء أو مداراة أو شراء لعرض- فأين الغايات النبيلة التي يسعى لها المسلم الحر ؟
إذن فأن تكون : "القواد، أو المنافق، أو الجاسوس، أو الصفاك، أو النمام" كلها ثمن باهظ لا يدفعه حر مقابل وصول هذه حقيقته، أو هذا ما يقول عنه الآخرون، وهو ثمن باهظ للوصول.
تأملات عاطل