أكد الباحث الموريتاني الدكتور محمد بابا سعيد أن منطقة حوض آرغين "تتعرّض لتلوّث خبيث وبطيء"، مردفا أن هذه "الجنّة المصغّرة معرضةٌ لخطر التحول - في غضون عقود قليلة - إلى جحيم على وجه الأرض".
وأضاف ولد سعيد – وهو رئيس سابق للمجلس العلمي لحَوض آرغين وعضو المجلس العلمي لـIMROP – إلى أن هذا التلوث "لا رجعة فيه"، ومرتبط "بانتشار الزئبق الناتج عن أنشطة التنقيب الأهلي عن الذهب، التي سمحت السلطات بشكل غير حكيم بممارستها الدائمة في منطقة الشامي (2012)، والتي تُجاور المَحمية مباشرة، وتقع في أقرب نقطة من الساحل".
وأشار ولد سعيد في مقال وصل الأخبار تحت عنوان: "التلوث بالزئبق في حوض آرغين: ناقوس الخطر"، إلى أن هذا التلوث "بدأ بالزئبق في كل من مدينة الشامي والسهول الطينية في حَوض آرغين"، مشددا على أن "هناك خطر داهم لا رجعة فيه إذا لم تتخذ السلطات تدابير صارمة وسريعة، بما في ذلك إغلاق وتطهير الموقع المسمى "grillage" في الشامي".
كما أكد ولد سعيد ضرورة "إلزام المنقّبين أن يَعهدوا بمرحلة الاستخراج إلى جهة مختصة كمعادن موريتانيا مثلا"، معتبرا أنه "من الضروري أيضًا تجريب طُرق بديلة للزئبق، وخاصة طريقة Borax".
وذكر ولد سعيد بأن الزئبق مادة سامة إلى حد بعيد، ويتم تنظيم نقله وتخزينه والمتاجرة به بشكل صارم، بموجب اتفاقية ميناماتا (مدينة ساحلية يابانية كانت مسرحا لكارثة صحية ناجمة عن التلوث بالزئبق)، وهي اتفاقية صادقت عليها موريتانيا.
ولفت ولد سعيد إلى أن الزئبق يهاجم الجهاز العصبي المركزي ويعبر جدران الخلايا، بما في ذلك جدران المشيمة، ويتراكم في الأنسجة العضلية. الشكل الأكثر سُمّية هو ميثيل الزئبق، ويتكوّن نتيجة ملامسته للطين، وذلك ما يحدث على ساحل حَوض آرغين.
كما أنه – يضيف ولد سعيد - معدن سائل قادر على دمج الذهب. يستخدمه المنقّبون لاستخراج المعدن الثمين من خامه.
يتم سحق الصخور تحت تدفق الماء باستخدام أحجار رَحى كبيرة دوّارة. يُضاف الزئبق إلى الطين المُعَدّ بهذه الطريقة. ونقل ولد سعيد عن أحد إصدارات المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP)، أن استخراج كيلوغرام واحد من الذهب، يتطلّب 6 كيلوغرامات من الزئبق و16 طنًا من الخام و83 طنًا من الماء، مردفا أنه بهذه الكميات وباتباع طريقة الدمج الحِرَفي هذه، يتم استخراج 30٪ فقط من الذهب الموجود في الخام. وتبقى نسبة 70٪ من الذهب في حمَأة الإنتاج.
وأردف أن هذه الكمية تتراكم في كومات تنتظر نقلها بعيدًا، مع بقايا الزئبق، بمفعول الرياح، باتجاه شاطئ حَوض آرغين.
الذهبُ المستخرَج من الخام عجينةٌ رمادية على شكل ملغم. لاستعادة الذهب الخالص، يقوم المنقّب بما يسمّى بعملية "التحميص". يتم "تحميص" الملغم بواسطة موقد اللحام الذي يُبخّر الزئبق ويستعيد المعدن الثمين.
الزئبق المستخدَم هنا ينتشر في الهواء وداخل الجهاز التنفسي للمنقّب! في نهاية المطاف، ينتهي كل الزئبق المستخدَم في هذه العملية، بالتشتت في الطبيعة المحيطة.
وأشار ولد سعيد إلى مقارنة مستوى تلوث حَوض آرغين بين تواريخ دراستين، تغطي أولاهما - وهي جَرد مرجعي لتلوث الساحل الموريتاني بأكمله وتم خلال الفترة 2013 إلى 2016، والثانية 2021، يوضح أن تركيز الزئبق، في كل من إيويك ومامقار (بالقرب من Baie Saint-Jean)، ارتفَع مائة مرة مقارنةَ بمستوى المرجعية، التي تم قياسها قبل ثمان سنوات. أما خليج سان جان فيُظهر 0.35 مجم (زئبق) / كجم، أي ارتفاع 67 ضِعفا مقارنة بالقيمة المرجعية.
وأضاف ولد سعيد أن منشور IMROP يشير إلى قيمة مستوى التأثير المحتمل (PEL)، وهي القيمة الحدية التي يصبح فوقَها وجود الزئبق خطراً على الكائنات الحية.
هذه القيمة بالنسبة للزئبق هي 1.06 مجم (زئبق) / كجم، مؤكدا أنه تم تجاوز هذه القيمة 56 مرة في الشامي، بينما خطُّ ساحل حَوض آرغين لم يصل لتلك المرحلة بعد، لكن السرعة التي يتراكم بها الزئبق تُشير إلى أن الأسوأ قادم بتسارُع مُفجع.
وأكد ولد محمد سعيد أن تركيز الزئبق في الشامي المأخوذ في موقع الاستخراج يصل إلى قيمة مذهلة تبلغ 56.4 مجم (زئبق) / كجم، لافتا إلى أنه نظرًا لأن موقع الشامي مجاور لحوض آرغين، يجب أن تكون القيمة المرجعية لتركيز الزئبق الخاص به قريبة من قيمة إيويك، والتي كانت 0.005 مجم (زئبق) / كجم.
مما يعني ارتفاعا لتركيز الزئبق في هذه المدينة 11000 ضِعفا.
نقلا عن الأخبار
ولقراءة نص المقال، اضغطوا على الرابط : http://alakhbar.info/?q=node/46415