حزب الإنصاف والانتخابات القادمة ...حظوظ عالية رغم المنافسة والمغاضبة- موقع الفكر

رغم أن حزب الإنصاف هو الكتلة السياسية الأبرز في موريتانيا إلا أن طريقه إلى صناعة أغلبية برلمانية وبلدية ليست مفروشة بورود كثيرة، حيث يمكن اعتبار الانتخابات القادمة واحدة من أصعب وأكثر الفعاليات الانتخابية تنافسية وشدة سجال سياسي، وفيما يلي قراءة في مسار حزب الإنصاف وحظوظه في الانتخابات القادمة.

في الرابع من يوليو المنصرم اختار مؤتمرو حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تغيير اسم حزبهم إلى الإنصاف، فيما تم تعيين الوزير السابق محمد ماء العينين ولد أييه رئيسا للذراع السياسي الجديد خلفا لسلفه سيدي محمد ولد الطالب أعمر.
كان ولد الطالب أحد الشخصيات الناصرية المهمة، حيث تولى مناصب وزارية ودبلوماسية متعددة، قبل أن يتم تكليفه برئاسة الحزب، أما ماء العينين ولد أييه فهو سياسي ناصري أيضا وأحد العناصر الحزبية التي حافظت على وجود نوعي في حزب التحالف الشعبي التقدمي لسنوات وفاء بتحالف الناصريين مع حركة الحر.
يحسب ولد الطالب أعمر على وزير الداخلية السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين، أما ولد أييه فهو محسوب بقوة ووضوح على  الوزير السابق المختار ولد أجاي حيث يملك الرجلان مشتركات اجتماعية متعددة، وصداقة عميقة، حيث قدم ولد أجاي عديله ولد أييه إلى رئيس الجمهورية الذي وثق في قدراته وعينه وزيرا للتهذيب قبل أن يختاره لاحقا رئيسا للحزب.
أضاف ولد أييه "مسحة أخلاقية" على الحزب وامتص في أيامه الأولى كثيرا من صراعات أقطاب الإنصاف على رئاسته، لكن سرعان ما انتفضت أمامه ثورة مغاضبين وحراكا سياسيا متصاعدا، مع القرارات التي اتخذها أو التي اتخذت من خلاله ومن أبرزها:

سباق الأوزان الانتخابية: الذي فتح سوقا انتخابية لبيع بطاقات التصويت وصناعة مجسمات سياسية من أرقام التعريف الوطنية، وقد أثار هذا السباق امتعاضا كثيرا في الشارع السياسي وفتح الباب أمام متاجرة سياسية اقتضمت كثيرا من أخلاقيات الإنصاف.

التلاعب بالأوزان في بعض الحالات سواء من الطامحين للترشح باستجلاب البعض بهدف المزايدة على غرمائه في الترشح، دون أن يكون لتلك التسجيلات هدف انتخابيـ أو بسبب عدم اكتراث الحوب بها..

أزمة الترشيحات: وما أثارته من مغاضبات شديدة داخل الحزب، وفتحت من استقالات ومن خروج بعض السياسيين وجماعات الضغط تجاه أحزاب أخرى، وما أشيع من متاجرة بالمناصب والمكاسبوالدفع مقابل الترشيح.

تدخلات الداخلية: التي تدير هي الأخرى جزء من المشهد الانتخابي للأغلبية، وقد ظهرت تلك التدخلات فيما يشاع من فيتو من وزير الداخلية على ترشيح الضباط المتقاعدين أو أبنائهم، وقد حرم هذا القرار – إذا صحت نسبته- قوى سياسية فعالة استثمرت جهودا وأموالا هائلة في بناء أوزانها الانتخابية وسجلت كثيرا من الأصوات وعبأت آلاف الناخبين.

- ما أثير من عدم شفافية عمل بعض بعثات حزب الانصاف، حيث كانت بعض تلك الخيارات مثار سخط وبلبلة.
في مواجهة الحملة... وسائل هائلة وحظوظ متصاعدة

لا يمكن التقليل من حظوظ حزب الإنصاف في الانتخابات القادمة فكل المؤشرات تؤكد أنه لن يمنى بهزيمة ولن يتراجع كثيرا مقارنة بالانتخابات السابقة وذلك بناء على نقاط قوة متعددة منها:

القوة الذاتية: من حيث عدد المنتسبين والتمدد الجماهيري 

دعم السلطة: حيث يعتبر الإنصاف الصوت السياسي للنظام وذراعه المجتمعي.

دعم القوى النافذة ماليا ومجتمعيا.

- تشبث الفاعلين الموريتانيين بحزب السلطة.

تشتت القوى المعارضة وعمق خلافاتها، مما يجعل المنافسة محدودة في أغلب الدوائر.
إلا أن حزب الإنصاف يواجه أيضا نقاط ضعف متعددة خصوصا في المدن الكبرى ومن أبرزها:

تصاعد الخطاب المعارض في المدن الكبرى وخصوصا العاصمة، ومدن نواذيبو، وروصو وكيهيدي..

منافسة المغاضبين من خلال أحزاب الأغلبية: وخصوصا في مدينة نواذيبو المعارضة دوما والمكافحة لإبعاد مرشح حزب الإنصاف عن مطامحه في  الجهة والبلدية، أو في مقاطعة كيفة التي يغاضب الإنصافَ فيها عدد كبير من السياسيين والمجموعات القبلية المصرة على المحافظة على تمثيلها السياسي.

شراكة مريحة في اللوائح الوطنية والجهوية
يتوقع أن يستأثر حزب الإنصاف بأغلبية رؤساء الجهات، وبأغلبية مريحة في البرلمان والمجالس البلدية، فيما يتوقع أن يواجه صعوبات في التنافس على اللوائح الوطنية وخصوصا المختلطة ولائحة النساء وجهويات العاصمة، إضافة إلى لائحة الشباب.
وسيكون من الصعوبة بمكان أن يستطيع الحزب حسم المقاعد الأربعة الأولى من اللوائح الوطنية، كما سيجد صعوبة متعددة في حسم أغلب بلديات نواكشوط، وخصوصا تيارت والسبخة وتوجنين وعرفات والميناء، إضافة إلى صعوبات أخرى في حسم بلديتات لعيون ونواذيبو، وروصو وكرو التي تنافس عليها أحزاب معارضة قوية مثل تواصل وتحالف الصواب وحركة إيرا.

ورغم كل هذه الصعوبات فمن المستبعد بمكان أن يتراجع حزب الإنصاف عن تحقيق أغلبية مطلقة  من المقاعد الانتخابية، ليفتح الباب أمام تشكيلة حكومية جديدة تصنع على أعين متعددة من الإنصاف والداخلية.