تنتهي الأربعاء المقبل المهلة القانونية لإيداع الترشحات للانتخابات النيابية والجهوية والتشريعية المقررة في موريتانيا يوم 13 مايو المقبل، حيث تتواصل على قدم وساق عمليات تقديم الترشحات في أجواء بالغة التوتر والحساسية رغم أن نظام الرئيس الغزواني استطاع أن يخلق إجماعا وطنيا حول تنظيم الاستحقاقات المنتظرة التي لم يقاطعها أي طرف سياسي.
وتتركز الأنظار على ترشيحات حزب “الإنصاف” الحاكم لكونه الكتلة السياسية الأبرز في موريتانيا، وهو الحزب الساعي بقوة لصناعة أغلبية برلمانية وبلدية في طريق ليست مفروشة بالورود لما نجم عن ترشيحاته من مغاضبات واحتجاجات، ولما ينتظر أن تتميز به الانتخابات القادمة من تنافس وتجاذب سياسي، ومن رقابة على مسارها.
وينشغل الساسة المدونون الموريتانيون حاليا بالأسماء التي اختارها حزب الإنصاف الحاكم، لقيادة قوائمه الوطنية في الانتخابات التشريعية المرتقبة شهر مايو المقبل، حيث تنوعت هذه الأسماء ما بين شخصيات معروفة وأخرى مغمورة، بالإضافة إلى أسماء شابة تدخل معترك السياسة للمرة الأولى.
ولفت أنظار المتتبعين لترشيحات الحزب الحاكم، تعيينه للجنرال المتقاعد محمد ولد مكت، على رأس اللائحة الوطنية المختلطة، حيث جرت أحاديث عن تحضيره لرئاسة البرلمان المقبل خلفا للعقيد الشيخ ولد بايه.
ولم يستحسن بعض المدونين مواصلة الرئيس الغزواني السير على السنة التي أرساها سلفه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والخاصة بإسناد رئاسة للبرلمان لجنرالات الجيش لما فيها من إضفاء الطابع العسكري على النظام السياسي الموريتاني.
لكن الرؤية العسكرية المتحكمة في موريتانيا بعد عقود من الحكم العسكري، حرصت على أن يكون رئيس البرلمان عسكريا متقاعدا بصورة دائمة لأنه هو الذي يرأس الدولة في حالة الشغور المؤقت والنهائي لمنصب الرئيس، وبالتالي فوجود عسكري مجرب على رأس البرلمان، هو وحده الذي يضمن استقرار البلد في حالات الشغور المفاجئة.
وتقاعد جنرال الاحتياط محمد ولد مكت نهاية عام 2021، من الجيش بعد عدة عقود من التدرج في وظائف المؤسسة العسكرية، وكان ولد مكت من بين الضباط الذين قادوا انقلابي 2005 و2008، وعمل مفتشًا للقوات المسلحة عام 2008، ثم مديرًا لمكتب الدراسات والتوثيق أو ما يعرف بالاستخبارات الخارجية عام 2012، قبل أن يشغل منصب المدير العام للأمن الوطني عام 2014.
وبعد وصول الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم عام 2019، عينه قائدا عاما لأركان الجيوش الموريتانية، وهو المنصب الذي بقي فيه حتى أحيل إلى التقاعد نهاية عام 2021، ليتفرغ للعمل السياسي.
هذا وتتواصل التحضيرات لانتخابات مايو في جو من الإجماع مع قبول أحزاب المعارضة لمسارات تنظيمها، مع أن رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح (المحسوب على الإخوان) والذي هو أقوى أحزاب المعارضة، أكد في خطاب خلال حفلة الإفطار السنوي للحزب ليلة الأحد “أنهم في حزب التجمع يحسنون الظن ويفترضون حرص الجميع على الصالح العام وما يتطلبه ذلك من نأي الدولة نفوذا ومقدرات عن التدافع السياسي القائم جراء أجواء الحملات وافرازاتها المختلفة، لكن مؤشرات وحوادث توالت لم تدع لهم بدا من التوجس على نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها وهو ما عبر عن الحزب في عدة بيانات وخرجات، ولقاءات مع أطراف رسمية”.