أدلى مدير الأمن الأسبق الجنرال المتقاعد أحمد ولد بكرن، اليوم الاثنين، أما المحكمة الجنائية المختصة بمحاربة الفساد، بشهادته في ملف بيع أراض مقتطعة من مدرسة الشرطة في العاصمة نواكشوط.
وأكد ولد بكرن لدى استماع المحكمة إليه، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أخبره بقدوم مسؤول من وزارة الإسكان، ويطلب منه تسهيل ولوجه لمدرسة الشرطة لاقتطاع جزئها الجنوبي.
وقال ولد بكرن إنه استقبل في مكتبه بإدارة الأمن، مسؤول وزارة الإسكان رفقة خصوصيين، في نفس اليوم الذي اتصل فيه ولد عبد العزيز، وقام بتوجيههم مباشرة إلى مدرسة الشرطة، وفق الأوامر التي وصلته.
وشدد الجنرال المتقاعد على أن لا علاقة خاصة تربطه بولد عبد العزيز رغم الزمالة في المهنة كضابطين عسكريين.
من جهة أخري قال رجل الأعمال إبراهيم ولد غده، الملقب (ابهاي)، إن حجم الودائع المالية التي تسلمها من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال سنوات حكمه العشر، يزيد على سبع مليارات أوقية، أغلبها من العملة الصعبة).
وأدلي ولد غده بشهادته اليوم الاثنين أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، التي يمثل أمامها ولد عبد العزيز بتهم الفساد واستغلال النفوذ وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع _ وفي إطار ملف قطعة أرضية مقتطعة من الملعب الأولمبي، شيدت فيها عمارة لتكون مقر عيادة صحية، بالإضافة إلى أنه قدم شهادته بخصوص الودائع التي تلقاها من ولد عبد العزيز،
مؤكدا بالقول إنه “ملتزم بكل ما سبق أن صرّح به أمام شرطة الجرائم الاقتصادية والعدالة”، مشيرًا إلى أن علاقته مع ولد عبد العزيز تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، ولكنها منذ 2005 تطورت كثيرًا وبدأ يحتفظ له بودائع مالية كبيرة الحجم.
إذ لا يعرف بالضبط الحجم الإجمالي للمبالغ التي تلقاها من ولد عبد العزيز على شكل ودائع، ولكنه يقدرها بملايين الدولارات، مضيفًا أن الأموال كانت تصله عبر أحد أفراد أسرة ولد عبد العزيز، ومرة يتسلمها منه بشكل شخصي
وفي سياق الرد على سؤال للنيابة العامة، قال ولد غده " إن حجم الودائع المالية التي احتفظ بها منذ 2009 (العام الذي انتخب فيه ولد عبد العزيز رئيسًا للبلاد) يصل إلى 7 مليارات ومائة مليون أوقية، مشيرًا إلى أنه في الفترة من 2017 وحتى 2020 جميع المبالغ التي وصلته كانت من اليورو والدولار.
وقال إن آخر ودائع استلمها من الرئيس السابق تعود إلى الأشهر الأولى من 2019، كما وصله مبلغ آخر في يناير 2020، قبل أن يبدأ التحقيق ويتوقف كل شيء..
وبخصوص موضوع العيادة التي شيدت في قطعة أرضية مقتطعة من الملعب الأولمبي، قال ولد غده إن ولد عبد العزيز أبلغه أنه كان يبحث عن تمويل للعيادة، وحين لم يجده قرر أن يمولها شخصيًا، وبالتالي ربطه بشخص يدعى “ولد الشروك” كان مكلفًا بتشييد العيادة، سلمه مليار و800 مليون أوقية قديمة من أموال ولد عبد العزيز، صرفت كلها في تشييد العيادة.
وأضاف أنه بعد صرف مبلغ تشييد العيادة “بقيت بحوزته أربع مليارات وثمانمائة مليون أوقية قديمة” من أموال ولد عبد العزيز.
وقال إنه حين اتصلت عليه شرطة الجرائم الاقتصادية طلب منها أمرًا قضائيًا لتسليم الأموال، قبل أن يضيف أنه سلمها في النهاية بالطريقة التي يرى أنها مناسبة، وأنها وضعت في حساب تابع صندوق الإيداع والتنمية (CDD) بتعليمات من شرطة الجرائم الاقتصادية.
ونفى ابهاي ولد غده بشدة أن يكون قد استفاد من أي صفقات في عهد ولد عبد العزيز، وقال: “لم تكن بيننا أي صفقات، مجموعتي تمارس الأعمال التجارية منذ التسعينات، وهي فاعلة في اقتصاد البلد، وبصفة خاصة في استيراد المواد الغذائية الأساسية، وتتعاون مع جميع الأنظمة التي تتعاقب على حكم البلد”.
بل إن ولد غده أكد أن مجموعته التجارية تعرضت للظلم مرتين خلال عهد ولد عبد العزيز، أولهما حين استوردت باتفاق مع سونمكس 27 ألف طن من القمح في آخر عهد الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وبعد الانقلاب تراجعت سونمكس عن الاتفاق، والقضية ما تزال أمام العدالة، على حد تعبيره.
وقال ولد غده أمام المحكمة: “يجب أن تسألوا اثنين من رؤساء الحكومات السابقة، ووزراء المالية الذين تعاقبوا من المختار ولد اجاي إلى ولد الرايس وتيام جمبار، ووزير المعادن، إن كانت مجموعة أهل غده استفادت أي شيء في زمن ولد عبد العزيز”.
وأكد في السياق ذاته رفضه لما سماه “المزايدة على مجموعة أهل غده”، وقال إنه مجموعة اقتصادية فاعلة وتساهم بشكل كبير في توفير المواد الغذائية للبلد.
في السياق ذاته نبهت النيابة العامة إلى أن الأسئلة موجهة إلى شخص ابهاي ولد غده، وليس إلى مجموعة أهل غده.
وبعد الاستماع إلى رجل الأعمال ابهاي ولد غده رفع رئيس هيئة المحكمة الجلسة حتى يوم الاثنين المقبل، وهو ما برره بمراعاة دخول العشر الأواخر من شهر رمضان.