مداخلة في إطار تخليد رابطة المقاومة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة الوطنية لمعركة " أم التونسي "المجيدة يوم 18 أغسطس 2016
بادئ ذي بدأ أود أن أثمن ما قام به فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز منذ توليه مقاليد السلطة من إهتمام بالغ بالمقاومة الوطنية و تكريم ﻷبطالها اﻷشراف و كان أول من تم توسيمه احمد ولد بهده احد ابطال هذه المعركة ، ﻷنه لا يمكن ﻷي حاضر قوي أن يتشكل من دون ماض قوي يبنى عليه ، فالتاريخ شعاع من الماضي يضيئ الحاضر و المستقبل ، و من هذا المنطلق يسعدني باسم أبناء المجاهدين أن أتقدم بطلب ملح إلى فخامة رئيس الجمهورية بإدراج تاريخ المقاومة الوطنية بصفة عامة في المناهج التربوية و تصحيح بعض المعلومات المتعلقة خصوصا بملحمة أم التونسي المجيدة كما نلتمس من فخامته تشييد نصب تذكاري تخليدا لهذه المعركة الفاصلة .
أما بخصوص مداخلتي حول ذكرى هذه المعركة الفاصلة ستقتصر على قوام القوتين ان صح التعبير و كذلك اﻹستراتيجية التي أديرت بها ، هذه المعركة و أدت في النهاية الى اﻹنتصار العظيم .
لا شك أيها الحضور الكريم أن عدد المجاهدين كان يفوق المئة من الرجال إلا أنهم لا يملكون سوى الجمال و بنادقهم المتواضعة وهي ؛( ثلاثيات -رباعيات - خماسيات أو يسمى بتمبربزات ) و بعضهم لايملكها بل كان في انتظار أن يتسلح من العدو كما كان نهج المقاومة الوطنية في بعض اﻷحيان -مقارنة مع الفرقة الفرنسية المدججة بالسلاح و العتاد و التي يبدو أنها كانت على بقدوم المجاهدين حسب كتابات ضباط المستعمر و خير دليل ما شهد به العدو ، فلهذا كانت على اهبة اﻹسنعدادات بمختلف جوانبها ، فكانت هذه الفرقة تتكون من ستة ضباط فرنسيين بقيادة دلونج و الملازم " ماك ماهون " نجل الرئيس الفرنسي أنذاك و أكثر من 30 من الزنوج الرماة ، كما أن هذا العدو بمكره و دهائه عمد الى اختيار أكثر من 50 مجندا محليا ( كوميات ) معظمهم شارك الى جانبه في معارك عديدة ضد المقاومة الوطنية في مختلف ربوع التراب الوطني ، و تم تسليح الجميع بمختلف اﻷسلحة بما فيها الرشاش إلا أن هذا المستعمر و أعوانه و بالرغم من قوته و جبروته كان يفتقد لما هو أقوى ، إنه اﻹيمان الراسخ في قلوب المجاهدين بالجهاد في سبيل الله ثم الدفاع عن اﻷرض و العرض ، فبهذا اﻹيمان القوي و عند التقاء الجمعان في مثل تاريخ هذا اليوم بالذات إ18 أغسطس من عام 1932 في منطقة أم التونسي ( 80كلم شمال العاصمة في صباح يوم ممطر إندفع المجاهدون سيدي ولد الشيخ ولد لعروسي صوب العدو ، مكبرين مقبلين غير مدبرين و لسان حالهم يقول الشهادة هاهنا لمن أرادها ، فكانت تحسب لهم تلك البسالة ﻷنها ترعب العدو ، و إثر ذلك الهجوم المتحمس و القوي للمجاهدين و نداءهم للشهادة في سبيل الله ، ارتأى المجاهد و القائد اﻹستراتيجي المتمرس أبراهيم السالم ولد ميشان أنه لتحقيق نصر فعلي يجب مباغتة العدو من الخلف ، و نظرا لخبرته و معرفته له من خلال معاركه السابقة و التي لقبه فيها بعض ضباطه بالمنتخصص ( le spécialiste )- استطاع فعلا هذا الرجل ببراعته و سرعته الفائقة رفقة بعض المجاهدين و بتوفيق من الله أن يلتف من الخلف على جنود الفرقة الفرنسية المحاطة بالجنود و السلاح و إرباكها بضربات موجعة و مفاجئة لم تكن في حسبانها ، أصابت هذا العدو و أزلامه بالهلع و الخوف و فرار البعض و ماهي إلا ساعات حتى بدأت بوادر النصر تلوح في اﻷفق و ذلك بمقتل كل الضباط الفرنسيين الستة و على رأسهم الملازم و نجل الرئيس الفرنسي أنذاك " ماك ماهون " كما قتل أكثر من 10 من الزنوج الرماة و أكثر من 20 من المجندين المحليين (كوميات ) و أكثر من 10 من الجمال و غنم المجاهدون 50 جملا برواحلها و أكثر من 45 بندقية و مدفعا رشاشا ، و أستشهد من جانب المجاهدين 17 مجاهدا و اكثر من 20 جريحا . و في رواية سلمنه عن تفاصيل المعركة في كتاب : الشيخ ماء العينين ع.أ في مواجهة اﻹستعمار اﻷروبي يقول سلمة و هو احد المشاركين فيها {أن المعركة تميزت بالشراسة و السرعة ، و أن الرجال المقاومة في هذا اليوم كانوا من الشجاعة و البسالة بمكان ، لكنهم لم يبلغوا مدى ابراهيم السالم ولد ميشان في اﻹقدام ، لقد رأيته يلتف من الخلف على جنود الفرقة الفرنسية فيقتل ثلاثة من الفرنسيين و سبعة من الرماة ، لقد كان يكر و يصول بسرعة البرق في ميدان المعركة ...} لا شك أن معركة أم التونسي ملحمة كبرى سجلها التاريخ لكوكبة من أبطال المقاومة الوطنية زلزلت فرنسا أنذاك فليس مستبعدا أن تزلزل اليوم أزلامها اﻷوفياء . المجد و الخلود للشهداء