محمد بازوم.. العربي الذي واجه رفض الزنوج لرئاسته

انقلاب يطيح بآخر رجال فرنسا في منطقة الساحل
أخيرا،  حسم قادة الجيش في النيجر نهاية يومهم الطويل في القصر الرئاسي، وأحيل الرئيس محمد بازوم إلى لائحة الرؤساء السابقين بعد أقل من ثلاث سنوات على ترأسه لهذا البلد ذي الأغلبية الزنجية، والأزمات السياسية المتفاقمة، والنائم على كم هائل من اليورانيوم الذي طالما غذى المصانع الفرنسية وحول باريس إلى أكبر منتج للطاقة في العالم.

وهي اليوم في أمس الحاجة لديمومة واستدامة هذا المورد الكبير للطاقة النووية.
في إبريل 2021 أدى بازوم اليمين الدستورية رئيسا للبلاد بعد أن نال قرابة 55% من أصوات الناخبين في مواجهة منافسه مهامن عثمان الرئيس السابق للبلاد.

بيان قادة الانقلاب لم يخرج عن المألوف في مثل هذه الحالات التي تسقطوا فيها الأقدام الخشنة على خيار الشعوب المغلوبة على أمرها.

ورغم إعلان الجيش اغلاق البلاد في وجه الملاحة الجوية، ومن المضحك أن قادة الجيش رغم نياشينهم الكبيرة فإنهم لايستطيعون حيلة ولايهتدون سبيلا، فلو غامرت مروحيات تسميم الجراد لما كان لهم في وجهها حيلة.

ورغم إعلان قادة الانقلاب إغلاق الملاحة الجوية فإن الطائرات الفرنسية تهبط وتقلع دون رقيب ولا حسيب وهو ما أحرج الانقلابيين فصرحوا على استحياء أنهم يحذرون فرنسا من مغبة التدخل ضد الانقلاب، من باب حفظ ماء الوجه.
قبل ذلك كان محمد بازوم قد أبصر النور في النيجر سنة 1960 لأب من أصول ليبية ينتمي إلى قبلية أولاد سليمان العربية ذات الامتداد الواسع في ليبيا وتشاد والتي تعتبر جزء من الأقلية العربية في النيجر.
لم تكن الدماء العربية والسحنة الخاصة مصدر سعادة سياسية بالنسبة للرجل، بقدر ما كانت عنوان أزمة سياسية في علاقته مع الأطياف المتصارعة في بلاده والتي سعت منذ ثمانينيات القرن المنصرم إلى محاصرة الرجل وإبقائه في الهامش.
درس بازوم في النيجر قبل أن يلتحق بجامعة آنتا ديوب بالسنغال وتخرج منها يحمل بدبلوما في الفلسفة،  ليحمل لقب الفليسوف، وكانت ميوله اليسارية طافحة أثناء دراسته، وممارسته للتدريس أستاذا في بلاده، قبل أن يدخل الحكومة وهو في الثلاثينيات من عمره وزيرا للتعاون من 1991 إلى 1993، كما كان عنصرا فعالا في البرلمان حيث انتخب نائبا لأربع دورات، قبل أن يتولى لاحقا وزارات الداخلية والخارجية والتعاون الدولي، حيث استطاع إقامة شبكة علاقات داخلية قوية، وخارجية مؤثرة.
في 2020 أصبح بازوم مرشحا خليفة لصديقه محمد يوسفو، الذي غادر الحكم بعد أكثر من عشر سنوات من السيطرة القوية.
رجل فرنسا الأخير في الساحل
بسقوط بازوم تفقد فرنسا رجلها الأخير في المنطقة، وذلك بعد أن فقدت وبشكل كبير تأثيرها وقوتها في مالي، وتراجع نفوذها في تشاد، وغينيا كوناكري وفي ساحل العاج.
ومع الموجة الجديدة من الضباط الشباب المناوئين لفرنسا أو المتعطشين للحكم، يتراجع نفوذ باريس فيما تنفتح نافذة علاقات جديدة أمام موسكو العنصر الأكثر فعالية في المنطقة منذ سنوات، كل ذلك تحت بصر أمريكا التي ربما أرادت طرد فرنسا من افريقيا، قبل أن تأخذ هي المكان في الزمان الذي تريد.

وتمتلك أمريكا مجموعة من القواعد في دولة النيجرومثلها فرنسا، وزيادة على ذلك توجد قاعدة عسكرية آلمانية في دولة النيجر.

الأكيد أن أمريكا التي تواصلت مع الرئيس الشرعي في مكان احتجازه  أمس قادرة على منع الانقلاب، لكنها ربما لاتهتم بمستقبل البلاد ولا تهتم بحاضرها.

فزعيم الانقلابيين على ماذطرت بعض وسائل الاعلام، قائد سابق للأركان وسفير دولة النيجر في دولة الالمارات العربية المتحدة.
لا يعرف على سبيل الدقة الدافع الفعلي للانقلاب سوى الشغف بالملك وحب السيطرة، تحت ذرائع الوضع الأمني المتأزم في النيجر، أم أن لمجموعة فاغنير دورا في الإطاحة برجل فرنسا بعد أيام من تصريح قائد تلك المجموعة بأن جنوده ونفوذه سيتنقل إلى إفريقيا.
وبرحيل الفليسوف عن الحكم لا تفقد فرنسا فحسب رجلها القوي في النيجر، بل تفقد موريتانيا أيضا صديقا كانت تراهن عليه في توطيد علاقاتها في منطقة الساحل، ورجلا بدويا يرتبط بعلاقات قوية مع دبلوماسيين وسياسيين ورجال أعمال موريتانيين.