امر اوباما بتنكيس الأعلام في كل البلاد حتى نهاية مراسم دفن القاضي انتونين سكاليا. وانعكست وفاة القاضي سكاليا، الكاثوليكي المحافظ، الذي عيّن قبل ثلاثين عامًا في عهد الرئيس رونالد ريغان، على الفور، على الحملة المحتدمة للانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر، قبل اقل من عام من انتهاء ولاية اوباما في 20 يناير 2017.
والمحكمة العليا، الهيئة القضائية العليا في الولايات المتحدة، هي من عمادات المؤسسات الاميركية مع السلطة التنفيذية والكونغرس، وهي تتالف من تسعة قضاة يعيّنون مدى الحياة، ويميل ميزان القوى فيها حاليا إلى مصلحة المحافظين (خمسة قضاة مقابل اربعة قضاة يعتبرون تقدميين).
وفي السنوات الاخيرة كان للمحكمة العليا دور اساسي في الحياة السياسية في الولايات المتحدة، ولا سيما حين امرت في العام 2000 بوقف اعادة فرز الاصوات في الانتخابات الرئاسية في ولاية فلوريدا، مما جعل الفوز بالبيت الابيض من نصيب جورج بوش الابن.
تعيين خلف
بعد بضع ساعات على اعلان مسؤولين جمهوريين وفاة القاضي "في نومه" في تكساس، اشاد الرئيس اوباما بـ"رجل مميز" و"قانوني لامع (...) كرس حياته لدولة القانون، المدماك الاساسي في ديموقراطيتنا"، معلنا "اعتزم تحمل مسؤولياتي الدستورية بتعيين خلف في الوقت المحدد". وحذر "سآخذ كل وقتي للقيام بذلك، ولمجلس الشيوخ ان يتحمل مسؤولياته بالاستماع الى هذا الشخص كما ينبغي، والتصويت على تعيينه ضمن المهل".
وتنذر عملية تعيين قاض جديد وتثبيته بكثير من الصعوبات، قبل اقل من عام على انتهاء ولاية الرئيس الديموقراطي، في مواجهة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. وطبقا للدستور، فان مسؤولية اختيار اعضاء المحكمة العليا تقع على عاتق الرئيس، في حين تعود الى مجلس الشيوخ صلاحية المصادقة على هذا التعيين او رفضه.
ودعا جميع المرشحين لتمثيل الحزب الجمهوري في السباق الى البيت الابيض في مناظرة تلفزيونية مساء السبت، مجلس الشيوخ الى عرقلة اي تعيين يقدم عليه اوباما لقاض جديد في المحكمة العليا.
وفور اعلان وفاة سكاليا، حذر رئيس الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بان من عليه ان يختار خلف سكاليا هو الرئيس الاميركي المقبل وليس اوباما.
وقال ماكونيل في بيان انه "يجب ان تكون للشعب الاميركي كلمة في اختيار القاضي المقبل في المحكمة العليا (..) وعليه فان هذا المنصب يجب ان يظل شاغرا الى ان يصبح لدينا رئيس جديد".
إلحاق العار بالدستور
في المقلب الاخر طالب معارضه في مجلس الشيوخ الديموقراطي هاري ريد بتعيين "فوري" لقاض جديد، مشددا على انه "ستكون سابقة في تاريخ المحكمة العليا الحديث ان يبقى منصب فيها شاغرًا لمدة عام".
من جهتها اتهمت المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون الجمهوريين بـ"الحاق العار بالدستور". وصدرت من الجمهوريين اشادات بالقاضي، وقال دونالد ترامب الاوفر حظا لنيل الترشيح الجمهوري ان سكاليا كان "من الافضل في كل الازمنة".
وقال السناتور الجمهوري من تكساس تيد كروز المشرح المحافظ المتشدد ان "القاضي سكاليا كان بطلا اميركيا، ومن واجبنا تجاهه وتجاه الامة ان يتثبت مجلس الشيوخ بان يعيّن الرئيس المقبل خلفه". وكان الرئيس ريغان عين انتونين سكاليا عام 1986 وكان معروفا بتفسيره الحرفي للدستور الاميركي.
وكان هذا الكاثوليكي التقليدي الايطالي الاصل عضوًا منذ اطول فترة في المحكمة العليا، المؤلفة من تسعة قضاة، بينهم اربعة يعتبرون محافظين (جون روبرتس وانتونين سكاليا وكلارنس توماس وسامويل اليتو)، فيما قاض خامس هو انتوني كينيدي، يصنف ايضا بين المحافظين، غير انه يتخذ مواقف احيانا الى جانب القضاة الاربعة الاخرين الذين يعتبرون تقدميين
وجسد القاضي سكاليا على مدى ثلاثة عقود في المحكمة العليا الموضوعات، التي تهمّ اميركا المحافظة، سواء على صعيد العائلة او الديانة او الوطنية او الحفاظ على النظام. وهو ينادي بقانونية عقوبة الاعدام، ويدافع عن الاسلحة الفردية، ويعارض صراحة الاجهاض وزواج مثليي الجنس والتمييز لمصلحة الاقليات.