الجهة والمجالس المحلية : ملامح التنافس والحاجة للتكامل (تقدير موقف)

خلص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى عشية وضعه لبرنامجه الإنتخابى تمهيدا لترشحه للإنتخابات المحلية 2019 إلى حقيقة ماثلة للعيان، وهي أن "مدننا غير قادرة على توفير ّ الخدمات والمهام الوظيفية المنتظرة منها. فما زالت تتميز بهشاشة السكن، والإحتلال غير الشرعي للمجال العمومي، وفوضوية الإنتشار العمراني".

وأكد الرئيس فى برنامجه "تهداتى" أن التطبيق الصارم للمدونة العمرانية أولوية ملحة.

 

وتعهد رئيس الجمهورية بأن تكون نواكشوط "بمثابة الموقع النموذجي لتجريب برامج »سياسة المدينة«، من خلال إطلاق مشروع بالتعاون بين الجهة، والبلديات، والمجتمع المدني، والشركاء، لجعل نواكشوط مدينة مطابقة للمعايير على جميع الأصعدة، الأمنية، التعليم، الصحة، النظافة، المطاعم، النقل، التجارة، السكن، الرقابة الحضرية، الشغل، إلخ. مؤكدا أن هذا النموذج سيمتد إلى عواصم الواليات قبل أن ُي ّعمم لاحقا على جميع المدن.

 

غير أن مستوى التعاون بين الجهة والمجالس المحلية ظل دون المأمول، وقد يكون للأمر مسوغه السياسى خلال فترة تسيير المعارضة الإسلامية لبعض المجالس المحلية بالعاصمة نواكشوط، وتحفظ السلطة على إنجاح تلك التجربة لأسباب انتخابية مضحة، لكن أن تستمر منافسة الجهة والمجالس المحلية بعد انتخابات يونيو 2023 فهو ما لايتفق مع ماتعهد به الرئيس وأكد عليه، ناهيك عن الحاجة القائمة إلى مراعاة الأولويات المطروحة لدي الجهات المحلية من قبل جهة التحصيل الأهم، وصاحبة المشاريع الإنمائية الأكبر(جهة نواكشوط)، والبعد من الإزدواجية فى العمل، وتسيير المشارع الموجهة لفقراء العاصمة أو الرامية إلى تعزيز البنية التحتية بالتشاور مع المجالس المحلية، وإشراك العمد فى الرقابة والإشراف على بعض الملفات الخاضعة لصلاحيات المجالس المحلية (الزراعة والمياه والصحة) والإبتعاد من كل مظاهر التنافس الرامية إلى تسجيل النقاط، وسياسة صناعة الكتل الإنتخابية المرتبطة بالشخص، بدل صناعة الأمل وتغيير واقع الناس.

 

إن المجالس المحلية يجب أن تباشر فرز المشاريع التى يمكنها مساعدة السكان فى ظل الأوضاع الصعبة، وتحديد المدارس المرشحة للترميم أو الإنجاز، وتحديد نقاط توفير المياه، ورصد الحالات الإنسائية عبر سجلاتها الإجتماعية المحينة، وإقتراح الشوارع المطلوب فك العزلة عنها، والمراكز الصحية التى تحتاج إلى تدخل، بينما تتولى جهة نواكشوط، وبقية المؤسسات العمومية الأخرى (تآزر والمفوضية الخاصة بالأمن الغذائي ومفوضية حقوق الإنسان) تمويل تلك المشاريع والتدخل لتقديم يد المساعدة للمحتاجين، بدل وجود سجلات متعددة، ونقاط تدخل متقاربة، وهو تنافس يرقى للصراع، وتضييع جماعى للموارد والجهود فى بلد يحتاج إلى مزيد من العقلانية فى تسيير الموارد المتاحة لديه.

 

نقلاعن زهرة شنقيط