صراع البقاء بين عساكر النيجر وفرنسا، تصل شرارته إلى الأمم المتحدة - موقع الفكر

مزايدات المجلس العسكري النيجري،  قدتنجح مع شعب ضعيف، لكنها أبدا لن تنجح مع مجلس عالمي تحتكره القوى الكبرى، ويسود فيه منطق الغاب، حيث يأكل القوي فيه الضعيف، فلامسوغ  لنجاحه مع مجلس تحتكره القوى الكبرى، والكذابون الأكبر.

 حقا، فحكام النيجر الجدد مثل حبل الكذب فهو قصير، لايمتد إلى الأمم المتحدة، ولأنهم لا يملكون إلا تلفزيون النيجر، فهم يغردون  فيها مساء وصباحا، لذلك فقد استنكر المجلس العسكري النيجري ما وصفه بـ"تصرفات غادرة" لأمين عام الأمم المتحدة، ولأنه لايملك غير تلفزيون النيجر، يغرد فيها مساء وصباحا،  حيث قال  في بيان  عبر التلفزيون العام إن "المجلس الوطني لحماية الوطن (مدبّر الانقلاب) وحكومة جمهورية النيجر يدعوان" المجتمع المحلي والدولي إلى أن يكونا شاهدين على "التصرفات الغادرة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس التي من شأنها تقويض أي جهد لإنهاء الأزمة في بلادنا".

و اعتبر المجلس أن غوتيريس "ارتكب خطأ في ممارسة مهمته، من خلال عرقلته المشاركة الكاملة للنيجر في الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة".

وأضاف المجلس في بيانه أن النيجر "ترفض وتدين بشدة هذا التدخل الواضح من جانب غوتيريس في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة"، منددا بـ"تواطؤ فرنسا واثنين من رؤساء الدول الناطقة بالفرنسية" في غرب أفريقيا، دون تسميتهما.

تحاول فرنسا بكل قوة محاصرة المجلس العسكري الحاكم في النيجر خاصة وأنها تتحكم بشكل كبير في قرارات الأمم المتحدة.

فهي غير راضية عن الانقلاب في النيجر، إذأنها تتوجس خيفة أن يتوجه حكام النيجرأكثر لروسيا.

لا يأتي حصار فرنسا لهذا المجلس العسكري،  من فراغ وإنما يأتي من موقفها الرافض للانقلاب الحاصل في النيجر والذي قد يشجع حكام النيجر على التعامل أكثر مع روسيا وبالتالي سحب البساط من تحت قدميها، الأمر الذي يحد من تدخلاتها في شؤون إدارة هذا البلد ويحرمها سلب خيراتها.

فرنسا تكره الشعوب وتحب طعامهم
 

يعيق فرنسا في اتخاذ خطوات أكثر صرامة ضد عسكر النيجر، الموقف الأمريكي الذي يوصف بالتماهي معهم، خاصة أن نواتهم الصلبة تكونت في أمريكا، فالزيارات وتعيين السفراء والدعوة للحوار في الوقت الذي تزعم السلحافة الفرنسية أنها أسد ضار له لبد، وأن صولتها تخشى، وأنها بقوتها وعملائها ستفشل الانقلاب.

لقد أغضبت فرنسا بدون شك قادة الانقلاب في النيجر وحاصرتهم في محافل الأمم المتحدة.

والحقيقة أن الصراع في أساسه، صراع على المنافع والمكاسب الاقتصادية بالنسبة لفرنسا التي قد يعشعش  في ذهن البعض أنها تصارع من اجل مصلحة شعب هذا البلد أو تصارع من اجل حقوقه المهضومة،  لكن الحقيقة غير ذلك،  ففرنسا رغم زعم البعض أنها  بلد الحريات، فهي تصارع من اجل مصالحها الخاصة، تصارع من اجل الدفاع عن مكاسبها الاقتصادية هناك وتصارع أكثر من اجل ضمان ديمومة هذه المصالح،  فرنسا التي نهبت خيرات النيجر خصوصا وإفريقيا عموما زمن الاستعمار والتي لا تزال اليوم تنعم بهذه الخيرات أكثر من السكان الأصليين لهذه البلدان تريد بقاء الحال على حاله، خاصة في هذه الفترة الحاسمة التي يشهد فيها اقتصادها الوطني أزمة حادة بل تكاد هي الأكثر صعوبة في السنوات الأخيرة. الأمر الذي يجبرها على معاداة أي انقلاب في المنطقة تراه يهدد مصالحها أو يحد من نهب ثروات القارة،  فهي تريد بقاء ما كان على ماكان، خاصة في هذه الفترة المفعمة بالصعوبة والعسر الاقتصادي، ما يعني المحافظة على سلاسة سلاسل توريد الطاقة، التي هي عصب الحياة في البلاد الصناعية صاحبة المناخ  البارد،  بعد أن فرض السيد الأمريكي على الجميع مقاطعة الغاز  الروسي الرخيص، والتوجه نحو الغاز الأمريكي القادم في الفلك المشجون.

ورغم العلاقة المتنوعة مع عساكر الجزائر والتخادم معهم في أحيان كثيرة، فالظاهر أن الرئيس الفرنسي لم يحصل منهم على مايريد، فاشتراطاتهم زادت عن تقديرات صديقهم الفرنسي.

وثالثة الأثافي أن إيطاليا الجار المزعج لفرنسا في هذه الفترة نجح في توقيع تفاهمات مع عساكر الجزائر في مد أنابيب الغاز باتجاه روما التي تريد لها الحاكمة الجديدة أن تعود عاصمة الرومان من جديد.

لقد اضطرت فرنسا إلى توقيف  بعض مفاعلاتها بسبب ارتفاع درجات الجرارة، وبسبب ضعف الصيانة ما اضطرها لتوقيف الكهرباء عن دولة المانيا الصديقة الوفية لمكرون.

لذلك تخشى فرنسا أن يكون انقلابالنيجر الضربة " القاضية" على حالة اليسر التي عاشتها فرنسا بسبب خيرات هذا البلد التي تجبى إليها.

فرنسا..  تاريخ مريب من دعم الانقلابات

وإلا ففرنسا ليست مهتمة إلا بعملائها وأذنابها الذين يخدمونها، فهي تدعم الانقلابي ومجرم الحرب خليفة حفتر، وتقوض دعائم السلم في ليبيا،  وتدعم الانقلابي الذي قوض الديمقراطية التونسية قيس اسعيد، ودعمت كذلك عساكر الجزائر في انقلابهم على الديمقراطية، ودعمتهم ويقتولون ويشردون ويعذبون شعب الجزائر في العشرية السوداء، فبعد أن قتلت في الأصل مليون شهيد، سكتت عن قتل العداد الكبيرة في العشرية السوداء.

ففرنسا مثل  العنكوت اتخذت بيتا لتصطاد به الذباب بهدف تغذية نفسها وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.

عساكر النيجر..  شغف بالسلطة 

شعبوية العساكر لم تجلب لافريقيا نفعا ولم تنقلها لمصاف الدول المتقدمة، بل بقيت افريقيا متخلفة تابعة في قراراتها الاقتصادية، مدينة للقوى المتحكمة في رقاب العالم.

ولايتوقع أن يكون عساكر النيجر أحسن حالا من أسلافهم من الانقلابيين، لكن الأمر الجوهري  والخطير في سلسلة الانقلابات المتتابعة كسلسلة جبال متصلة، أنهم فتحوا الباب لتغليب منطق القوة، وشرعيتها، وأن القوي ينقلب على الضعيف، وهي سنة سيئة ستدفع النيجر ثمنها، وستؤثر على جيرانها، وسيدفع الجميع ثمن اعتراف العالم المنافق بهم، فلا توجد خدمات مجانية.

وفي آخر المطاف فهم سيتخلون عن مناجم اليورانيوم وغيرها لجهة أخرى إن لم يعيدوها لفرنسا، فلا جاه ولا مال لهم ولاخبرة، وهي أمور أساسية لتشغيل المعادن  الثمينة والاستفادة منها.

وإلى أن تضع هذه الأزمة أوزارها، ستزيد نسبة الجهل والفقر والمرض في شعب النيجر وستتعقد أحواله المعيشية وسيموت الكثير من شبابه على أسوار بلاد العم سام، وبذلك يتلاشى أمل الشعب في حياة كريمة في بلده أو في دار مهاجره، وهكذا دواليك، 

ن المتابع لأخبار الفارة السمراء ونخص بلدان الساحل, يدرك ان أزمة الحكم في النيجر ماهي إلا نموذجا لواقع مرير تعيشه هذه البلدان، الغنية بموارد طبيعية استغلها رجال فاسدون وقدموها هدايا فاخرة إلى فرنسا،  هذ البلد الذي كان يحمي  ويزكي كل تحركات من حكموا هذه البلدان من قبل وأصبحت الآن على رأس البلدان الرافضة لهذه التحركات التحريرية بالآثار السلبية للانقلابات وما تخلفه من سوء إدارة وضعف تنمية في هذه البلدان.

باتت أزمة الحكم في النيجر نموذجا لواقع القارة التي تستغل آلامها وتطلعاتها في تغذية أحلام أصحاب النياشين الفاشلين من العساكرن، وبات الثغلب الفرنسي يعظ  الناس مذكرا بضرر الانقلابات، وما تلححقه بالبلدان من سوء إدارة وانهيار تنمية.

 

وصدق المثل مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.

 

 

موقع الفكر