أعلنت تركيا رفضها الشديد محاولة الاحتلال الإسرائيلي تهجير أكثر من مليون شخص من سكان قطاع غزة، في حين أدانت الأمم المتحدة الخطة ووصفتها بـ"الأمر المروع". في المقابل، أكد البيت الأبيض تفهمه الطلب الإسرائيلي رغم صعوبة تنفيذه.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن مطالبة إسرائيل سكان غزة بالتحرك جنوبا خلال 24 ساعة قبل عملية برية تخطط لها "غير مقبولة على الإطلاق" وغير إنسانية وتنتهك القانون الدولي.
وأضافت الخارجية التركية في بيان أن إجبار سكان غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة -والذين تعرضوا لقصف عشوائي على مدار أيام وحرموا من إمدادات الكهرباء والماء والغذاء- على النزوح في منطقة محدودة للغاية هو انتهاك واضح للقانون الدولي ولا علاقة بينه وبين الإنسانية.
وتابعت في بيان "نتوقع من إسرائيل أن تتراجع على الفور عن هذا الخطأ الفادح وأن توقف بشكل عاجل أعمالها الوحشية ضد المدنيين في غزة".
من جانبها، أدانت وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت اليوم الجمعة الحصار المشدد الذي فرضته القوات الإسرائيلية على قطاع غزة ومحاولة تهجير سكانه.
وقالت هويتفيلدت في تصريحها لإذاعة "إن آر كيه" المحلية "إسرائيل تمتلك حق الدفاع عن نفسها ولكن لا تستطيع استعمال كافة الوسائل في سبيل ذلك".
وأضافت عندما تحاصر إسرائيل غزة ثم تطلب من هذا العدد من الناس المغادرة من غزة وليس لديهم طعام أو دواء فإنه يجب علينا إدانة ذلك.
بدوره، قال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين للجزيرة إن إسرائيل ملزمة بوقف الأعمال القتالية وفتح ممرات لدخول المساعدات.
إدانة أممية
بدوره، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان إن المنظمة تناشد بقوة إلغاء أي أمر ترحيل لسكان شمالي قطاع غزة لتجنب وضع كارثي.
وتابع دوجاريك "ترى الأمم المتحدة أنه من المستحيل تنفيذ مثل هذا الأمر من دون عواقب إنسانية مدمرة".
وأشار إلى أن الإنذار الإسرائيلي يسري أيضا على جميع موظفي الأمم المتحدة وأولئك الذين يقيمون في منشآت تابعة للمنظمة، بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية والعيادات.
من جانبها، وصفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) طلب إسرائيل نقل أكثر من مليون مدني من شمال غزة خلال 24 ساعة بأنه "مروع".
وقال فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا في بيان إن "الطلب الإسرائيلي لن يؤدي إلا لمستويات غير مسبوقة من البؤس ويدفع الناس في غزة أكثر نحو الهاوية".
وأضاف لازاريني أن أكثر من 423 ألف شخص نزحوا بالفعل، ولاذ أكثر من 270 ألفا بملاجئ الأونروا، مشددا على أن "نطاق وسرعة الأزمة الإنسانية التي تتكشف تقشعر لهما الأبدان، غزة تتحول سريعا إلى حفرة من الجحيم وعلى شفا الانهيار".
تفهّم أميركي
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون كيربي إن دعوة إسرائيل لتحرك ما يربو على مليون مدني في شمال قطاع غزة خلال 24 ساعة ستكون "أمرا صعبا".
وأضاف كيربي في تصريحات تلفزيونية إن "هذا يعني انتقال عدد كبير من الأفراد في فترة زمنية قصيرة جدا".
وقال "نفهم ما يحاولون القيام به ولماذا يحاولون القيام بذلك، إنها محاولة لعزل السكان المدنيين عن حماس التي هي هدفهم الحقيقي".
وأضاف كيربي أن المسؤولين الأميركيين يعملون مع إسرائيل ومصر لتوفير ممر آمن للمدنيين الذين يعيشون في غزة التي يسكنها 2.3 مليون شخص في منطقة من أكثر الأماكن اكتظاظا على وجه الأرض.
وقال لاحقا لشبكة "سي إن إن" "بالتأكيد، إننا لا نريد رؤية إصابة أي مدني، وندعم السماح بخروج آمن من غزة، وبالتأكيد يشمل ذلك قدرة الناس على التحرك بأمان داخل غزة".
تهديدات إسرائيلية
وفي وقت سابق اليوم الجمعة، قالت الأمم المتحدة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أبلغها بضرورة انتقال 1.1 مليون فلسطيني في غزة إلى جنوب القطاع خلال 24 ساعة، في حين قالت سلطات القطاع إن هذا الإعلان يأتي ضمن الحرب النفسية لإحداث بلبلة بين المواطنين.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن سكان مدينة غزة مطالبون بإخلاء منازلهم والتوجه جنوبا، قائلا إنه "سيواصل العمليات بشكل كبير" في المدينة التي وصفها بأنها "منطقة عمليات عسكرية".
وقال الجيش في بيان صباح اليوم إن السكان لن يتمكنوا من العودة إلى مدينة غزة إلا عند صدور إعلان آخر يسمح بذلك.
كما حذر الجيش الإسرائيلي سكان القطاع من الاقتراب من منطقة السياج الفاصل مع إسرائيل.
في المقابل، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة سلامة معروف إن التحذير محاولة من جانب إسرائيل "لبث وتمرير بعض الأخبار الدعائية الكاذبة بطرق مختلفة مستهدفا إحداث بلبلة بين المواطنين والمس بتماسك جبهتنا الداخلية".
وأشار معروف في بيان إلى أن من بين هذه المحاولات ما يتداول بشأن الطلب من بعض العاملين في المؤسسات الدولية بقطاع غزة التوجه إلى جنوبي القطاع.
وأضاف "نؤكد على مواطنينا عدم التعاطي مع هذه المحاولات التي تأتي ضمن الحرب النفسية، علما أن طواقم هذه المؤسسات ما زالت في أماكنها".
ويأتي هذا التطور فيما يواصل الجيش الإسرائيلي شن غارات كثيفة على قطاع غزة بالتوازي مع حشد القوات تمهيدا لهجوم بري محتمل في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية السبت الماضي.
وقال الجيش الإسرائيلي أمس الخميس إنه يستعد لعملية برية، لكنه أوضح أن القرار السياسي لم يتخذ بعد.
واستدعت تل أبيب 300 ألف من جنود الاحتياط وأرسلت قوات كبيرة إلى غلاف غزة.
في المقابل، أكدت المقاومة الفلسطينية أنها أعدت خطة دفاعية لمواجهة اجتياح بري محتمل لقطاع غزة.
المصدر : الجزيرة + وكالات