اختتمت مساء اليوم الاثنين الدورة الجنائية الخاصة بمحاكمة المتهمين في ملف العشرية، وهي الدورة التي بدأت يوم 25 يناير 2023، لتستمر جلساتها 10 نحو عشرة أشهر وعشرة أيام، مسجلة بذلك إحدى أطول الدورات الجنائية في القضاء الموريتاني.
كما سجلت مداولاتها التي استمرت منذ ضحى الأربعاء الماضي 29 نوفمبر، وحتى مساء اليوم الاثنين، كإحدى أطول المداولات في تاريخ القضاء.
وعرف محيط المحكمة انتشارا أمنيا كبيرا، حيث طوقت شرطة مكافحة الشغب جوانب قصر العدل، وأغلقت الممر المحاذي له، فيما تجمع عدد من أنصار وأقارب المتهمين، وخصوصا أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز غير بعيد من قصر العدل، وحمل بعضهم صورا مبكرة له، ورددوا شعارات تندد باستهدافه.
ووصل المتهمون في الملف إلى المحكمة حوالي الثالثة والنصف، أي قبل ساعة من الموعد المحدد للنطق بالحكم، وتم نقلهم من مكان سجنهم عبر باص للشرطة، ترافقه سيارتان من فرقة مكافحة الإرهاب.
وبعد دخول المتهمين إلى القفص قام عدد منهم على رأسهم الرئيس السابق بالتجول في القفص والتلويح بيديه لتحية الجمهور، فيما دخل بعضهم في أحاديث جانبية مع المحامين.
وبدأت المحكمة جلستها عند الساعة: 16:36 دقيقة، بدخول رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين، والقاضيين المستشارين في المحكمة خطري السيد، وخالد محمد أحمد.
وأعلن ولد محمد الأمين افتتاح الجلسة، منبها إلى أنها ستعرف النطق بالحكم في الملف رقم: 001/2023، وبذلك ستكون آخر جلسات الدورة الجنائية الخاصة بهذا الملف.
تهديد ووعيد
كما بدأ رئيس المحكمة حديثه بتهديد الحضور، منبها إلى أن أي شخص يصدر صوتا خلال قراءة منطوق الحكم سيتولى الأمن إخراجه، وفي حال اعترضه أو إحداثه صوتا سواء كان فرحا بالحكم أو ضجرا منه، فسيتوقف عن قراءة منطوق الحكم، ويبدأ إجراءات جريمة القاعة، ولن يعود لقراءة المنطوق قبل اتخاذ الإجراءات بحدقه.
بعد ذلك أكد الرئيس أن المحكمة تصرح باختصاصها في الملف، وذلك ردا على الدفع الذي تقدم به دفاع الرئيس السابق بعدم اختصاصها في محاكمته بناء على نص المادة: 93 من الدستور الموريتاني.
كما أعلن رئيس المحكمة حكم المحكمة ببطلان الإجراءات في حق هيئة الرحمة الخيرية، والتي أنشأها وتولى رئاستها الراحل أحمد ولد عبد العزيز نجل الرئيس السابق، وبعد وفاته تولى رئاستها شقيقه بدر ولد عبد العزيز.
استرداد محجوزات
وقد أعلن رئيس المحكمة قبولها عدة طلبات استرداد تلقتها، وتتعلق بمحجوزات تم حجزها خلال مرحلة التحقيق بالملف، من بينها عقارات وشركة، وحساب بنكي.
فقد قررت المحكمة رفع الحجز عن عقارات أحدها لسيدي امبارك ولد الخرشي، وآخر للمصطفى ولد سيدي محمد، وثالث لمحمد الأمين ولد النعمان، ورابع لافيل ولد اللهاه، كما قررت رفع الحجز عن شركة تسمى "الساحل"، وحساب بنكي لمولاي اعل ولد امولاي اعل.
إسقاط لغالبية التهم
وأسقطت المحكمة غالبية التهم التي وجهتها النيابة العامة للمتهمين، حيث اعتمدت تهمتين فقط من 10 تهم وجهت للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، فيما برأت وزراءه السابقين من مشاركته في هذه التهم.
وبرأت المحكمة ولد عبد العزيز من تهم "تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، والحصول على مزايا مادية غير مستحقة من مجموعة عمومية، والتدخل في أعمال تجارية تنافي الصفة الوظيفة عن طريق أخذ وتلقي فوائد من عقود ومزايدات، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، وإخفاء عائدات إجرامية، وإعاقة سير العدالة".
فيما أدانته بتهمتي غسيل الأموال، والإثراء غير المشروع، حيث حكمت عليه بالسجن 5 سنوات، ومصادرة الأموال المتحصل عليها من جريمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع، وحرمانه من حقوق المدنية، مع تعويض الخزينة العامة للدولة 500 مليون أوقية قديمة.
فيما أسقطت المحكمة تهم الوزيرين الأولين السابقين يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير، والوزيرين السابقين محمد عبد الله ولد أوداع، والطالب ولد عبدي فال، وذلك من تهم "المشاركة في ارتكاب جرائم تبديد ممتلكات الدولة، ومنح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، والإثراء غير المشروع"، إضافة لتهمتي "إساءة استعمال أموال شركة وطنية (الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم")، واستعمال السلطة المخولة استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية" بالنسبة لولد أوداع، وولد عبدي فال.
كما أدانت المحكمة المدير العام السابق للشركة الوطنية للكهرباء "صوملك" محمد سالم ولد إبراهيم فال الملقب "المرخي"، بتهمة الإثراء غير المشروع، وأسقطت بقية تهمه، وأدانته بالحرمان من الحقوق المدنية ومصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
الرئيس السابق للمنطقة الحرة بنواذيبو محمد ولد الداف أدانته المحكمة بتهمة استغلال النفوذ، وحكمت عليه بالسجن سنتين وستة أشهر، منها 6 أشهر نافذة، بالإضافة إلى مصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
كما أدانت المحكمة رجل الأعمال محمد ولد امصبوع صهر الرئيس السابق بتهمة الإثراء غير المشروع، وحكمت عليه بالحرمان من الحقوق المدنية ومصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة، فيما أدانت رجل الأعمال محمد الأمين ولد بوبات بتهمة إخفاء عائدات جرمية والحبس سنتين مع وقف التنفيذ ومصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
أما المقاول يعقوب ولد العتيق، فأدانته المحكمة بتهمة إخفاء عائدات جرمية، وبالحبس سنين، 6 أشهر منها نافذة، ومصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
تنبيه وتحذير
رئيس المحكمة نبه من تمت إدانتهم خلال الجلسة إلى أنه يحق لهم استئناف الأحكام الصادرة في حقهم خلال أجل 15 يوما من تاريخ صدورها.
فيما حذر رئيس المحكمة من صدرت في حقهم إدانات مع وقف التنفيذ من ارتكاب ما قد يجعل هذه العقوبات تدخل حيز التنفيذ، مردفا أن في حال وقع ذلك، فقد يعتبر عودا، ويؤدي لتشديد العقوبات.