الخدمات في الداخل الموريتاني.. سوء في العرض وفوضى في التنظيم - موقع الفكر

أعرشة مهترئة وخدمات دون أي احتراز صحي، وأسعار صاروخية، تلك هي حالة الطريق من نواكشوط إلى ولاته،  ومن نواكشوط إلى روصو، ومن روصو إلى سيلبابي، لافتات كبيرة ومتعددة، ومراهقون وسيدات يتوثبن متلفعين نحو أي سيارة تعبر الطريق، لكي تسقط في حبائل مطاعمهم التي لا يمكن أن تجد في البلاد عنوانا على الرداءة أكثر منها.

هي إذا مصفوفة من الرداءة، يستثمر فيها عدد كبير من المواطنين الطيبين  الذي لا يدركون المخاطر الناجمة عن عدم تمهين عملهم ولايتحملون مسؤولية تخلف الدولة عن مهامها السيادية.

ستكون محظوظا عندما تلقي بجسمك على قطعة أسفنجية أكل الدهر عليها وشرب، لتستلم بعد قليل فاتورة كبيرة مقابل خدمات لم يراع في تقديمها أبسط معايير السلامة الصحية و الأمان والنظافة، رغم أهميتها.

يجني أغلب هؤلاء وخصوصا في مواسم حركة النقل أرباحا هائلة، فذلك الجدي الأسك الذي اشتروه بثمن بخس دراهم معدودة سيتحول بعد قليل إلى شواء يدر أضعاف سعره  مرات، وذلك الشاي الذي يأتيك دون نظافة ولا تقدير لأذواق الناس، سيدفع الجميع ثمنه، مع أنه لم يكلف كثيرا.

وفي تحضير الشاي على مرأى منك باستخدام قناني البلاستيك، التي يمخض فيها الشاي لتخرج الرغوة التي باتت عنوانا لجمال وفتوة الشاي.

تلك هي صناعة السياحة الداخلية، وتلك الصورة التي تستقبل بها المدن زوارها.

- عمال غير مؤهلين، مشكوك في سلامتهم الصحية لأنهم لم يخضعوا لفحوصات طبية.

- لم يتدربوا على معايير السلامة والأمان

- آلات وأدوات تستخدم  بشكل مستمر في خدمة كل الزوار دون أدنى الاحتياطات الصحية.

- انعدام البنية التحتية في مثل  هذه المرافق مثل التسوير الحقيقي ودورات المياه، والمآرب والظل الظليل  المناسب.

- شح المياه وانعدام الكهرباء..

-عدم نظافة المتوفر من الأواني.

-عدم احترام القدرة الاستعابية لتلك الاستراحات..

- غياب تام لأي مظهر من مظاهر الرقابة على هذه الاستراحات التي يمكن أن تكون مصدرا لانتقال الأمراض..

ودون أي رقابة من البلديات ولا المجالس الجهوية، ولا الوزارات المسؤولة عن الصحة والتجارة، تسير تجارة تستزف جيب المواطنين، وتعرض صحته للخطر.

يتناغم هذا الشيئ الذي يسمونه المطاعم  والاستراحات في الداخل مع البداوة الراسخة في المجتمع الموريتاني، وحيث أنه لا يوجد أي قانون ولا محتوى تنظيمي لهذه الفئة من المناشط التجارية، فإن الجميع مرغم على الرضوخ للسعر والرغبة والأسلوب الذي يسير بها هؤلاء خدماتهم المحتاجة للتمهين. والرقابة.

ليس مستغربا أن يقف سائح أجنبي ليكيل الشتائم للبلاد، لأنه تعرض لاحتيال أو استغفال من أصحاب هذه النزل والمطاعم، أو لأنه تلقى كأس شاي تتربع على رغوته ذبابات، أو تلقى صحن شواء تتساقط عليها حبات من عرق الشواء الذي أعده.

ولا أنه سار يوما كامل بحثا عن نزل مناسب فلم يجد غير غرف وسخة تتقافز السحليات على جدرانها ونسجت العناكيب  قصة مخالفتها بين السقوف  والجدران.

وإذا كانت محلات العاصمة تتنافس على البهرجة والألوان مع مستوى كبير من رداءة المحتوى، فإن الطريق من بوتلميت إلى ولاته في تنافس مستمر على تقديم الرداءة في أكواب وصحون ميسرة للأمراض.

فقبل أيام عرجت على صاحب طعم بالقرب من وقفة الصكوك لأجلب من عنده شطائر وفطائر، ورغم أن المطعم مملوك لأحد أفراد الجاليات العربية فإنه بدأ يستمرئ  الفوضى فالعامل يسلخ ويفتح الخبز بيدين دون قفازات.
إن الدولة الموريتانية مسؤولة الآن وبشكل مباشر عن تنظيم هذا القطاع من الاقتصاديات المحلية، من خلال دعم وتنظيم ورقابة هذه الخدمات، ودعم هؤلاء المستثمرين الصغار من أجل تقديم خدمة صحية ونوعية.

يمكن لوزارة التجارة أن توفر لهؤلاء فضاء يمكنهم من بناء ضيافات مناسبة، ويفرض عليهم مجموعة من إجراءات السلامة الضرورية، أولا من خلال إلزام العاملين في هذه المحلات بتوفير سجلات متابعة صحية دورية تؤكد خلوهم من الأمراض المعدية، و تعهدهم بالتزام مستوى عال من النظافة  وإجراءات السلامة المطلوبة والمتعارف عليها في مثل هذه الاستراحات،  ويمكن للحماية المدنية أن تضع شروطها ودفاتر التزام لكل هذه الاستراحات، ويمكن للبيطرة أن تتأكد من صحة الحيونات المذبوحة والمتداولة، وللشرطة والقضاء أن يتأكدوا من أصل هذه المذبوحات ومن وضع نظام صارم لأمن وسلامةممتلكات الزوار وممتلكاتهم .

فضلا عن إلزام المستمر بتوفير بنية تحتية ملائمة فيها استراحات وحمامات وأماكن صالحة للتجارة وحفظ البضاعة من التلف والتحول إلى مخاطر تهدد سلامة المواطن وصحته.

وفي توفير حمامات نظيفة وأدوات قابلة للتعقيم، وفي تكوين المشرفين على هذه الضيافات وعمالهم على التعامل الصحي،  وحسن الخطاب، زيادة على رفع وعيهم الصحي وحمايتهم وحماية المواطنين من توفير الأجواء الميسرة لانتقال الأمراض.

إن إجراءات الحماية والاحترازات، ليست تكاليف إضافية بل هي جدولة لأرباح كثيرة في زمن قصير، وبعائد صحي وتنموي على البلد لا يمكن تقديره، لكننا في النهاية شعب ينزع إلى البداوة بشكل دائم

وزير التجارة والصناعة: تحسين وضعية أعرشة المطاعم والاستراحات مرتبط بتطور الخدمات في كل بلد

في رده على سؤال لموقع الفكر عن عدم اهتمام الوزارة بتمهين هذه الاسترحات، قال وزير التجارة والصناعة لمرابط ولد بناهي: " إن المطاعم وأعراشه الاستراحات على المحاور الطرقية في الداخل هي مبادرات خصوصية وحرة والنظم القانونية عندنا لا تمنع أي أحد من القيام بها.
والسلطات الإدارية التي تتبع لها هذه المطالب في كل ولاية لابد أنها مسؤولة عن رقابة جوانبها الصحية والشروط المطلوبة لافتتاحها، ولدى الوزارة مندوبيات جهوية في كل ولاية لابد أنهم يتابعون وضعيتها، وأي إخلال بالاشتراطات الصحية المطلوبة في هذه المرافق لن يسمحوا به.
أما تحسين واقع هذه المطاعم ليكون في مستوى ما قد يراه الفرد في بلدان أخرى فذلك يتعلق بمستوى تطورهذه الخدمات في كل بلد".( الفيديو مرفق)