تتجه روسيا بحسب وسائل إعلام في البلاد، نحو نشر قوات جديدة في إفريقيا تعرف ب”الفيلق الإفريقي” لتحل محل مجموعة “فاغنر” المنتشرة في عدة دول بالقارة، والتي تزايد الاهتمام بها بعد طرد القوات الفرنسية من مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر.
ووفقا لصحف روسية، فإن “الفيلق الإفريقي” سيكتمل نشره في أفق صيف 2024 بكل من ليبيا، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي بلدان إما توجد فيها بالفعل قوات من “فاغنر” أو أن الترتيبات كانت تجري لنشرها فيها.
وتتسم القوات الروسية المنتظر نشرها في إفريقيا كبديل عن “فاغنر” بأنها تتبع بشكل مباشر للإدارة العسكرية الروسية، ويشرف عليها الجنرال يونس بك يفكوروف نائب وزير الدفاع الروسي، الذي زار مؤخرا أربعا من الدول الخمس التي سينشر فيها الفيلق الجديد.
وتعتمد القوات الجديدة بالأساس على وحدات من شركة “فاغنر” والمقاتلين الأفراد الذين غادروا هذه المنظمة، وقد بدأ العمل على إنشاء الهيكل الجديد منذ وفاة أو مقتل مؤسس الشركة يفغيني بريغوجين في أغسطس الماضي.
ومن الواضح أن روسيا متمسكة بالبعد العسكري كمدخل رئيسي نحو توسيع وتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، وخصوصا البلدان غير المستقرة منها، ولكنها لم تعد تريد أن تكون “فاغنر” هي واجهتها في القارة، خصوصا بعد تمرد المجموعة العسكرية يوليو الماضي، وإعلان قائدها بريغوجين الزحف نحو موسكو، فمن هنا كانت بداية النهاية، والترتيب لما بعد بريغوجين و”فاغنر” في القتال بأوكرانيا، وفي الانتشار أيضا بإفريقيا.
ولكن روسيا ومن خلال انتشار الشركات العسكرية على غرار “فاغنر” كانت تتنصل من المسؤولية عن الأنشطة التي تقوم بها هذه الشركات في إفريقيا – حيث تتهم بانتهاك حقوق الإنسان، وبنهب الموارد – وذلك لعدم تقنينها، فهل يعني هذا أن موسكو الآن ستصبح تتحمل المسؤولية المباشرة؟ أم أن الفيلق الجديد سيصبح أكثر تهذيبا واحتراما للحقوق والموارد؟
قد يكون اختيار الدول الإفريقية الخمس التي تربط روسيا بها علاقات عسكرية وطيدة لنشر هذه القوات، ربما محاولة لتجريب تغيير الاستراتيجية الجديدة، وإعطائها الوقت لمعرفة مدى نجاعتها، مقارنة بتجربة مجموعة “فاغنر” رغم أن الفيلق الجديد، سيضم قوات من نفس المجموعة.
لقد تمكنت روسيا خلال العقدين الماضيين، من أن تصبح أكبر مصدر للأسلحة إلى القارة الإفريقية، حيث مثل السلاح حوالي 49% من إجمالي صادراتها إلى إفريقيا.
ومثلت بحسب معطيات لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حصتها نحو 37.6% من حصة سوق السلاح الإفريقية، متقدمة على الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والصين.
ولكن من غير المستبعد في التوجه الروسي الجديد، أن لا يكون الاعتماد فقط على البعد العسكري، وإنما يتم تنويع المتركزات، بحيث يصبح للشركات الروسية غير العسكرية، حضور في مجالات الاستكشاف والتنقيب عن المعادن، وهو النشاط الذي كانت “فاغنر” تقوم به.
إن تزايد الإقبال الدولي على إفريقيا عبر بوابة الشراكات الاقتصادية في أبعادها المتعلقة بالطاقة والنفط، خصوصا من طرف خصوم روسيا، جعلها ربما تغير استراتيجيتها تجاه القارة، وتحاول من خلال ذلك قطع الطريق أمام خصومها في الحرب بأوكرانيا.
ورغم أن هذه المحاولات قد تبقى محدودة في عمومها، إلا أن تأثيرها سيكون أكبر في البلدان التي اتخذت من روسيا شريكا بديلا عن فرنسا وباقي الدول الأوروبية.
كما أن روسيا ستسعى بلا شك، من خلال استراتيجية “الفيلق الإفريقي” إلى البحث عن منافذ جديدة لها في القارة، لا أن تنتظر وقوع انقلابات عسكرية، وطرد الحكام العسكريين لفرنسا من مناطق نفوذها التقليدية.