الإعلان عن مرصد لمراقبة الانتخابات في الوقت الضائع

قبل أقل من  أربعين يوما من اقتراع 29 يونيو 2024  عين الوزير الأول رئيس وأعضاء المجلس الوطني للمرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية 2024، ويطرح تعيين هذا المجلس في مثل هذا الوقت وبالأسماء المعلنة الكثير من التساؤلات التي تستحق أجوبة من الوزارة الأولى.

إن السؤال الأول الذي يطرح يتعلق بالتوقيت، فلماذا قررت الوزارة الأولى أن تؤجل تعيين رئيس وأعضاء المجلس إلى هذا الوقت، أي الوقت الضائع،  حيث لم يعد يفصلنا عن اقتراع 29 يونيو 2024 إلا 40 يوما؟ وماذا يستطيع أن يفعل المرصد خلال 40 يوما، حتى وإن افترضنا جدلا أنه يتكون من خيرة الكفاءات الوطنية، وأنه سيمنح كل الأموال والوسائل التي يحتاجها؟
إن الإشكالية الأولى التي ستواجه هذا المرصد هو أنه لا يملك ما يكفي من الوقت لتأدية الحد الأدنى من المهمة التي كُلف بها.
وتبقى الإشكالية الثانية تتعلق بالأسماء التي تم اختيارها لرئاسة وعضوية المرصد، فقد كان من المفترض إن كانت هناك رغبة جدية في تأسيس مرصد لمراقبة الانتخابات يتمتع بالحد الأدنى من المصداقية أن تصطفى لرئاسته وعضويته شخصيات وطنية مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والحياد، وأن تكون هذه الشخصيات من المجتمع المدني،  بمقدورها أن تقول، لا..، ونعم..ـ  إذا ماشاءت ببصر من حديد، أما أن يختار له رئيس ونائبه من حزب الإنصاف وممن يجاهرون ليل نهار بدعم أحد المترشحين (رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني)، فمثل هذا يوحي بعدم الجدية في مراقبة ومصداقية الانتخابات.
إن هذا الاختيار يدخل في إطار سياسة الرئيس محمد الشيخ الغزواني القائمة على التدوير وعدم ترك أي وزير سابق على قارعة الطريق، وذلك من خلال تخصيص كل المجالس التي تشكل للوزراء وكبار الموظفين السابقين، فرئيسة المجلس كانت وزيرة في عهد ولد الطايع، ونائبها كان وزيرا في عهد ولد عبد العزيز، يدركون بفطرتهم أن ساكن القصر الرمادي  تغير من زيد إلى عبيد.
وتبقى هناك إشكالية تتعلق بغياب المتخصصين في المعلوماتية والتقنيات الجديدة عن لائحة أعضاء المجلس، فمن المعروف أن التزوير التقني عن طريق المعلوماتية أصبح من أهم أساليب التزوير في الانتخابات، وتشهد على ذلك الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية، حيث تمكن أحد المترشحين من تزوير آلاف الأصوات عن طريق أحد مهندسي المعلوماتية في اللجنة المستقلة للانتخابات.
 ولولا يقظة أحد المترشحين لمرت عملية التزوير تلك بسلام، وهي العملية التي اعترف بها فيما بعد رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في واحدة من إطلالاته الأخيرة.
إن غياب وجود خبراء في المعلوماتية في لائحة أعضاء المرصد ليؤكد هو الآخر عدم الجدية في تأسيس مرصد قادر على مراقبة الانتخابات.
إن ما تم تشكيله مؤخرا لا يمكن تسميته بالمرصد الوطني، وإنما كان يجب أن تتم تسميته بمرصد الإنصاف أو الاتحاد من أجل الجمهورية وإن تشأ مرصد الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي لمراقبة الانتخابات.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المسؤولية في الإخفاق في تأسيس مرصد لمراقبة الانتخابات لا تقتصر فقط على الحكومة، بل إن هناك جزءا من المسؤولية تقع على عاتق الأحزاب السياسية في الأغلبية والمعارضة، وذلك لرفضها تشكيل مرصد في الانتخابات التشريعية الماضية ومطالبتها بتوزيع الميزانية المخصصة له على الأحزاب، حيث حصل كل حزب على 40 مليون أوقية قديمة.

لاجدال في أن الرئيس ولد الغزواني سيتخطى في الشوط الأول من الانتخابات بسهولة ويسر،  وأغلب المترشحين إتما يطمحون للحصول على نسبة معتبرة ومقبولة لحفظ ماء الوجه، لا أكثر، ومن هنا كان على الأغلبية ووزير ها الأول أن يفكروا بمنطق الدول لا بمنطق الأحزاب والمجموعات الضيقة، وأن يحيطوا نجاحهم بسور من المسؤولية والمصداقية، لا أن يتمادوا في تعكير الجو وإفساد الود واحتكار المناصب وتوزيعها كنوع من الإكراميات لأهل الولاء المتمحض للنظام، فهذا خطأ يجب تصويبه مادام المرصد على قلة حيلته وهوانه على الناس تأسس لمراقبة انتخابات عامة ويصرف عليه من أموال الشعب خلافا للوزير الأول الذي قال لسان حاله بخصوص المرصد: فإنّ الماء ماء أبي وجدّي .. وبئري ذو حفرت وذو طويت.

 

 

بقية الصور: