“لا أسميه القاء قبض، لأنها كانت عملية تسليم” بهذه العبارات وصف علاء نامق الذي اخفى صدام حسين لـ 235 يوماً في حفرة عام 2003، القبض عليه في كانون الأول من العام نفسه، في أول حوار مع الإعلام، أجرته معه شبكة رووداو الإعلامية بعد عرض فيلم “إخفاء صدام حسين” الذي لعب فيه دور الممثل الرئيسي، في أول دولة عربية هي السعودية.
لقى عرض فليم المخرج الكوردي هلكوت مصطفى، خلال مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، صدى واسعاً، خصوصاً مع حضور الممثل الرئيسي علاء نامق وهو الرجل الذي أخفى صدام حسين والمخرج الكوردي هلكوت مصطفى.
علاء نامق تحدث لأول مرة للإعلام، في حوار مع شبكة رووداو الإعلامية، بعد أن تحدث لأول مرة في فليم “إخفاء صدام حسين” عن قصة الحفرة الي أخفى فيها صدام لـ 235 يوماً.
سرده القصة في الفيلم، الذي عرض قبل ذلك في هولندا والنرويج، جاء بعد محاولات لاقناعه بذلها المخرج هلكوت مصطفى على مدى عامين.
ووصف علاء نامق في حديثه لرووداو، ما حدث في 13 كانون الأول 2003 بـ “عملية تسليم”، مشيراً إلى أن أصعب أيام صدام في الحفرة كانت عندما تلقى نبأ “استشهاد” أولاده وإن لم يبيّن ذلك للعراقيين.
حضر عرض الفليم في سينما “ماكس” خلال اليوم الثاني من فعاليات المهرجان عدد كبير من الفنانين والإعلاميين الذي شاركوا في جلسة حوارية مع المخرج والممثل الرئيسي بعد العرض. في 13 تشرين الثاني، عُرض الفيلم الوثائقي لأول مرة في الواجهة الأمامية “Front light” لمهرجان “إدفا” الدولي بهولندا، بحضور مخرج الفيلم. كما عرض الفيلم في صالة ‘Klingenberg’ بالعاصمة النرويجية أوسلو في 26 تشرين الثاني.
“كان يحمل مبلغاً بسيطاً ”
في حواره مع رووداو، بيّن علاء نامق أن والده هو من اتخذ قرار إيواء صدام حسين الذي كان قد شعر بأن أحداً من “جماعته” قد يبلّغ عنه وطلب تهيئة مكان بديل، لكن “حصل ما حصل” قبل يوم من الانتقال اليه.
أدناه نص حوار رووداو مع الرجل الذي اخفى صدام حسين:
“رووداو: كيف جاء، وهل كان يحمل الكثير من الأموال؟
علاء نامق: جاء بسيارة عادية وكان يحمل مبلغاً بسيطاً. أصعب يوم بالنسبة له وحزن فيه كثيراً كان اليوم الذي استشهد فيه أولاده. لكنه في نفس الوقت سجل خطاباً بيّن فيه للناس أنه ليس حزيناً وهما شهيدان في سبيل الله، وأنه تمكن من تقديم أولاده وهم أعز ما يملك، وأشَعر العراقيين بأنه ليس خائفاً من الأميركيين وليس حزيناً.
رووداو: من قرر أن يمكث لديكم. أنت أم والدك؟
علاء: والدي قرر ذلك. عندما جاء كان الأمر سراً. لكنني شاهدته. ثم كلفني والدي، وقمت بإخبار اخوتي تباعاً، حيث لم يكن ممكنا السماح بانتشار الخبر. كل فترة كنت أطلب حضور أحدهم وتمكنا من حمايته (صدام حسين) والحمد لله لحين تسليمه، ولا أسميه القاء قبض، لأنها كانت عملية تسليم في الحقيقة.
رووداو: ماذا جرى في آخر حوار معه؟
علاء نامق: في آخر حوار كان منزعجاً جداً وحدثت مشاكل وكان قد شعر بأن أحداً من جماعته سيبلّغ عنه. طلب مني تهيئة مكان بديل، وتمكنت من ذلك لكن الوقت لم يسعفنا للأسف، وحصل ما حصل يوم 13 كانون الأول (2003)، قبل يوم من انتقالنا إلى مزرعتي الثانية. حدث القاء القبض بين السابعة والسابعة والنصف”.
” لماذا تحدث لكوردي؟”
مخرج الفليم هلكوت مصطفى، أعرب عن “سعادة بالغة لعرض فليم (إخفاء صدام حسين) لأول مرة في دولة عربية بمدينة جدة. كنت اتطلع في الحقيقة للمناقشات مع المشاهد العربي، وسررت كثيراً بحضور الكثير من الصحفيين العرب من عدة دول”.
وأضاف: “المناقشات التي جرت مع المشاهدين بعد عرض الفيلم أثارت اهتمامي لأن هناك رؤى مختلفة جداً، لكن في النهاية أشهر أن هناك فهم عام، والجميع متفقون على أنها قصة إخفاء صدام حسين وليس قصته”.
هلكوت مصطفى أشار إلى جانب آخر أثار اهتمامه وهو “أن هذه القصة نتاج 12 عاماً من العمل وقد تم التأكد من الملعومات التي تضمنها الفيلم من حيث المضمون، وأتطلع لعرض الفيلم في كل أنحاء العالم بهذه الصورة الجميلة”.
وشدد على أن “رووداو جزء أساسي مهم في إنتاج هذا المشروع، وآمل أن يستمتع جميع المشاهدين بمشاهدته”.
المخرج هلكوت مصطفى
“عدم تمكن وسائل الإعلام في العالم من العثور على علاء أحدث ضجة عالمية، حيث لزم الصمت كل هذه السنوات، والسؤال الجدي هو: لماذا تحدث لكوردي؟” بحسب هلكوت مصطفى.
وأجاب على تساؤله بالقول: “أشعر بأن الأمر تعلق بالدرجة الأولى بقدرتي على التحمل. ثانيا، في اليوم الذي التقيت فيه بعلاء قلت له: الكلفة والوقت ليسا مهمين، ما يهمني هو إنتاج فيلم دولي بشأن تلك القصة الهامة، وهي قصة حفرة، وأشعر بأنها جذبت انتباه العالم حيث لا ملعومات بشأنها حتى الآن، وشخص واحد بإمكانه سردها هو علاء نامق الذي قام بإنشائها”.
“عملت عامين من أجل الحصول على موافقته، لكن الأمر كان مرتبطاً بشكل أكبر بحالته النفسية، حيث كان أحد المسجونين في سجن أبو غريب وكان خاضعاً لضغط نفسي كبير جداً ومنحته الكثير من الوقت الذي كان يحتاجه لسرد القصة التي لم يتحدث عنها حتى مع زوجته”.
” سردية عمرها 20 سنة”
بدوره، أشار الممثل السعودي عبد الله عسكر، إلى أن فيلم إخفاء صدام حسين “يحكي سردية عمرها 20 سنة قد ذهبت بخيرها وشرها واليوم تحكى لنا ولهذا الجيل. شخصياً ارتحت كثيراً. عندما رأيت هذا السرد عشت الأجواء والحالة التي مر بها العراق وشعبه، وكانت حالة صعبة لم تمر عليهم منذ آلاف السنين”.
تعد شبكة رووداو الإعلامية أحد الشركاء الرئيسيين بانتاج الفيلم الوثائقي، وتحتفظ بحقوق نشره في إقليم كوردستان والعراق، وقد تم عرض الإعلان الترويجي للفيلم “برومو” لأول مرة عبر شاشة رووداو.
عُرف هلكوت مصطفى سنة 2016 من خلال فيلمه (كلاسيكة) الذي حظي بسمعة دولية ونشر في أكثر من 56 دولة وحصد العديد من الجوائز الدولية.
في (20 آذار 2003) بدأت أميركا وحلفاؤها عملية عسكرية بهدف إطاحة نظام صدام حسين وسيطرت في (9 نيسان 2003) على بغداد لينتهي نظام حكم حزب البعث في العراق رسمياً، واختفى صدام حسين من يومها إلى أن تم العثور عليه في حفرة بمحافظة صلاح الدين في يوم (13 كانون الأول 2003) من قبل قوة أميركية، ثم تم تنفيذ حكم الإعدام فيه فجر يوم (30 كانون الأول 2006).