انواكشوط ...متى سيتغير واقع عاصمة إفريقيا؟

عُرِفت العاصمة انواكشوط بفوضويتها في كل شيء، أسواقها، شوارعها، حركة المرور فيها، أزقتها، مكبات النفايات فيها. 

 

كل شيء في العاصمة يخضع لنظام "الكزرة"، في أطراف العاصمة تنتشر ظاهرة الاستيلاء "الكزرة" على القطع الأرضية، وفي وسط العاصمة يتم الاستيلاء على كل ماهو متاح، ساحة عمومية، أمتار من الشارع، موقف أو ممر أو حتى موضع طاولة على شارع رئيسي .......

 

ظلت الحكومات السابقة تعتمد على ردات الفعل أمام هذه الممارسات، مطاردات آنية لمحتلي الشوارع العمومية، وهدم أو منح استيلاءات على الأراضي، كل هذا مع غياب خطة استراتيجية وطنية للتنظيم العمراني للمدينة. 

 

لم تستطع الحكومات المتعاقبة، وقف تمدد العاصمة في كل الاتجاهات، مع انتشار ظاهرة الأراضي البيضاء في كل منطقة من مناطق العاصمة،- أراضي شاسعة منحت لشخص أو أشخاص منذ زمن- لم تستثمر، بل بقيت، إما أماكن تجمع للقمامة، أو أماكن مهجورة، تشكل مأوى للمجرمين والمتعاطين، وتكون لعنة على من يجاورها. 

 

حتى مع إطلاق الدولة برنامج التنمية الحضرية، غابت الخطة الاستراتيجة، شرعت آلاف الأراضي للمواطنين في جوانب العاصمة، ورحل من رحل إلى أطراف المدينة البعيدة، بدون أي مقومات للسكن والإعمار، والأدهى والأمر أن الدولة هجَّرت جل المواطنين إلى الجنوب الشرقي ، وأسست المنشآت الحيوية في الشمال الغربي. 

 

حُول المرحلون إلى أقصى الجنوب الشرقي، وبنيت المستشفيات والجامعات أقصى الشمال الغربي، والنتيجة نزوح وغلاء للقطع الأرضية في الشمال الغربي،وتدمير لكل مقومات الحياة في الجنوب الشرقي للمدينة. 

 

وضع الجامعة في أقصى الشمال الغربي للمدينة أصاب العاصمة في مقتل، فكلما وصل أبناء أسرة- خاصة البنات- لمرحلة الجامعة، تطلعت عيون الآباء والأمهات إلى ملجأ قريب، لتبدأ رحلة النزوح نحو الشمال الغربي.

 

 

خلال الفترة الماضية أطلقت الحكومة برنامج "حياة جديدة"، وهو محاولة متقدمة للتغلب على المشاكل التي واجهت برنامج وكالة التنمية الحضرية، لكنها عالجت جوانبها الشكلية فقط، ولم تراع جوهر المشكلة، توفير الشوارع والمدارس ضروري، لكن تقريب مصالح الناس أولوية. 

 

هذا الوضع الكارثي لهذه المدينة المفتوحة، لايبشر قطعا بقرب عصرنتها وتنظيمها، لأنها تحتاج أولا خطة واضحة وشفافة، كما تحتاج صرامة في التنفيذ دون ظلم ولا مجاملة. 

 

مشكلة أخرى من بين المشاكل التي على الحكومة الجديدة، وضع حل جذري لها، خاصة في هذه الفترة التي تتوجه فيها الأنظار، إلى العاصمة انواكشوط، بصفتها مقر رئاسة الإتحاد الإفريقي، فهل سيكون لها نصيب من اجتماعات معالي الوزير الأول؟