الهجرة الدائرية.. كيف يمكن لموريتانيا الاستفادة من الاتفاق الجديد مع إسبانيا؟

لم تمض أكثر من ستة أشهر على زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لموريتانيا، حتى عاد إليها منذ أيام، حاملاً معه عرضًا جديدًا لنواكشوط في محاولة للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى بلاده.

فقد أصبحت موريتانيا، في الأشهر الأخيرة، نقطة عبور رئيسية نحو إسبانيا، إذ تسعى أعداد متزايدة من المهاجرين للوصول إلى الأراضي الأوروبية عبر جزر الكناري.

ومنذ بداية العام حتى منتصف أغسطس، وصل حوالي 22,304 مهاجرين إلى جزر الكناري، مقابل 9,864 مهاجرًا في نفس الفترة من العام السابق، بزيادة قدرها 126%. وبالنسبة لإسبانيا ككل، بلغت الزيادة 66%، حيث ارتفع عدد المهاجرين من 18,745 إلى 31,155 مهاجرًا.

هذه البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإسبانية دفعت سانشيز لبدء جولة إلى غرب أفريقيا، تشمل موريتانيا وغامبيا والسنغال.

الزيارة إلى نواكشوط توجت بتوقيع مذكرة تفاهم حول الهجرة الدائرية بين البلدين، تهدف إلى تعزيز التعاون في هذا المجال عبر تنفيذ مشروع تجريبي لاختيار العمال الموريتانيين للعمل في إسبانيا.

مضامين المذكرة

تضمنت مذكرة التفاهم الموقعة بين موريتانيا وإسبانيا عدة بنود، إذ ستتولى وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية بإبلاغ السفارة الموريتانية بعروض العمل المتاحة في إسبانيا، بما في ذلك المؤهلات المطلوبة وظروف العمل.

في المقابل، ستتولى السلطات الموريتانية اختيار المرشحين وفق نظام يعتمد على مبدأ تكافؤ الفرص.

بعد اختيار المرشحين، سيخضعون لمقابلات واختبارات في موريتانيا بحضور ممثلين من الجانبين، ليتم بعدها توثيق النتائج وإرسالها إلى إسبانيا لإصدار تصاريح الإقامة والعمل.

من البنود الأساسية في المذكرة، التأكيد على ضرورة عودة العمال إلى موريتانيا بعد انتهاء عقودهم، مع الحفاظ على سرية المعلومات المتبادلة بين الطرفين.

وتسري هذه المذكرة لمدة عام واحد، قابلة للتجديد بتوافق الطرفين، وفق ما جاء في نص المذكرة.

ما هي الهجرة الدائرية؟

وتتيح الهجرة الدائرية للأفراد الانتقال من بلدهم الأصلي إلى بلد آخر للعمل بشكل مؤقت، ثم العودة إلى وطنهم بعد انتهاء فترة العمل.

كما تساعد الدول التي تعاني نقصا في العمالة على العثور عليهم، وفي الوقت نفسه يعزز التعاون الدولي بين الدول.

وبدأت إسبانيا برامج الهجرة الدائرية منذ عام 2000، وتوسعت الدول المشاركة في هذه البرامج على مر السنين.

ففي عام 2022، وقعت اتفاقيات مع المغرب وكولومبيا وهندوراس والإكوادور، بموجبها جلبت إسبانيا حوالي  19 ألف عامل إلى إسبانيا.

وفي عام 2023، انضمت دول أخرى مثل السنغال والأرجنتين وأوروغواي، فقد استفاد من هذه البرامج حوالي 17 ألف شخص.

أما في عام 2024، فقد ارتفع عدد الدول المشاركة ليشمل 11 دولة، من بينها موريتانيا، بإجمالي حوالي 20 ألف عامل حتى الآن، وفق وسائل إعلام إسبانية.

فرص موريتانيا

وفقًا لدراسات متعددة نشرتها وسائل الإعلام الإسبانية، تحتاج إسبانيا إلى حوالي 300 ألف عامل مهاجر سنويًا للسد النقص الحاصل في الوظائف.

وبحسب وسائل إعلام، فإن برنامج الهجرة الدائرية يمثل جزءًا من استراتيجية الهجرة الإسبانية التي تركز على حقوق الإنسان والهجرة النظامية والاندماج المهني والاجتماعي.

وتعتبر الحكومة الموريتانية أن برنامج الهجرة الدائرية سيوفر فرص عمل مهمة، مع إمكانية تحقيق فوائد اقتصادية طويلة الأمد للبلاد.

في هذا السياق قال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، إنه يعول كثيرا على الالتزام الشخصي لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لتسهيل الهجرة الشرعية للموريتانيين إلى إسبانيا وأوروبا، وتشجيع الهجرة الدائرية.

أما سانشيز يرى أن الهجرة الدائرية تعد الحل الأنسب لمحاربة ما سماها ب”المافيات التي تتجار بالبشر”، وذلك في إشارة إلى شبكات التهريب.

وقال في مؤتمر صحفي مع ولد الشيخ الغزواني، إن “المذكرة التي وقعت مع موريتانيا ستسمح بإدارة ظاهرة الهجرة بطريقة انسانية وآمنة ومنظمة لصالح مجتمعنا”، على حد تعبيره.