حدد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، حسب تصريحات نقلتها مصادر مقربة منه أمس، أواخر الشهر الجاري موعدا نهائيا لإطلاق الحوار السياسي الذي طال انتظاره.
وجاء هذا التحديد في ظل استمرار المعارضة الموريتانية الجادة في مقاطعة هذا الحوار بسبب عدم إشراكها في التمهيد له وعدم وجود ضمانات لتطبيق صارم لمخرجاته.
وفي ظل غياب أي توضيحات رسمية جديدة حول قضية الحوار ذكر موقع «زهرة شنقيط» الموريتاني الإخباري المستقل «أن الحزب الحاكم بدأ التهيئة لترتيبات الحوار الذي وعد به الرئيس، من أجل إقرار جملة من الإصلاحات السياسية يرى الحزب أنها ضرورية لترقية الديمقراطية في موريتانيا».
وفي سياق ذي صلة، تحدثت مصادر لوكالة «الطوارئ» الإخبارية المستقلة عن «مقترح ستعرضه الأغلبية على الحوار المقبل يتعلق بتعديل دستوري يحدد سن الخامسة والعشرين عاما سنا موحدة دنيا للترشح لجميع المناصب الانتخابية دون تحديد سن أعلى».
هذا ولم تتراجع أحزاب المعارضة الموريتانية المنضوية تحت لواء المنتدى الوطنى للديمقراطية والوحدة المعارض عن قرارها مقاطعة الحوار الذى دعت له الحكومة، بعد انهيار التشاور الذي كان جاريا بينها مع الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد الأغظف.
وفي حال ما إذا استمر الوضع على هذه الحال فإن دورة الحوار الذي حدد الحزب الحاكم تاريخ انطلاقتها بعد أسبوع من اليوم، ستشهد مقاطعة أحزاب سياسية كبرى بينها حزب تكتل القوى الديوقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب «عادل» برئاسة الوزير الأول الأسبق يحيا ولد الوقف وحزب «تواصل» المحسوب على إخوان موريتانيا، وحزب اتحاد قوى التقدم برئاسة محمد ولد مولود، وحزب حاتم برئاسة صالح ولد حننه.
وبالنسبة لموقف المعارضة من الحوار وشيك الانطلاق، فقد عبر عنه القيادي المعارض البارز محمد ولد مولود في تصريحات أدلى بها قبل أيام لصحيفة «نواكشوط/أنفو»، حيث أكد «أن منتدى المعارضة الموريتانية متمسك بمسار الحوار لكن عبر تحضير حوار وطني، يبدد جو عدم الثقة الذي كان قائما، نتيجة لمآخذ المعارضة على السلطة فيما يخص الحوار».
وقال «يجب التذكير بأن المنتدى حصل من السلطة على الموافقة على هذه اللقاءات التمهيدية، وعلى ضرورة تبديد هذه الشكوك، وأن السلطة وعدت أو أكدت، استعدادها للتجاوب مع تلك المطالب في المرحلة التمهيدية التي سيتأكد خلالها أن نيتها صادقة، وأنها فعلا تريد حوارا جادا، فمقاربة اللقاءات التمهيدية مقاربة مشتركة بيننا والسلطة».
وأضاف «لكن تنكر السلطة لهذا التعهد حتى ولو لم يكن صريحا، ورفضها العملي للرد المكتوب الذي طلبناه من شأنه أن يعيدنا للصفر، وللشكوك في نيتها، وأنها غير صادقة، وأنها غير مستعدة لحوار جاد، والهدف من المسار كله كان إعادة جو نسبي من الثقة في هذا الحوار الذي سيتم تنظيمه، إذن نحن ما زلنا على موقفنا، نتمسك بالمسار الذي كنا نسير عليه، وهو التحضير لحوار وطني بلقاءات تمهيدية تمكن من تبديد الشكوك، والتأكد من نوايا كل الأطراف».
وحول الأهداف التي تريدها المعارضة من الحوار، أكد ولد مولود «أن الحوار ضروري لأن البلد يعيش أزمة سياسية، وهذه الأزمة السياسية تتلخص في المعادلة التالية: النظام القائم الآن لم يعد قابلا للبقاء، لا قانونيا، بالالتزام بالدستور، ولا سياسيا لأنه يشكل عقبة حقيقية أمام الشعب الموريتاني في كل طموحاته الحيوية. وبمعنى آخر هذا النظام قائم على احتكار السلطة، وسد الباب أمام التناوب السلمي لها، وقائم على مركزة الثروة، وإقصاء الآخرين، وقائم على تجاوز القانون، وكل الشعب الموريتاني يطالب الآن بالعدالة، ويتوق إلى العدالة، إذن حاجة النظام للبقاء تدفعه لمناقضة كل طموحات ومطالب الشعب الموريتاني، وهو تناقض أضحى صارخا، وشبه يومي، ولم يعد بإمكان الشعب تحمل هذا النوع من الحكامة، كما أن هذا النوع من الحكامة لم يعد قابلا للاستمرار ولا للبقاء».
«فإذا كان النظام أو الرئيس يناور ويريد حوارا، يضيف ويريد انتخابات، ويريد شكلا ديمقراطيا من أجل إبقاء نظامه واستمراره في السلطة لفترة أخرى إضافية، فبالطبع سيقود البلاد إلى ما قاد إليه صالح اليمن، وإلى ما قاد إليه بوزيزي وسط إفريقيا، وإلى ما قاد إليه ابليز كومباوري بوركينا فاسو، لأنهم كلهم رؤساء كان لهم حرس رئاسي، وكانوا متشبثين بالسلطة بشكل كبير، وكانوا لا يولون أي اعتبار لقدرة الشعب على رفض إرادتهم». وحول ما إذا كانت المعارضة غير مستعدة لحوار الرئيس عزيز خارج الطريقة التي سيغادر بها السلطة، قال محمد ولد مولود «يجب على الرئيس أن يغادر، لأن الدستور يمنع عليه أي مأمورية جديدة، والقضية ليست محل نقاش، ولا تقبل المحاولة، وثانيا النظام الذي يمثله بممارساته من احتكار السلطة، ومركزة الثروة، وتجاوز القانون، هذا أضحى ملفوظا، ليس فقط من طرف الشعب، وإنما أضحى بقاؤه مناقضا للمصالح الحيوية للشعب الموريتاني، فبقاؤه بهذا الأسلوب، وبهذه الحكامة ضد بقاء الشعب، وضد بقاء البلد».
وفيما تقبل موريتانيا على دورة حوار جديدة تقاطعها المعارضة، يطرح المدونون الموريتانيون الذين باتوا يشكلون قطبا سياسيا وإعلاميا مستقلا، أسئلة حائرة كثيرة بينها السؤال عن حقيقة الحوار الذي يدعو له الحزب الحاكم في الأيام المقبلة، وهل هذا الحوار هو نفسه الذي كان يحضر له الوزير الأمين العام للرئاسة؟ أم هو حوار آخر؟ ومن سيشارك في هذا الحوار؟ وما هو موقف المنتدى وتكتل القوى الديمقراطية من حوار أو محاورة الحزب الحاكم المرتقبة؟ وما هو موقف أحزاب المعاهدة منه؟ وأين نحن من الحوار الذي أعلن الرئيس يوم 3 ايار/مايو 2016 عن انطلاقه في «بحر أسبوعين أو ثلاثة بمن يحضر؟»
هذه أسئلة حائرة من أخرى ينشغل المدونون الموريتانيون هذه الأيام بنقاشها، ويبحثون لها عن أجوبة مقنعة وسط مشهد سياسي يعتبره معارضو نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مشهدا «شديد الإنسداد والتأزم».