كتب الأستاذ الجامعي والمحامي يعقوب السيف:
إذا مقتضيات المادة 42/جديدة) تعد حصول برنامج وزير أول مكلف على تقة البرلمان شرطا للوجود القانوني لحكومته ، فإن الممارسة تكشف عدم الاكتراث بتلك المقتضيات :
1-دأبت الحكومات المكلفة، التى يفترض أنها تظل حكومات تصريف أعمال قبل تحقيق ذلك الشرط ،على التصرف بخلاف ذلك ،من خلال اتخاذ إجراءات خصوصية وحتى عرض مشاريع القوانين ...
2-بعضها لم ينل تلك الثقة أصلا :
حكومة الوزير الأول المنهدس محمد سالم ولد البشير ،التى تعد أول حكومة تعين بعد إنفاذ مقتضيات (المادة 42/جديدة) ، لم تنل ثقة النواب رغم تقديمها لبرنامجها فى الأجل المطلوب وتمتعها بالأغلبية المطلقة داخل البرلمان ،وذلك للخطأ المسطري الذى وقع فيه رئيس البرلمان ؛عندما لم يخضع منح الثقة لتلك الحكومة لاقتراع تحتسب فيه الأصوات المناوئه فقط، ومنحها الثقة تأسيسا على المادة 135 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية التى تتعلق بطرح مسألة الثقة بغية تمرير نص دون اللجوء للتصويت ، حيث يجاز النص حينها مالم يتم التصويت على ملتمس رقابة مقدم فى الأربع (24) ساعة اللاحقة ، وتحتسب فى التصويت عندئذ الأصوات المؤيدة لملتمس الرقابة.
3-وبعضها شابت جلسة التصويت على منحه الثقة خروقات تمس مصداقية ذلك التصويت.
4- بعضها تنتظر وما بدلن تبديلا ...
وفي تدوينة سابقة كتب الأستاذ السيف عن الخروقات التي شابت جلسة التصويت على منح الثقة في حكومة إسماعيل ولد بد ولد الشيخ سيديا:
شابت جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة الوزير الأول إسماعيل ولد بد ولد الشيخ سيديا خروقات عديدة أبرزها بالرجوع للشريط التسجيلي لوقائع تلك الجلسة :
1 - خرق (المادة 73/ف7) من النظام الداخلي للجمعية الوطنية التي تنص على:" لا يمكن أن تقل مدة عمليات التصويت في هذين الصنفين من الاقتراع-العمومي العادي والعمومي على المنصة-عن ثلاثين(30) دقيقة" وذلك حين انتهى التصويت في أقل من ثلاثين دقيقة؛ حيث بدأت المناداة على أول مصوت عند (34.29:7) من بدء الجلسة ووضع آخر مقترع بطاقته في الصندوق (14.58:7).
2 - خرقت كذلك الفقرة 6 من نفس المادة حين باشر رئيس الجمعية الوطنية شخصيا عملية الفرز، واكتفى الكتاب بالتفرج على العملية قبل أن يطلب الرئيس منهم مساعدته:(52.58:7)، رغم النص في تلك الفقرة على:" تفرز الأصوات من قبل الكتاب...".أما الرئيس فيترك له إعلان النتيجة.
3 - طال الخرق أيضا الفقرة 2 من نفس المادة التي تنص على:"يحظر وضع أكثر من بطاقة في الصندوق لأي سبب من الأسباب..." ما يفهم منه أن الوكالة لا تبرر وضع النائب لبطاقته وبطاقة موكله داخل الصندوق في نفس الوقت:( 24.47:7-58.49:7)
تنظيميا بالتفريق بين عملية التصويت بالأصالة والتصويت بالوكالة يتقيد بنص القانون ويسهل ضبط ورقابة عملية التوكيل المشروط حصرا في ثلاث حالات لا يسمح به خارجها؛ كما جاء في المادة 71 من النظام الداخلي للجمعية:"... مرض أو حادث جلل يمنع البرلماني من الحضور؛
مهمة مؤقتة مسندة له من قبل الجمعية الوطنية؛
وجوده خارج أرض الوطن في حالة دورة استثنائية ..."
4 - طال الخرق بطاقة التصويت التي لم تحترم المواصفات المحددة في المادة 73/ف1 من النظام الداخلي التي تحددها على النحو التالي:" البطاقة البيضاء إن أراد المصادقة وزرقاء إن كان سيصوت مضادا وبيضاء مخططة بالأزرق للامتناع عن التصويت ..." حيث سمع صوت الرئيس وهو ينبه لحظة الفرز إلى اختلاف وجهي بطاقة التصويت:(16.59:7-05.00:8)؛ ما يجلها تعنى القبول والرفض أو الرفض والحياد في ءان.
5 - خرقت سرية الاقتراع التي وجدت لضمان حرية الناخبين ومنع الرقابة على خياراتهم أو التأثير فى إراداتهم، حين سمح رئيس الجمعية الوطنية بتواجد أكثر من نائب وراء الساتر الانتخابي رغم صيغة الاعتراض التي أبلغ بها عن تلك الحالة:(52.48:7)
وجلب بعض المصوتين معهم للبطاقات التي لم تستخدم في التصويت، هو الآخر، يلغى ويؤثر، في الحد الأدنى، على سرية الاقتراع:(39.56:7)
6 - تم خرق (المادة 57/ف6) من النظام الداخلي التي تقضى أن يلزم النواب أماكنهم عند نهاية الجلسة حتى يغادر الرئيس قبة البرلمان، حيث تحرك السادة النواب نحو المجلس المخصص للحكومة حتى قبل مغادرة الرئيس للمنصة!
مع كل ذلك عرفت عملية إعلان نتائج الاقتراع كما نقلتها وسائل الإعلام تصرفين لافتين يستحقان الإشادة:
توجيه رئيس الجمعية لتوفير الأغلفة التي استخدمت في الاقتراع لعمليات التصويت اللاحقة:(43.59:7)؛
وتحية التشجيع والتقدير التي وجهها عفويا لجهة جلوس المعارضين بعد إعلانه لعدد المصوتين ضد منح الثقة:(22.05:8)
إلى أن تلغى القاعدة غير المكتوبة بتبعية نواب الشعب لمؤسسة وشخص رئيس الجمهورية، لن يكون طلب الحكومة لثقة البرلمان حدثا تفرض جديته التقيد الصارم بالقوانين؛ فالثقة في القانون تحتاج لثقة الهيئة التشريعية في نفسها كسلطة تشريع ورقابة، ومع تعديل (المادة 42) كسلطة شريكة في تعيين الحكومة.