قد كشف البيان، الهزيل المعنى والمبنى لحزب "التكتل"، عن مدى الحقد وخيبة الامل التي يعاني منها البعض، جراء تمكن بلادنا من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي عانت منها العديد من بلدان العالم بسبب انهيار أسعار المواد الأولية، حيث أننا تمكنا من استيعاب آثار الأزمة التي دفعت بالعديد من دول العالم لاتباع سياسات تقشفية، ظلت حكومتنا بمنأى عنها، بناء على السياسة الرشيدة التي تم اتباعها من طرف الحكومة بتوجيهات من رئيس الجمهورية والتي ساهمت في ترشيد الموارد التي تم الحصول عليها خلال سنة الرخاء التي سبقت الأزمة، فكان هذا العبور الآمن مؤلما للبعض و غير قادر على استيعابه وفهمه. إن القارئ للبيان يدرك من خلال الاسطر الأولى مدى تهافت هذه الادعاءات المحشوة بأرقام جوفاء ومغلوطة، تم انتقاؤها بعناية في إطار من المقارنة بفارق، ومع ذلك نضحت هذه الادعاءات باعترافات ضمنية بما تحقق من إنجازات من خلال سرد هذه الانجازات الواحد تلو الآخر. لقد عرت المقدمة التي يفترض أن تكون خلاصة لعملية التلاعب بالأرقام والمعلومات، مدى ضعف الحجج التي تقدم بها محرروا هذه البيان في محاولة يائسة للفت انتباه القارئ و اختطاف عقله، حتى لا يكشف مدى زيف هذه الادعاءات المجانفة للحقيقة،فعندما تم تشخيص الوضع الاقتصادي للبلد تم بناء هذا التشخيص على أساس اسقاط سخيف، لأزمة سياسة تعشعش في أذهان البعض ليحولها بذلك إلى أزمة اقتصادية تشكل حلما بالنسبة له، انكسر على أسوار الحكامة الرشيدة التي أوصلت البلد إلى بر الأمان، دون أن يتم تراجع أو تعديل للوعود التي تقدمت بها الحكومة، وتم تنفيذ ها من خلال ميزانيات الاستثمار و التسيير التي كانت مبرمجة، رغم أن الأزمة كانت مفاجأة وطويلة الأمد نسبيا. رغم أن حبل الكذب قصير إلا أن القائمين على إنجاز هذا التقرير المزيف أصروا على محاولة إطالة هذا الحبل، من خلال 9 صفحات معلوماتها مفبركة لا تساوي الحبر الذي كتبت به، فالحديث عن الفقر لم يتجاوز الأسطوانة المشروخة التي تصفه بالمدقع، دون أن تتم الإجابة على السؤال الجوهري، كم كانت نسبة الفقر في موريتانيا وأين وصلت اليوم؟ ولك أن تقيس على ذلك عندما تحدث البيان عن الصعود المذهل للأسعار، والتدخل المباشر والعشوائي للدولة في الاقتصاد، وتدهور مناخ الأعمال.. وتبدأ مسخرة التناقض عندما يتم الحديث عن المداخيل المعتبرة التي تحصلت عليها الدولة، فبافتراض صحة هذه الأرقام،هل يمكن لدولة فاشلة كما حاول البيان أن يسوق خلال السطرين الاولين، أن تحصل على كل هذه التمويلات الخارجية، أو لقطاع خاص مفلس أن يدفع هذه الضرائب؟ قد لا يتسع المقام هنا للرد على كل المعلومات والأرقام الزائفة التي تم نشرها لكننا سنختار نماذج لإظهار مدى تهافت هذا البيان على أن يكون لنا رد مفصل على كل الأكاذيب التي تم نشرها مستقبلا: ـ من الجلي أن بيت القصيد في كل هذه الزوبعة هو محاولة الدفاع عن قوى الفساد التي غلت أيديها عن المال العام، من خلال الحديث عن استهداف دوائر أعمال وإطلاق أيدي أخرى، لكن لماذا لم يذكر البيان عدد هذه الدوائر التي تحاربها الدولة ويظهر نسبتها إلى الدوائر التي مازال أصحابها يعملون بكل أريحية في البلد دون عوائق، من الواضح هنا أن لعبة الأرقام تقتصر على ما قد لا يسهل على العموم استيعابه. ـ إن الحديث عن عدم الاهتمام بأولويات البلد يبدو سخيفا، فعندما تكون الزراعة بشقيها، والبنى التحتية والكهرباء والماء والصحة والتعليم.. هي القطاعات الاساسية التي تستحوذ على نصيب الأسد من ميزانية الدولة، ترى ما هي الأولويات الأخرى التي يتحدث عنها هؤلاء. ـ أما بخصوص الطاقة فإن عملية إخفاء الحقيقة التي تم اعتمادها تبدو سخيفة جدا، فعندما نعتبر تحقيق الاكتفاء الذاتي مذمة، بناء على مشاكل فنية في شبكة نقل الكهرباء بسبب تهالك في الشبكة القديمة فإن الموضوع يبدو غريبا فعلا، فمشكلة الطاقة كما هو معرف عالميا هي الحصول على الاكتفاء الذاتي والكمية الكافية أولا أما النقل فهو مشكلة ثانوية يسهل التغلب عليها لكنها قد تحتاج بعض الوقت، بالتأكيد الحديث عن تعثر التصدير للسنغال فرية لا تستحق التعليق. ـ أما عن الاستصلاحات الزراعية والحديث المبهم عنها، مثل قناة الري التي يبلغ طولها 55 كلم والتي وصفت بأنها تعاني من مشاكل فنية دون تحديد نوعية هذه المشاكل فالأمر لا يتجاوز محاولة لطمس حقيقة إطلاق فخامة رئيس الجمهورية إشارة ضخ القناة التي تمتد في مرحلتها الاولى 17 كلم خلال شهر يوليو الماضي، وقد مكنت السياسة الحكومية في المجال الزراعي خلال الموسم الماضي من سد نسبة 85٪ الاحتياجات الوطنية من مادة الأرز مثلا. ـ أما عن تدهور مناخ الاعمال فإن ادعاءات البيان تتناقض و شهادة البنك الدولي الذي صنف بلادنا من بين الاقتصاديات العشرة التي شهدت أكبر تقدم مابين 2014/2015 في المجالات التي يقيسها تقرير تحسن مناخ الاعمال. وقد نفذت هذه الاقتصادات العشر، الأكثر تحسنا، 39 إصلاحا تجاريا، مما يجعل مما يسهل القيام بأعمال تجارية. ـ أما بخصوص "هونغ دونغ" فإن الأمر لا يعدو تبنى وجهة نظر بعض المستفيدين من الفساد الذي كان يضرب قطاع الصيد والذين أسقط في أيديهم صلابة الموقف الموريتاني خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوربي والتي كشفت حقيقة من يتمسك بمصالح البلد.
لقد كان البيان/ الافتراء، في حقيقته اعترافا غير مقصود بالإنجازات الاقتصادية الهامة التي تحققت في البلد منذ 2008 وإن حاول المعترفون إلباس هذا الاعتراف ثوب التشكيك فجاء الأمر على غير ما قصدوا.