يجد اى مسير لمؤسسة التلفزيون الوطني نفسه امام تحديين لن يدركهما اﻻ بعد ان يقع في عش العنكبوت .
ان المهمة الاساسية للمؤسسة الاعلامية بعيد عن التنميق والاصباغ والمصطلحات التي تتطلب لي اللسان و نفخ الاوداج هي كسب الرأي العام والقدرة علي توجيهه ما امكن ما دامت عملية تحصينه اثبتت سخافتها واستحالتها معا ولن تتمكن طواقم المؤسسة من ذلك ما لم تحقق القدرة علي لفت الانتباه
..انتباه المشاهد وليس المسؤول وهذه جزئية بالغة الاهمية حيث ان من اسباب الاصابة بسرطان الخمول التقوقع في اخر الطابور بين القمامة والغبار في انتظار اشارة يقرأها احد عرافي التلفزة مفادها ان حضرته يريد كذا وﻻ يريد كذا مع ان حضرته قال بلسان فصيح داخل مبني التلفزيون ان الكاميرات يجب ان تنزل الي سوح الخبر واﻻ فسنجد انفسنا في مؤخرة الركب .
هذه المهمة الجوهرية هي التحدي الاول الذي يطل بوجهه البريئ للمسير حال استلامه لمهامه وستحتضنه جدران مكتبه بحنو وتهش في وجهه اروقة المبني وترقص ابواب مكاتب المسؤولين فرحا بجولته مثلما رقصت دائما لكل مسير سيجلس محاطا بادمغة خلاقة وسيستغرب كيف ان مؤسسة بهذه الامكانيات لم تقدم للرأي العام اﻻ كل قث و هزيل.
سيبدوا الحل سهلا كالفشل وقريبا كالموت ولذيذا كالطعم... وسترجع يوما يا ولدي مهزوما مكسور الوجدان ..لان الحقيقة هي ان هذا المسير امام معضلة عظيمة انه يواجه مدفعا بحزمة من هشيم .
لن تطول اشهر العسل فاخونا الذي سيبدأ عهده بالشروع في تنفيذ مقترحات اهل النهي لا يعرف انه بدأ مشوار الالف خطوة نحو عش العنكبوت السام فهدفه الاستراتيجي لن يصل اليه الا عبر السير علي حبال مدها رموز برلمان روما نهاية اطرافها معقودة بعود تحت سطل كبير تحته الخزائن السود التي ﻻ تفتش ....ومن منا ﻻ يجيد صيد الحمام .
سيردد نفس الكلام الذي حفظناه جميعا عن ظهر قلب لكثرة ما سمعناه وستحدد النواقص وترصد اموال لتوفير التجهيزات كل هذا بالتشاور مع المسير لكن هناك في مجلس الشر يتلقي ابليس خبر مفاده ان اموالا قد رصدت فيستنفر قبيله لتبدأ المعركة السيزيفية بين اعضاء برلمان روما... فالقيصر يريد شئ وهم يريدون شئ اخر ومن هنا وباقتحام جند ابليس اسوار مؤسستنا الموقرة يطل التحدي الثاني بوجهه القبيح وتبدأ معركة تشتيت الجهد .
الحزازات الداخلية وعدم التجانس وصراع اصحاب النوايا الحسنة واصحاب النوايا السيئة وما بين ذلك قواما والمتراصفين حمية للقبيلة وللنقابة ولإخوة السلاح... لعان الاجيال ومزاحمة الجهل للمعرفة وأمور اخري ﻻيعرفها اﻻ الراسخون في العلم وقوم يصنعون لانفسهم شأن ومقاما بالسخرية من الناس واخوة لهم تعرفهم بلحن القول و اخرين ﻻ يكادون يفقهون قولا ... وامور اخري ستجعل المسير يجزم ان سد ذي القرنين اصبح هشيما ..هذه البيئة هي التي ستسرق اهتمام المسير وتصرف جهده الرئيسي عن هدفه الاستراتيجي السالف الذكر بل وستصيبه بالاحباط في النهاية لانه سيدخل في متاهة من الصراعات البينية السخيفة المدفوعة اساسا برغبة مسعورة في الانتفاع وكل ما تبينت خيانة برلمانية تكشفت لقيصر هشاشة قبضته وادرك شيئا فشيئا ان الخزائن السود التي ﻻ تفتش ضباع ﻻ بد لها من قوت.
وبحكم خوفه علي الميزانية التي تتناهشها افكار ابليس بانيابها الناعمة يستميت المسير في الدفاع عنها وينصب اهتمامه علي محاربة مظان ثقته ليكتشف بعد عمر انه نسي من يكون وضاعت عليه حقيقة انه يدير تلفزيون ينتظر منه ان يقدم للرأي العام ما يجعله مؤهلا للتحكم فيه او التأثير فيه او ....اي كان فيه.... وبنظرة فاحصة من فوق مكتبه : التله يطالعه الصدأ والغبار وتلفزيون لوحة ...مرسومة بالاسود والرمادي... وقلة من اهل روما يعرفون حق المعرفة ان الذنب ليس ذنبه....